عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البنوك الإسلامية.. أكذوبة

حذر اقتصاديون ومصرفيون كبار من التمادي في الدعوة التي أطلقها حزب «النور» السلفي أثناء حملاته الانتخابية بالعمل علي «أسلمة الاقتصاد» باعتباره اقتصاداً كافراً، وإطلاق تصريحات بإنشاء بنوك إسلامية

دون إشارة للبنوك الموجودة بالفعل، مثل بنكي «فيصل» و«البركة» دون النظر في طبيعة الاقتصاد الوطني ووضعه في المرحلة الحرجة الحالية.
وأبدوا تخوفهم من أن صبغ هذه الدعوة بعد سيطرتهم علي نحو 25٪ من مقاعد البرلمان صبغة دينية أمراً مخيفاً كما فعلوا في السياحة التي تتخبط الآن بقولهم إن هناك سياحة «حلال» وأخري «حرام»، أم إن رسم سياسة داخل البرلمان بتحريم البنوك التجارية سيؤدي لهجرة جماعية لأموال البسطاء من المصارف إلي جيوب أصحاب «البركة» والنفوذ.
ولفت الخبراء إلي أن الجهاز المصرفي لا يتحمل الهجمة السلفية محذرين من استمرار الخلط بين الدعوة والدولة وبين ما هو جائز في العصور الوسطي وما لا يمكن تحقيقه في القرن الـ 21 إلا بمذابح اقتصادية وإنسانية مروعة لا تتحملها مصر.
«الوفد الأسبوعي» يفتح ملف البنوك الإسلامية بما لها وما عليها ويطرح الأسئلة الشائعة حول طبيعة عمل البنوك الإسلامية وودائعها ونظامها والحلال والحرام فيها؟
البداية من الدعوة التي أطلقها حزب «النور» السلفي خلال مؤتمره الاقتصادي الأول خلال شهر يوليو الماضي إلي وضع حجر الأساس لبنك إسلامي باسم «حزب النور» لتقوية سوق المصارف الإسلامية والحصول علي تبرعات بنحو 600 ألف جنيه داخل المؤتمر من رجال أعمال سلفيين لوضع نواة للبنك، وما أكده د. عماد عبدالغفور رئيس حزب النور في أكثر من مناسبة بقوله: إن السلفيين لديهم تصور بأن الاقتصاد الإسلامي هو أقدر الاقتصادات علي حل مشاكل الناس ولذلك سيطلبون تصريحاً بإنشاء البنوك الإسلامية التي تحرم الفائدة.
وما أعاده في مناسبة أخري بأن الحزب لديه حلول اقتصادية عظيمة وأنهم يفكرون في إنشاء بنك إسلامي وذهبوا إلي السودان وتحدثوا في العديد من المقترحات.
ونفس ما قاله القيادي «جمال أحمد» بالهيئة العليا لحزب النور بأنهم لديهم أفكار عديدة حول الاقتصاد الإسلامي وإنشاء بنوك إسلامية وأن هناك خبراء سيعملون عليها بعد الانتخابات فهم يضعون تصورات عامة أما التفاصيل متروكة للخبراء.
