اعتذار للإخوة المصريين
هذه رسالة إلي إخوتي في الوطن من الأقباط والمسيحيين المصريين من كل المذاهب.
أعتذر لكم من كل قلبي بصفتي مواطناً مصرياً لا أمثل أحدا غير نفسي. أعتذر عما تعانونه من اضطهاد وظلم فادح وقتل ونهب وحرق علي مدي عقود كثيرة علي يد الجماعات الظلامية التي تدعي الإسلام وتتحدث باسمه وعلي يد الحكام والمسئولين الذين يقفون موقف المتفرج أو ينحازون مع الظالم باعتباركم أقلية لن تنفعهم أصواتكم. أعتذر رغم أنني وملايين المصريين من المسلمين يعانون من الظلم و الاحتقار ونهب حقوقهم وكتم أصواتهم وتعذيبهم وقتلهم أحيانا. سواء من قبل الحكام أو هذه الجماعات الذين جعلوا منا مواطنين من الدرجة الثانية وجعلوا منكم مواطنين من الدرجة الثالثة.
وأعتذر لكم عما تنشره عنكم كل الصحف والمحطات التليفزيونية الحكومية علي مدي العقود الستة الماضية وحتى اليوم. فضلا عن بعض الصحف والمحطات غير الحكومية والتي تمولها قوي الظلام في الداخل والخارج أو تأخذ موقفا وسطا متميعا وتصب الزيت علي النار لتبيع نسخا أكثر أو تحظي بإعلانات أكثر.
تاريخنا كله كاذب ومزيف. سطرته وسائل الإعلام للنظم المتسلطة التي حكمتنا, ومثله التاريخ الكاذب والمزيف في البلاد التي تجاورنا في منطقتنا. بل لعلهم اتخذوا من منهج حكامنا قدوة يحتذون بها.
منذ تخلصت بلاد المنطقة من الاستعمار الأجنبي بعد الاستعمار العثماني وحتى الآن وهناك تياران سائدان. الأول هو إعادة تكوين الخلافة الإسلامية والتي سعي إليها ملك الأردن ونافسه الملك فاروق وجماعة الإخوان المسلمين. والتيار الثاني هو نفسه الخلافة الإسلامية مع تغيير اسمه إلي القومية العربية فلفظ العرب هنا لا يقصد به جنس معين له تاريخ معين في أرض محددة بل يقصد به الذين يدينون بالإسلام بغض النظر عن أي ديانات أو أعراق أخري. وفي ظل هذه الخلافة الإسلامية والتي يسمونها الآن بالعربية أصبحت مصر الإفريقية ذات التاريخ المدون الذي يعود إلي أكثر من سبعة آلاف سنة إلي دولة عربية لمجرد أن القبط الذين يسكنونها قد تحول أغلبيتهم تدريجيا إلي الإسلام. كأن العالم في نظر هذا التيار قد انقسم إلي فسطاطين. فسطاط الدولة العربية أي الإسلامية, وفسطاط الدولة المسيحية في أوروبا. وأصحاب هذه النظرة لا يجدون مبررا لبقاء الأقباط الذين لم يسلموا في مصر
لذلك كله أعتذر لكم رغم أني لست مسئولا عما حدث لكم من اضطهاد في الماضي ويحدث الآن بل و ما قد يحدث في المستقبل القريب علي الأقل, ورغم ذلك اشعر بالعار لأنني لا أستطيع أن أفعل شيئا لرفع هذا الظلم عنكم - كنت رفعته عن نفسي- وثانيا لأنه لا ينتظر أن يعتذر أحد من كافة المسئولين عما حدث لكم. لكني علي ثقة أن ملايين المسلمين في مصر يشعرون بنفس الأسف والحزن ومنهم من تحدث بصدق وأمانة وفضح ما هو واضح ولكن البعض يهيلون التراب علي الحقيقة.وأدعو كل الذين لا يملكون فرصة الكتابة أو الحديث في وسيلة علنية أن يعتذر شفاهة لجيرانه وأصحابه وزملائه ومعارفه أو من يقابلهم ولا يعرفهم من القبط والمسيحيين. وأن يكتب رسالة إليهم عن طريق البريد والوسائل الإلكترونية. يعتذرون فيها نيابة عن كل المسئولين بلا استثناء. لا بغرض مواساتهم التي لن تضمد جراحهم. ولكن ليعرف العالم كله أن مصر هي وطن لكل من يعيش عليها وأن حكامها لا يمثلونها ولا يعبرون عنها... وحتى إشعار آخر.