رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مصانع مصر تحت رحمة اللصوص

لا تهبط عصافير الاستثمار علي خرائب مهجورة، ولا تنمو سنابل القمح تحت دوي الرصاص، لذا فالأمن أولا وثانيا وعاشرا ضمن أولويات النشاط الاقتصادي لمصر بعد الثورة.

الحكايات التالية تصلح مدخلا لرصد أزمة الأمن في القطاع الصناعي المصري الذي يمتد اكثر مما نتصور ليصل الي نحو 35 ألف منشأة وما يقرب من 12 مليون عامل. الصناعة في مصر تتركز فيما يعرف «بالمدن الصناعية الجديدة» وهي طبقا لترتيب القوة الاقتصادية: مدينة السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان، السادات، برج العرب، العبور، أبو رواش، العامرية، غرب خليج السويس، الخانكة، ميت غمر، الصفا.
الحكاية الأولي يحكيها المهندس محمد فرج عامر - رئيس جمعية مستثمري برج العرب - حيث يقول إن أحد المصانع الشهيرة داخل برج العرب تعرض قبل بضعة أسابيع لعملية تفكيك كاملة حيث تم الاعتداء علي الحارس الليلي للمصنع والذي لا يعمل بشكل دائم وهجم أكثر من عشرين شخصاً عليه وقاموا خلال بضعة ساعات بتفكيك ماكينات رئيسية ومعدات وقطع غيار وتحميلها في سيارات نقل والهروب بها. وتم ابلاغ الأمن لكن شيئا لم يختلف خاصة أن المدينة كلها ليس بها سوي قسم شرطة واحد.
الحكاية الثانية يحكيها سيد البرهمتوشي - عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات وأحد مستثمري مدينة العاشر من رمضان - حيث يقول: إن مدينة العاشر تعرضت خلال الشهور الماضية لعصابة متخصصة في سرقة النحاس الخردة والتي سطت علي عدة مخازن لشركات صناعية. كما تعرضت بعض الشركات لسرقة سيارات نقل خاصة بها وطلب السارقون إتاوات لرد السيارات وهو ما دفع جمعية مستثمري العاشر الي مطالبة وزارة الداخلية بتعزيز القوة الأمنية داخل المدينة.
وثالث الحكايات تقول إن 5 مسلحين هاجموا مصنع بانكس فارما بمدينة العبور وسرقوا نصف مليون جنيه وربع مليون دولار من خرينة المصنع، فضلا عن بعض الشيكات المصرفية المستحقة علي بعض العملاء.
والخلاصة أن تكلفة الاستثمار في مصر شهدت أعباء جديدة لم تكن في الحسبان هي تكلفة الأمن. لجأ البعض لشركات الحراسة، ونظم آخرون دوريات حماية من العمال، واضطر آخرون للخضوع لحماية العربان لتأمين منشآتهم بعد أن تكررت حوادث السرقة، ووصل الأمر في بعض المصانع أنها تعرضت لقتل حراسها وعمالها الليليين.
والحل من وجهة نظر رجال الصناعة يتطلب مشاركة فعلية من المستثمرين في تأمين المصانع عن طريق تسليح بعض العمال لديهم لحماية مصانعهم واقامة دوريات داخلية وخارجية والتبرع لأقسام الشرطة بالسيارات والتجهيزات اللازمة وكاميرات التصوير الليلية، بالاضافة إلي الاستعانة بشركات الحراسات الخاصة.
ويري جلال الزوربا - رئيس اتحاد الصناعات المصرية - ضرورة تسهيل اجراءات ترخيص الاسلحة لأصحاب المصانع حتي يمكنهم حماية منشآتهم وعمالهم. ويقول لـ «الوفد»: إن هناك إتاوات مفروضة علي اصحاب المصانع في المدن الجديدة من جماعات البدو لحمايتهم من أية اعتداءات محتملة. ويؤكد أن هذا المناخ طارد للاستثمار بشكل عام، مشيرا إلي أن

مجرد الحديث عن الاستعانة بشركات أمن خاصة لحماية المصانع والمنشآت التجارية يؤثر بالسلب علي سمعة الاستثمار المصري. ويضيف: إن هناك حالة صاخبة من الانفلات الأمني تهدد بشلل النشاط الصناعي والتجاري علي حد سواء.
ويقول محمد المرشدي - رئيس جمعية مستثمري العبور - إن الجمعية نفذت مبادرات لدعم الأمن داخل المدينة حيث تم جمع تبرعات من المستثمرين لاستكمال بعض التجهيزات الخاصة بقسم الشرطة وتم توفير 4 سيارات و4 موتوسيكلات كدفعة أولي. كما وافق المستثمرون علي تمويل بناء 5 نقاط شرطة جديدة تكون ثابتة في مناطق حددها مأمور القسم بما يحقق بعض الأمن في مختلف أنحاء العبور.
ويشير إلي أن مبادرة المستثمرين تتطلب من وزارة الداخلية أن تدعم قسم الشرطة بالأفراد للسيطرة علي أي جريمة أو أي حادث. كما يؤكد ضرورة بناء قسم ثان لمدينة العبور خاصة بعد تم ضم بعض الجمعيات إليها مثل جمعية عرابي والطلائع وبعض التجمعات السكنية علي طريق الاسماعيلية ما أدي الي زيادة سكان المدينة بشكل كبير.
ويشير يحيي زلط - رئيس غرفة صناعة الجلود - إلي أن تكاليف العمل في المنشآت الصناعية ارتفعت بشكل كبير نتيجة استعانة معظم المنشآت بحراس أمن لتامين نقل البضائع والخامات والأموال. ويؤكد أن كثيراً من المصانع في المدن الصناعية الجديدة تعرضت لعمليات سرقة منظمة خلال الشهور القليلة الماضية بسبب الغياب الواضح للشرطة والأمن. ويطالب بزيادة عدد الكمائن الأمنية في المدن الجديدة وعلي الطرق الرئيسية المؤدية اليها وعلي الطريق الدائري للحد من تحركات العصابات المسلحة بحرية.
وفي رأي محمد المهندس نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية فإن هناك دوراً لازماً لوزارة الداخلية لتأمين النشاط الصناعي باعتباره أكثر الأنشطة الاستثمارية توفيرا لفرص العمل، ومساهمة في حصيلة الضرائب . كما أنه ينبغي علي منظمات الأعمال تبني مبادرات مجتمعية للمشاركة في تأمين المناطق العمرانية الجديدة خاصة في ظل ظروف استثنائية تواجهها مصر حاليا.