رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سلاح البطش الثوري

في حجرة مغلقة صغيرة ليس لها سوي مكتب وكمبيوتر ومقعد تجلس وظهرك إلي الحائط وتضع يديك علي بعض الأزرار وتضغط وتكتب وترسل كلمات إلي أبعد مكان تريد.. تستطيع أن تبعث بكل ما يحلو لك من كلمات إلي كل من يحلو لك أن تسبه أو تهينه أو تصنفه أو تكفره أو تأمره بالصمت وترك الوطن أو أن تطعنه في شرفه وتتهمه بأي شيء باطل يحلو لك ويخطر علي بالك وكل الألفاظ متاحة حتي التي يجرمها القانون بالاشغال الشاقة.. هذا هو السلاح الجديد للبطش الثوري الشعبي السباب عن بعد وجدع اللي يوصل لي..

سيدة محترمة باعتراف زملائها وزميلاتها وهم بالمناسبة من قصوا علي القصة.. التحقت بقطاع الأخبار منذ أربعة وعشرين عامًا وكانت رئيس تحرير وكالة رويترز والوكالة الألمانية لفترات طويلة ثم مديرًا عامًا للأخبار ونائب رئيس القناة.. قناة النيل للأخبار.. الكل يشهد لها بتاريخ مشرف جدًا في العمل وقالوا إنها هي التي أعادت قسم الجرافيك للعمل وكان مغلقًا غارقًا في الأتربة وأسست إدارة للتصوير دربت فيها فتيات ماهرات علي التصوير للأخبار رغم قلة الإمكانيات.. وأيام الثورة الأولي حملت عبء الأيام الأولي مع معظم قيادات التليفزيون الذين قضوا الليالي ساهرين وساهرات وعاشوا وعشن الرعب مع محاولات الاقتحام لمبني الإذاعة والتليفزيون.. أيام قليلة وقام ثوار المبني بالمطالبة بإقصاء كل القيادات وقدموا بلاغًا للنيابة الادارية بأن هذه السيدة قادمة من خارج المبني وأنها تحصل علي مبلغ خرافي وكتبت هذه الأكاذيب للأسف في الصحف.

أيام أخري قليلة وتصاعدت الأحداث وفجأة ضرب باب مكتبها بالأقدام ودخل الثوار وانهالوا عليها سبابًا وألفاظًا فاحشة وطعنًا أخلاقيا شخصيا صادمًا ومقززًا.. وبدأوا في إخراج الموظفين من مكاتبهم بالقوة لم تتحمل الصدمة ولم تصدق أن يحدث لها مثل هذا الموقف في يوم من الأيام بعد هذا العمر من العمل الجاد المتفاني.. انهارت باكية وكادت تفقد الوعي بينما الثوار يصيحون بصرخات النصر والنجاح والظفر.. أسرع الزوج والابن الأكبر بالحضور ليحملاها إلي منزلها.

في اليوم التالي جاءها خبر نائب رئيس شبكة الشرق الأوسط »سعد مصطفي« الذي واجه نفس الموقف مثلها وارتفع ضغط الدم في رأسه وأصيب بجلطة في المخ

وتوفاه الله.

بعد عدة أيام في منزلها اضطرت للذهاب إلي العمل لتعرف مصير موقفها وإذا كان لابد من الانسحاب والتقاعد أو الاستقالة فلابد أيضًا من أن تسلم ما لديها من أوراق وخطط عمل ومتعلقات خاصة بالعمل وكتابة استقالة.. وفوجئت بإبنها الشاب الذي يجتاز عامه الأخير في الجامعة يغضب ويرجوها بإلحاح ألا تذهب إلي هذا المبني اللعين مرة أخري.. لماذا؟ لم يشأ أن يخبرها ومع إصرارها علمت بأنه علي »الفيس بوك« حملة غير أخلاقية ضدها.. يصفها بالمرأة اللعوب التي تفعل كل ما هو مشين للوصول إلي أغراضها الدنيئة.. وإذا كانت الإدارات السابقة لديها أهل الثقة وأهل الخبرة فهي تعمل مع أهل الهوي يا ليل؟!!

وأها تتزعم عصابة من فتيات الليل التي تدعي أنهن فريق للتصوير وغيره وغيره إلي آخر الألفاظ والجمل المثيرة للغثيان.. وعندما أصرت علي الذهاب حتي يتحدد موقفها هددوها بالنيل منها حتي لو كانت داخل منزلها.. لم يتحمل الشاب أن يقرأ زملاؤه هذه الإهانات والاتهامات الأخلاقية لأمه علي الملأ واعتقد أنها تريد أن تستمر في العمل فغادر المنزل واختفي..

استسلمت فورًا حتي لا تخسر ابنها الشاب بعد أن خسرت العمل بهذه الطريقة المخجلة والمذرية.. وعاد بعد أن وضعت المصحف علي عينيها وأقسمت أنها »لن تطأ بأقدامها هذا المبني أبدًا«.

هذه قصة واحدة من بين قصص كثيرة تشكل حالة البلطجة والفوضي وإهدار الكفاءات وأظن أن التليفزيون بان عليه جدًا أعراض هذه الإقصاءات.