رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رقابة الإخوان !




كنت أقلب المحطات بين القنوات عندما فوجئت بإعلان علي قناة خاصة هي «سما سينما» مكتوب ومنطوق معا يعلن بكل فخر أن القناة لا تذيع أي فيلم إلا بعد مراجعته أولا لحذف أي مشاهد خارجة علي الآداب العامة، لا يصح من وجهة نظرهم أن يراها المتفرج،.كده خبط لزق، أفهم أن من حق القناة ألا تشتري الفيلم أو المسرحية من الأساس ولكن ليس من حقها مراقبته وحذف ولو لقطة واحدة.

فمن أعطي المسئولين عن القناة حق مراقبة كل الأفلام التي تذيعها، وهم بهذا يغتصبون حقوق الفنانين الذين ساهموا فيه من المؤلف إلي المخرج، وحتى الممثلين، فهم بهذا يشوهن ما صنعوه ويعطون صورة غير كاملة عن إبداعهم، ومن هو سيادة الرقيب علي هذه المصنفات متجاهلا الدولة التي بها جهاز يسمي الرقابة علي المصنفات الفنية، وهي تراقب نصوص هذه الأعمال - سينما ومسرح وأغاني وإعلانات - قبل أن تسمح بتصويرها أو غنائها، ثم تعود لتراقبها بعد تجسيدها، وأحيانا تطلب حذف بعض مشاهد أو لقطات صورت بالفعل ولكن من حق الفنانين أيضا أن يتظلموا لجهة أعلي بها عدد من الفنانين والأدباء المخضرمين، او من حقها التصريح بالفيلم بلا أي حذف.
كنت صغيرا عندما تفتحت عيني علي أفلامنا المصرية – كدت أقول العربية - كما كان يطلق عليها - عندما كنت أري في بعض المشاهد صورة معلقة علي الحائط مشطوبا عليها لطمس معالمها، وكانت صورة الملك فاروق, وكان هذا بالطبع بعد الحركة المباركة – أو الثورة إذا  أردت- خشية أن تجعل المتفرج يتذكر هذا الملك كأنه سيحن إلي أيامه وينقلب علي الدولة الجديدة، فلنفرض أن بعضهم حن بالفعل إلي ذلك العصر, فما هي المشكلة؟! ألم تكن ثورتنا ديمقراطية؟! يبدو أنها لم تكن كذلك، لكن بعد سنوات كثيرة ظهرت نفس الأفلام وبها صورة الملك بلا شطب وربما بعد وفاة الملك فاروق نفسه بسنوات عديدة.
الآن ظهرت عندنا رقابة قطاع خاص تعلن عن نفسها بلا مواربة، وهو ما كان الإخوان قد سبقوا ودعوا له في كل أدبياتهم - إن كان لهم أي أدب !
في بعض بلاد العالم تذاع الأفلام الإباحية، ولكن في وقت متأخر من الليل حتى لا يشاهدها صغار السن ويتم إعلان ذلك، لكننا نعيش في زمن «سداح مداح».يفعل فيه كل واحد ما يحلو له، وفي حالتنا هذه بالذات, لا يملك العمل الفني من اشتراه، وإلا يحق أن يشتري لوحة ثم يعبث فيها بريشته تاركا أسم الفنان عليها، ولا حق له أيضا في أن يشطب أسم الفنان الذي رسمها،

ولن يرحمه المجتمع في أي بلد متمدن إذا حرق هذه اللوحة, أو أي عمل فني لمجرد أنه اشتراه، لكنه فقط يستطيع أن يبيعه لغيره إذا شاء، وإذا كان من اشتري الفيلم يقدر أن يحذف منه ولو لقطة واحدة, فلم يبق إلا أن يصور مشاهد بحالها ويدخلها في الفيلم أو المسرحية، ويمكن يكتب اسمه علي تيترات العمل!.ثم لماذا يعطي المشتري نفسه حق أن يتفرج علي العمل وحده قبل المتفرج، ويعرضه ناقصاً علي الناس فهو ليس وصياً علي ملايين المشاهدين لكي يعاملهم معاملة الأطفال القصر، وبالطبع ليس للدولة أن تتدخل في منع هذا المشتري, لكن يحق لها ذلك إذا اشتكي الفنانون أو رفعوا قضايا, لأن في مصر قانون لحقوق المؤلف تمنع أي مساس بالعمل الفني وهو معمول به في أنحاء العالم.لكن فيما يبدو أن المؤلفين والمخرجين لا يعنيهم هذا كأن كتابة وإخراج الأعمال الفنية مجرد سبوبة للحصول علي النقود, وطبعا كثير من هؤلاء قد غادروا الحياة، أما الدولة فهي تقف حائلا ضد هذه القوانين حتى لا يدفع التليفزيون المصري حقوقهم، في حين أن مؤلف الأغاني وملحنها يتقاضي نسبة من الإيراد طيلة حياته ثم يتقاضاها الورثة من بعده ولمدة  خمسين عاما، لكن الثورة المباركة عندما جاءت في الخمسينيات حالت دون تطبيق هذا القانون علي مؤلفي باقي الأعمال الفنية حتى الآن، رغم أن الفنانين حاولوا تصحيح هذا الوضع مرات  ولم يتمكنوا.
والآن يعبث كل من أراد بحقوقهم الأدبية أيضا، ويتبقى أن نسأل من الذي امتدت يده لتشويه هذه الأعمال الفنية؟ والإجابة الواضحة أنهم ولاشك الإخوان المستترون أو السلفيون المعروفون الذين يطبقون الشرعية من وجهة نظرهم وحدهم، مش بقولك البلد «سداح مداح»؟!