ويري د. محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها وأستاذ الاقتصاد الإسلامي بالسعودية لنحو 8 سنوات أن خلاصة تجربة البنوك الإسلامية أنها تريد أن تستخدم أطر ومعاملات مجتمع تجارة ورعي غنم في مجتمع مصري يعيش عصر العولمة وتحكمه منظمة تجارة عالمية ومجتمع اقتصادي مفتوح يرفض وضع قيود عليه، وهناك صيغ للاستثمار المالي الإسلامي معروفة منذ العصور الوسطي مثل المشاركة والمضاربة والمرابحة لكن العاملين فيما يسمي بالبنوك الإسلامية والداعين لها يعرفون أن المشاركة في المضاربة والمرابحة التي يعملون بها مختلفة كلياً عما كانت في الماضي وأن الكلام عن بنوك إسلامية «حلال» ليس فيها فائدة هو نوع من الخداع، كما يعلمون أن «الفائدة» التي يطلقون عليها ربا ليست كذلك علي الإطلاق، فالبنوك مؤسسات وساطة مالية بين المدخرين والمستثمرين وعائدها يتم بحسابات اقتصادية، والبنوك التجارية أو الإسلامية مثل بنك فيصل الإسلامي كلاهما يعطي فائدة، لكنها تسمي في البنوك التجارية فائدة وفي غيرها «عائد».
وسعر الفائدة مرتبط بالطلب علي القروض، والمروجون للفكرة والداعون لها يعلمون أنهم يتعاملون في اقتصاد قومي واحد فرص الاستثمار فيه واحدة لكنهم يلعبون علي الوتر الديني لدي البسطاء والطيبين، الذين ينخدعون بالأمر ويرفضون أي جنيه فيه شبهة ربا، مشيراً إلي أن البنوك العادية أو التجارية وهي تلعب علي نفس وترهم ولا تترك لهم الساحة افتتحت بداخلها فروعاً للمعاملات الإسلامية.
أشار «النجار» إلي أن القضية نوع من عمل الأفاقين الذين يحبون أن يلعبوا علي الوتر الديني ويدغدغوا مشاعر البسطاء رغم أن الآخرين لم يطلقوا وصف البنوك المسيحية أو البنوك اليهودية، لافتاً إلي أن هناك فارقاً هائلاً بين الربا وسعر الفائدة، مع العلم بأن الربا محرم من جميع الديانات وليس الدين الإسلامي فقط، مؤكداً أن سعر الفائدة هو ثمن لندرة رأس المال، لكن القضية الآن والتي تخضع للترويج من جانب خبراء بحد ذاتهم تعود إلي أن هؤلاء يحبون المال حباً جماً ويطلقون لحاهم.
ويوضح «النجار» الذي درس الاقتصاد الإسلامي في السعودية لنحو 8 سنوات، أن السعودية ليست فيها بنوك إسلامية وبنك فيصل الإسلامي الذي أسسه الأمير محمد الفيصل آل سعود توجد فروعه في مصر والسودان فقط، كما أن البورصة السعودية من أنشط البورصات في العالم، مشيراً إلي أن هذه الدعاوي لا يطلقها هؤلاء الشيوخ الأوسط الفقراء والمساكين بسبب ضيق الأفق وتصورهم أنهم - أي هؤلاء الشيوخ - هم الأتقي واهتمامهم بالمظهر كاللحية والثوب القصير عن الجوهر من أن يمتلكوا الشجاعة ليقفوا في وجه سلطان جائر، لافتاً إلي أنهم لا يعرفون في تاريخ الفقه الإسلامي سوي الأئمة أحمد ابن حنبل وابن تيمية وابن القيم المتشددين أيام التتار ولا يعرفون أحداً  غيرهم.
وطالب «النجار» الداعين لفكرة البنوك الإسلامية والعاملين فيها أن يجيبوا عن سؤال رئيس وهو هل يحصلون علي سعر الفائدة من وراء استثمار أموالهم في الخارج في البنوك الأجنبية؟.. أم يتركون أموالهم للكفرة - علي حد رأيهم - يستثمرونها ويستفيدون من ورائها دون الحصول علي الفائدة؟

