عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رد الفعل العاجل الرئاسى على أنين مرض البحيرة القاسى حماها من تضاعف المآسى

بوابة الوفد الإلكترونية

فى أولى أبحاثه عن عام 2019 أعد الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة فى حماية البحيرات بعنوان : « التعدى على بحيرة مريوط أو تلويثها أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها , جريمة لا تسقط بالتقادم بقوة الدستور , وكلمات الرئيس عن عودة البحيرة أكبر مصالحة فى تاريخ مصر مع البيئة . دراسة تحليلية  فى ضوء الحق فى البيئة والحفاظ على الثروة السمكية وصحة الإنسان". نشره على الصفحة الرئيسية لموقع نادى قضاة مجلس الدولة , جاءت الدراسة عقب زيارة السيد الرئيس لمدينة الإسكندرية لافتتاح عدد من المشروعات بمشروع «بشاير الخير 2» بغيط العنب. يواصل فيه الفقيه الكبير القاء الضوء على عدة حلول عملية حول اشكاليات قانونية واجتماعية لبحيرة مريوط  -

ونعرض فيما يلى للجزء الثالث من تلك الدراسة الهامة فى العناصر التالية :

أولاً: رد الفعل العاجل الرئاسى  على أنين مرض البحيرة القاسى حماها من تضاعف الماسى :

يقول الدكتور محمد خفاجى إن حال البحيرة المبكى منذ عشرين عاماً يمثل أنينا حزينا لم يسمعه أحد سوى الرئيس السيسى بعد هذا العمر الطويل من التعدى على جسدها , بأمانة القائد وإحساس بأوجاع البحيرة وصرخها  استجاب القائد لندائها وأمر على الفور بعلاجها , وقد كانت بحيرة مريوط وهى مال عام، أفاء الله سبحانه وتعالى بها على الوطن لخير المواطنين بأجيالهم المتعاقبة ، لتكون مصدراً لرزق ألاف الصيادين ، ومورداً للدخل القومى، وركناً من أركان جمال البيئة بالإسكندرية ، فإن المتبع بحال البحيرة يجد أن التصرفات التى تمت على جسمها أثر على فئة من فئات المجتمع وهم الصيادون الذين  يعيشون على مهنة الصيد ، الذى يدر عليهم رزقاً ساقه الله لهم.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أنه كان للتعدى على بحيرة مريوط  أثر على المواطنين الذين آلفوا الاعتماد فى غذائهم على الأسماك وتنوعها ، فجف رافد منه كان فى متناول فقراء المجتمع أيضاً، وكانت البحيرة فيما مضى منتجة فى ذاتها ، تتكاثر فيها الأسماك وتدر دخلا كبيراً، وينعم بالارتزاق عليها آلاف الصيادين وأسرهم، وكانت لا تحتاج إلى مصروفات أو معدات للتنمية ، وكان يكفيها أن تسلك الدولة فى عقدين من الزمان مضت طريقاً يحفظ عليها سلامتها دون أذى ، أى ألا تمكن أحد من العدوان عليها بالتعدى , أيا كانت صورته سواء بالتجفيف أو الردم أو إقامة المنشآت  فى جسمها، وهى كائن حى يستصرخ .

ويذكر الدكتور محمد خفاجى لذا كان وعد السيد الرئيس بعودة  البحيرة كما كانت , أنقذها من الهلاك , بدعوته  بعودتها لسابق عهدها , وهو الملاذ للوطن يرد ألم ظالم التى حاقت بالبحيرة، ويعيدها إلى سيرتها الأولى نقية بغير سوء، بعد أن أدرك كائناتها الموات، ومُنيت جنباتها بالنقصان والاضمحلال .

ثانياً : التعدى على بحيرة مريوط أو تلويثها جريمة لا تسقط بالتقادم بقوة الدستور

يقول الدكتور محمد خفاجى الرأى عندى ,أن جميع أنواع التعدى على بحيرة مريوط والعدوان عليها أيا كانت صورته , أو مدته الزمنية الماضية , جريمة لا تسقط بالتقادم , تأسيساً على أحكام الدستور فيما أورده من تقابل الالتزام مع الحظر فى الحفاظ على البحيرات مهما طال الزمان فى المادة 45 منه , فمن ناحية أولى استناداً إلى الالتزام الدستورى الواقع على عاتق الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية , ومن ناحية ثانية استناداً إلى الحظر الدستورى  على الكافة بما فيهم سلطات الدولة الإدارية  بحظر التعدى عليها أو تلويثها أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها , وحق كل مواطن فى التمتع بها مكفول , والحفاظ على الثروة السمكية وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى  أنه استنادا كذلك إلى نص المادة 99 من الدستور الذى ولئن نص على الجرائم التى لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وجعل الاعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين , إلا أن المشرع الدستورى جعلها على سبيل المثال وأردف ذات الحكم لسائر الحقوق التى يكفلها الدستور بعبارة  «وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور « وعلى القمة منها الحق فى البيئة وحظر التعدى على البحيرات أو تلويثها أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها .

