رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«مرسى».. ونظرية المؤامرة

الذاكرة لا تنسى ولا تخون.. فقبل عامين، إلا قليلاً، كانت سفينة الوطن مثقوبة من الأمام والخلف والوسط.. كان الوطن يغرق ولا منقذ له سوى أرواح الشهداء.

كان مبارك المخلوع مازال جاثماً على صدور المصريين، كانت الثورة ضده وضد عصابته الفاسدة مشتعلة فى كل أرجاء الوطن، وشاءت الأقدار أن يسقط النظام البائد بعد أن رويت ميادين مصر بدماء الشهداء.. نجحت الثورة وتقلد العسكر مقاليد البلاد إلا أن نزيف الدم لم يتوقف فى التحرير ومحمد محمود ومحيط ماسبيرو ومجلس الوزراء، وجاء «مرسى» واعتلى سدة الحكم لنفاجأ بعودة بركان الدم ونمشى مرة أخرى فى جنازات الأبناء.. أعادنا إعلان «مرسى» غير الدستورى إلى المربع صفر، فبعد أن كانت الثورة ضد مبارك أضحت الثورة ضد «مرسى» ماذا حدث؟ ولماذا عدنا إلى العهد الملطخ بالدماء والخطايا.
>> لم تكن هناك سوى إجابة واحدة، وهى أن «مرسى» هو «مبارك» و«مبارك» هو «مرسى».. وجدنا أنفسنا مرة أخرى أمام مشروع ديكتاتورى، أراد به الرئيس حماية نفسه وحماية جماعته فى مكتب الإرشاد، أراد تحصين جمعيته التأسيسية ومجلس شورته من البطلان بإعلان دستورى باطل، وفور صدور الإعلان الرئاسى انقسمت البلاد واختلف العباد، وانقسم الوطن الواحد إلى فريقين، فريق مدنى ليبرالى وفريق إخوانى إسلامى، انقسم القضاة والمحامون وانقسم الصحفيون والإعلاميون، انقسم العمال والفلاحون، ولم ينج مستشارو الرئيس ومساعدوه من هذا الانقسام.. انقسمت مصر رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً ولم يستطع أحد أن يمنع هذا الانقسام والانشطار.
الكل أخذ يسأل ما الذى دفع الرئيس إلى اتخاذ هذا الفرمان الذى شرذم الأمة؟ البعض قال إن «مرسى» أراد الإطاحة ببعض خصومه، أو كما يقول المثل أراد أن «يتغدى بيهم قبل أن يتعشوا بيه»، بعد أن وصلت إلى مسامعه بعض التسريبات والمعلومات، وقد تكون أيضاً شائعات، ولعل أخطر هذه التسريبات ما تناقلته بعض وسائل الإعلام مؤخراً حول وجود مؤامرة للتخلص منه وإزاحته من كرسى الرئاسة.. وقيل أيضاً إن هذه المؤامرة أحيكت داخل مكتب محامٍ شهير استقطب عدداً من الشخصيات المناوئة لمرسى، وفى مقدمتها شخصية بارزة فى النيابة العامة تم عزلها مؤخراً وأخرى قضائية بالمحكمة الدستورية وثالثة صحفية كانت مقربة من المجلس العسكرى السابق، بالإضافة إلى شخصية مثيرة للجدل بنادى القضاة ومرشح رئاسى سابق، وعن هذا اللقاء الذى وصفه الرئيس بالتآمرى ولم يفصح عن تفاصيله، تقول إحدى الروايات إن المرشح الرئاسى السابق بدأه بقوله: إن مرسى يعتزم الإطاحة بالنائب العام عبدالمجيد محمود، وأنه إذا لم تتحرك القوى المدنية سريعاً فإن البلاد ستتحول إلى لقمة سائغة فى يد الإخوان،

فيما أكدت الشخصية القضائية بالمحكمة الدستورية اعتزامها توجيه ضربة قاصمة للرئيس مطلع ديسمبر الجارى وحل مجلس الشورى وإلغاء الجمعية التأسيسية، وهنا تدخلت الشخصية النيابية المتمثلة فى المستشار عبدالمجيد محمود قائلة، كما تزعم الرواية، إنه قام بتحريك قضية تزوير الانتخابات الرئاسية بشكل عاجل وطلب ندب قاضى تحقيق، وأمر بتشكيل لجنة من 10 خبراء للتحفظ على مقر اللجنة العليا للانتخابات لإعادة فرز جميع أوراقها، مؤكداً أن جهات أمنية أبدت استعدادها للمعاونة، وأوضح أن مسار هذه التحقيقات يمكن أن يؤدى إلى طريقين: الأول الإقرار بتزوير الانتخابات الرئاسية لصالح «مرسى» وفى هذه الحالة يمكن اعتبار الفريق «شفيق» فائزاً بالرئاسة، والثانى هو إعادة الانتخابات برمتها بعد إعلان خلو منصب الرئيس!
>> الغريب أنه رغم انتشار هذه الرواية وتلك التسريبات فإن أحداً لم يؤكدها أو يكذبها، والتى إن صحت فإن أمر الوطن جلل وخطير، وإن كانت «مفبركة» عملاً باختراع نظرية المؤامرة فإن «مرسى» قد اتخذها ذريعة دون دليل للإطاحة بالمستشار عبدالمجيد محمود وإصدار إعلانه غير الدستورى.
>> والآن وبعد هذا كله أو بعضه كيف نخرج من هذا النفق المظلم؟ كيف يمكن أن يتصالح أبناء الوطن الواحد؟ كيف يمكن رأب الصدع ووأد الفتنة، خاصة أننا لا نمتلك رفاهية الوقت؟ وهل الانتهاء من مسودة الدستور والاستفتاء عليه فى الخامس عشر من ديسمبر الجارى، كفيل بإنهاء حالة الانقسام والانشطار.
>، أتصور أنه لا مناص أولاً من حقن الدماء، ووقف هذا الحشد الجماعى والتناحر الجماعى والاشتباك الجماعى، وكفانا إرباكاً لحياة المصريين، فالبلد على حافة الانهيار والإفلاس.. كفانا رصاصاً يخترق البطون والعيون.. كفانا رشاً للسكر على دماء الشهداء ودعونا نعود إلى صوت العقل، إلى حضن مصر نقتسم اللقمة وقرص الشمس.