تجارب فاشلة
ويكشف الخبير المصرفي «أحمد آدم» الذي يعد دراسة عن البنوك الإسلامية أن البنوك الموجودة الآن التي يصل عددها إلي نحو 275 بنكاً علي مستوي العالم كانت ولادتها الأولي عام 1963 متعثرة وفشلت تجربة إنشاء أول بنك إسلامي في باكستان بين الملك فيصل آل سعود وأحمد أرشاد رئيس باكستان ثم تكررت المحاولات عام 1969 في السودان وفشلت ثم عادت إلي الظهور عام 1977 في مصر وتم إنشاء بنك فيصل، مشيراً إلي أن مصر لا يوجد فيها الآن سوي بنكي فيصل والبركة الذي كان يطلق عليه بنك «التمويل السعودي» وبنكين آخرين يتحولان الآن إلي بنوك إسلامية هما بنك ناصر للتنمية الذي اشتري الحصة الغالية فيه بنك أبوظبي  الإسلامي والمصرف المتحد وهو في طريقه أيضاً للتحول الإسلامي.
ويوضح «آدم» وجود عوائق عديدة تحول دون تحول البنوك إلي النظام الإسلامي الكامل من بينها مثلاً قانون البنوك الذي لابد

من تعديله حتي يسمح بنظام إسلامي صرف - علي حد قوله - وكذلك البيع الآجل وهو الأداة الأولي من أدوات التمويل الإسلامي ويتطلب أن يكون للبنك شركات ومعارض مملوكة له تغطي احتياجات العملاء من سلع وسيارات وخلافه، فالبنك في النظام الإسلامي تاجر حقيقي وليس وسيطاً.
لاحظ أن السماح للبنوك بإنشاء شركات ومعارض خاصة سيؤدي إلي عودة تجربة «الريان» الفاسدة بشكل أو بآخر وتداخل بين عمل إدارات البنوك وعمل إدارات الشركات وتكوين أباطرة كبار يجمعون بين رئاسات البنوك والشركات بالطبع كلهم شيوخ وتهديد لكيانات البنوك في حالة خسارة شركاتها.
ويؤكد «آدم» أن القانون الحالي لا يسمح للبنوك بأن تتولي عمليات البيع الآجل، فأي تحرك نقدي لابد أن يقابل بتحرك سلعي، وهذا بالطبع غير موجود في البنوك الإسلامية الموجودة الآن، كما لابد من إعادة تأهيل السوق وإفهام العملاء أو القطاع الخاص بأن النظام الإسلامي هو الأفضل وهذا معناه أن تغيير الـ «سيستم» بكامله، فالعميل اعتاد أن يقدم ضمانة للبنك ويأخذ نقدية، لكن في هذه الحالة سيقوم البنك بشراء الآلة والمعدة والتخطيط للشركة.
وكشف «د. أحمد آدم» أن الحصة السوقية الآن لبنكي فيصل والبركة لا تتجاوز 5٪ من السوق، مع العلم بوجود نحو تريليون جنيه ودائع - أي 1000 مليار جنيه - فحصة هذين البنكين لا تزيد عن 40 مليار جنيه.. وبالرغم من أن الفكرة الرئيسية لبنك فيصل الإسلامي - حسب قانون إنشائه - تقوم علي:
- إخضاع جميع معاملات البنك وأنشطته لما تفرضه الشريعة الإسلامية من أحكام وقواعد أساسية.
- المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية من خلال المشاريع الاستثمارية البناءه، والمساهمة في التنمية الاجتماعية من خلال أداء الزكاة المستحقة علي أمواله وإنفاقها في مصارفها الشرعية، ويوجد بداخله صندوق للزكاة والقروض الحسنة التي تمنح لذوي الاحتياجات الذين يعانون من ظروف طارئة، وترد هذه القروض دون زيادة علي قيمتها.

مفيش بنوك إسلامية
تؤكد الخبيرة الاقتصادية د. زينب عوض الله بكلية التجارة بجامعة الإسكندرية تؤكد أنه لا يوجد شيء اسمه البنوك الإسلامية وحتي البنوك التي تعمل تحت هذا الاسم تمارس عملها بنفس آليات عمل البنوك التجارية، كما أن رأس المال الإسلامي في مصر رأسمال تجاري ولننظر إلي سلسلة «التوحيد والنور» مثلاً وعن تجربة شخصية - كما تقول د. عوض الله - فهذه البنوك لديها شهادات استثمار تعطي لمودعيها فائدة ثابتة تسمي عائداً.. قائلة: إنهم يخاطبون فئات بعينها وتحديداً الذين انتخبوهم وسياستهم قائمة علي «المنح والمنع» والعمل الخيري بالنسبة لهم إحسان، ولا توجد عندهم أية برامج اقتصادية أو تنموية.. وكل مفاهيمهم اقتصادية خطأ بدليل تحريمهم مثلاً المضاربة في البورصة رغم أن عملها في الأساس يقوم علي الربح والخسارة.
وتشير د. سلوي العنتري - الخبير الاقتصادي ومدير عام الأبحاث سابقاً بالبنك الأهلي - إلي أن نصيب البنوك الإسلامية الآن من إجمالي معاملات الجهاز المصرفي لا تتجاوز 1 - 5٪ والباقي نحو 99٪ بنوك تجارية وبعضها له فروع إسلامية فهل يمكن أن يعمل هؤلاء علي هدم الجهاز المصرفي بكاملة تحت وهم دعاواهم؟.. نحن لا نكره أي إضافة للجهاز المصرفي وإنشاء العديد من البنوك خلال الفترة المقبلة وذلك جنباً إلي جنب مع باقي البنوك وليس بديلاً عنها.
ولفتت «العنتري» إلي أن البنوك الإسلامية كانت موجودة طوال 40 عاماً ولم يمنع أحد نشاطها ورغم ذلك لم تستطع أن تقوم إلا بدور هامشي ولا يوجد نظام اقتصادي في الدنيا كلها يقوم علي هذا النوع من البنوك فقط حتي في السعودية.. والأساس الذي تستند عليه في تحريم فوائد البنوك ليس صحيحاً وهناك مليون فتوي دينية ظهرت منذ أوائل القرن الـ 20 منذ إنشاء بنك مصر تؤكد أن فوائد البنوك ليست ربا، مشيراً إلي أنه حتي في البنوك الإسلامية ذاتها فهناك عائد يمثل عادة نفس أسعار الفائدة المتعارف عليها في السوق في نهاية المدة.. كما أن هناك ودائع لها في البنوك الأجنبية تتقاضي عليها فوائد، أم أن تتركها للغرب يقومون باستثمارها دون أن تحصل عوائدها؟