ثالثاً : قيود صارمة لتجفيف أى متر من البحيرات أو بتر جزء منها

يقول الدكتور محمد خفاجى أن المادة (20) من القانون رقم 124 لسنة 1983 فى شأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية لم تجز لأية جهة حكومية أو هيئة أو شركة أو وحدة محلية أو جمعية تعاونية أو للأفراد تجفيف أى مساحة من البحيرات ، وألزمت للقيام بتجفيف أى مساحة من البحيرات اتباع إجراءات معينة عن طريق لجنة تضم مندوبين من وزارات الزراعة واستصلاح الأراضى والرى والتخطيط والإدارة المحلية ومعهد علوم البحار والمصايد والهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية ، وذلك بتقرير تلك اللجنة عدم صلاحية المساحة المراد تجفيفها للاستغلال السمكى اقتصاديا , كما حظرت المادة (14) من القانون المشار إليه تجفيف أية مساحة مائية من البحيرات إلا بترخيص من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية .

وأضاف الدكتور محمد خفاجى أن الجهة المنوط بها قانونا فى مصر ولجميع البحيرات تقرير عدم صلاحية المساحة المراد تجفيفها للاستغلال السمكى اقتصاديا هى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية واللجنة المشكلة طبقاً للمادة (20) المذكورة , وفقا للحكمة التى تغياها المشرع من القرار الجمهورى رقم 190 لسنة 1983 بإنشاء الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية ، والقانون رقم 124 لسنة 1983 فى شأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية .

رابعا ً : 3 أجراس إنذار مبكرة لخطورة تجفيف البحيرة : ارتفاع منسوب المياه و الاحتباس الحرارى وتغيير البيئة المناخية:

يقول الدكتور محمد خفاجى إن الدراسات والأبحاث العلمية قد نبهت إلى خطورة تجفيف مساحات من بحيرة مريوط رويداً رويداً ، فى ثلاثة إنذارات مبكرة , أخطرها ارتفاع منسوب المياه ، وكذلك ما يخلفه ذلك من ظاهرة الاحتباس الحرارى Global Warming ، وما يترتب عليه من تغيير للبيئة المناخية لمحافظة الإسكندرية ، كما أن للبحيرة وضع طبيعى فى تلطيف حرارة الجو ، والجمال الطبيعى الذى تضفيه على مدينة الإسكندرية كمسطح مائى ، وفضلاً عن ذلك فإن بحيرة مريوط كانت مصدراً من المصادر الطبيعية للثروة السمكية .

ويضيف الدكتور محمد خفاجى الحق أنه يتعين على المجتمع والمسئولين معا أن يغيروا

نظرتهم تجاه البحيرة وتهيئتها لاستثمار الثروة السمكية   ، ولذا فمن المنتظر من السلطات الإدارية التنفيذية المختصة أن تطور البحيرة وتحافظ عليها بحسبانها ثروة قوية ، ومال عام يشترك كل مواطن فى الزود عنه لتنعيم به  أجيال متلاحقة .

ويذكر الدكتور محمد خفاجى أن أحدث الدراسات فى أوروبا كشفت عن أن الاحتباس الحرارى للبحيرات يسبب مشاكل كبيرة منها نمو الطحالب الضارة , والتى تتفاعل من الصرف الصحى غير المعالج , وانخفاض نسبة الأكسجين فى الماء على نحو يؤدى إلى تهديد حقيقى للثروة السمكية  , بل إن  بعض العلماء يرجع ظاهرة الإنحباس الحرارى إلى التلوث فقط تأسيساً على  أن هذه الظاهرة شبيهة إلى حد بعيد بالدفيئات الزجاجية , وأن تلك الغازات والتلوث يمنعان أو يقويان مفعول التدفئة لأشعة الشمس, وواقع الأمرأنالتدخل البشرى السئ وراء ظاهرة انكماش البحيرات، وأن التغير المناخى يمكن أن يؤدى إلى تفاقم المشكلات.

خامساً : أنادى بإعداد جهاز طبى بيولوجى لغرفة عناية مركزة تتولى نجدة الحالات الحرجة بالبحيرة :

ويقول الدكتور محمد خفاجى  ان البحيرة كائن حى كبير , يحتضن كائنات حية صغيرة  , ذلك أن البحيرات كائنات حية تخضع فى مرضها  لنظام علاجى دقيق , مثلها فى ذلك مثل أى من الكائنات الحية الأخرى , وإذا كان المرض الذى يواجه البحيرة مستعصيا وخطيرا , ولا جدوى من شفائه , فإنه يتعين بتر الجزء السرطانى  الذى فقد صلاحيته للاستغلال السمكى  , ننادى بإعداد جهاز طبى علمى  بيولوجى لغرفة عناية مركزة تتولى نجدة الحالات الحرجة بالبحيرة لمواجهة أى طارئ على الحالة المرضية للبحيرة  ,  بحث يكون هناك منظومة علاجية تتولى مهمة مرفق الاسعاف عند الخطورة للبحيرة .

سادساً :أنادى بإنشاء معهد لطب البحيرات وأمراضه لحمايتها وانقاذ كائناتها:

يقول الدكتور محمد خفاجى أنادى بإنشاء معهد لطب البحيرات وأمراضه , لحمايتها وانقاذ كائناتها , تشرف عليه معاهد علوم البحار والمصايد بالجامعات , يتولى مهمة سلامة الثروة السمكية وتشخيص أمراض الأسماك وعلاجها ومكافحة التلوث  , ودراسة المخاطر التى تواجه البيئة المائية والتلوث المائى، وايجاد الحلول للنباتات المائية بكافة أنواعها  سواء النباتات السطحية Floating أو القاعية Submerged أو النصف قاعية  semi Floating  أو الطافية التى تسبب مشاكل كبيرة  فى تلك البحيرات .

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن النباتات المائية تشغل حيز كبير من المسطح المائى للبحيرة , مما يحد من عمليات الصيد القانونى الحُر بالبحيرات , فضلا عن استخدام البعض لها  فى طرق صيد غير قانونية ضارة بالصيادين أنفسهم باستخدام بعضها فى عمل البشاتين والزلاليق , وهى تؤثر كذلك على الحجم التخزينى الذى يعد صالحا ومؤهلا  لتربية الأسماك .

ويشير الدكتورمحمد خفاجى  صفوة القول ان هذه النباتات  تغير من طبيعة البحيرة  و تؤدى إلى تلوث مياها بما يعرف عطانة المياه ذات الرائحة الكريهة  التى عانت منها البحيرة سنوات طويلة ,  إن تواجد هذه النباتات كانت تكأة فى الماضى لردم وتجفيف بعض مساحات من  بحيرة مريوط تشهد عليها عدسة الزمن التى لا تكذب أو تتجمل .

سابعاً : التعدى على بحيرة مريوط جُرما مؤثماً فى حق الطبيعة :

يقول الدكتور محمد خفاجى إن بحيرة مريوط – مثلها فى ذلك مثل باقى بحيرات مصر - تعد من أملاك الدولة العامة ، ولها حرمة ، وحمايتها ودعمها – طبقا للدستور – واجب على كل مواطن وفقاً للقانون , وباعتبار صون الملكية العامة سنداً لقوة الوطن، ومصدراً لرفاهية الشعب ، ومن ثم فلا يجوز التصرف فى أى جزء من البحيرات بما يخرجها عن الغرض المخصصة لها بحكم الطبيعة .

ويضيف الدكتور محمد خفاجى  ان التعدى على البحيرات يعد إهداراً للثروة القومية للبلاد ، ومساساً بحقوق الأجيال القادمة ، وإنكاراً للتراث البيئى الذى هو ملكاً للشعب ، مما يعد عدواناً صارخاً على حق من حقوق الإنسان فى أن يحيا فى بيئة نقية , ينعم بها من غير تلوث، وجُرماً مؤثماً فى حق الطبيعة ، فضلاً عما به من مساس بأرزاق العباد من طبقة الصيادين وهم كُثر، من فقراء المجتمع ، يعولون أسرهم ، ويحترفون مهنة الصيد بتوارث الأجيال منذ مئات السنين ، وهو ما يشق عليهم لاحتراف مهنة أخرى .

وغدا نعرض للجزء الرابع والأخير من هذا البحث المتفرد للحفاظ على بحيرة مريوط .