رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زمن مصادرة الوطن

قررت أمس الأول أن أشاهد جلسة مجلس الشعب.. وشاهدتها.. ما علينا.. المهم.. الشىء الذى كان ملفتًا للنظر والسمع والفهم أن رئيس المجلس الموقر الدكتور الكتاتنى جاء إلى الجلسة متأخرًا ساعتين ونصف الساعة واعتذر لأنه كان فى أول اجتماع للجمعية التأسيسية الشهيرة بلجنة وضع الدستور..

وقالوا إنه قد تم فى هذا الاجتماع أشياء مهمة جدًا بالعند فى الناس المشاغبة اللى انسحبت من اللجنة.. اختاروا فى هذا الاجتماع رئيس اللجنة وهو الكتاتنى برضه واثنين نواب للرئيس وغالبًا هما الكتاتنى برضه ووضعوا كمان خطة عمل وشكلوا لجانًا تحضيرية لإعداد مسودة لدستور «الكتاتني».. المهم فى الموضوع السعادة البالغة البادية على وجه الكتاتنى واخوته داخل الموقر ربنا ما يحرمهم من السعادة البرلمانية المنتخبة من الشعب.
أما المرشد العام فكان غاضبًا ووصف الإعلاميين بأنهم سحرة فرعون لأنهم بثوا الرعب فى قلوب الناس وأوهموهم بأن الإخوان هم بديل «الحزب الوطني» وأنهم سيدمرون البلد!! واستشهد على حسن نية الإخوان وصدقهم بكلمة الرئيس الأمريكانى السابق «كارتر» لأنه قال للمرشد شخصيًا وأكد له: «أن الشعب المصرى يحب الإخوان جدًا والانتخابات كانت نزيهة.. وطبعا كل ما قاله كارتر هو عين الصدق لأن الأمريكان ما يعرفوش يكذبوا خالص وأكيد الرعب ده مش حقيقى لأن الإخوان الآن يدوب أخذوا المجلس الموقر ومجلس الشورى الموقر  واستحوذوا تمام الاستحواذ على التأسيسية لوضع الدستور وغالبا سوف نشاهد يوم السبت المقبل الدكتور الكتاتنى وهو يخرج لنا على الهواء «الدستور» من درج رئاسة المجلس ويعملها مفاجأة للشعب المصري.. وفاضل إيه تاني؟؟ آه الحكومة بس.. وسوف يعمل المجلس كل يوم فى جد واجتهاد فى جمع كل الاستجوابات الممكنة ولو خلصت ها يستوردوا من الصين حتى يزهق الدكتور الجنزورى ويطهق المجلس العسكرى ويسيبوا لهم الحكومة عشان يشكلوها هم ومعاهم الدكتور «الكتاتني» رئيسًا للحكومة طبعًا وهكذا سيكون لدى الإخوان أخيرًا سلطة تنفيذية تبات إن شاء الله جنب اختها التشريعية فى «الدفء» البرلمانى وتروح وتيجى مع الكتاتنى فى العربية «البى إم».. وأكيد الوزراء جاهزين وها تكون وزارة مشكلة من كل أطياف القوى السياسية التى داخل البرلمان وسيكون فيها وزير إخوان «سابق» ووزيرة قبطية عشان الوحدة الوطنية وبس كفاية كده أطياف!!
فاضل ايه بعد البرلمان والشورى والدستور والحكومة وكل وزاراتها؟ فاضل السلطة القضائية ونادى القضاة والمجلس الأعلى للقضاء.. مش مشكلة خالص.. الأول هايقفلوا لهم نادى القضاة عشان «أبوسماعين» شاكك من زمان إنهم بيطبخوا الأكل فى نادى القضاة بالبهارات والبهارات عليها جوزة الطيب.. وجوزة الطيب مسكرة وحرام.. وسوف تعتبر هذه سابقة وخطيئة لا تغتفر للقضاة تستوجب تطهير القضاء.. ووراهم لغاية ما يزهقوا ويطلعوا من دار القضاء ويطفشوا.
ويحتل الإخوان دار القضاء والنادى والمحاكم وبالمرة الدستورية العليا.. كده خلصوا على السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والرياسة طبعا مضمونة لأن مصر كلها على وشك التشبع بصورة «أبوسماعين» وعلى فكرة بوستر العربية ثمنه خمسين جنيهًا للى عاوز.
وأرجوكم لا تظنوا أن هناك خلافًا قادمًا بين السلفيين والإخوان على الرياسة.. الكلام ده بس عشان الحسد.. وهكذا سيداتى سادتى تربع الإخوان فى كل الجهات والهيئات والقطاعات والنقابات والاتحادات والغرف التجارية والصناعية وباقى دكاكين الدولة «المدنية الديمقراطية» وسوف يتم الترتيب للأزهر والكنيسة والمجلس العسكرى على رواقة

وخلاص كده وآخر مواطن هايسيب البلد ربنا يكرمه يبقى يطفى نور المطار وراه.
لماذا إذن غضب المرشد العام من الإعلام الذى شبه الإخوان بالوطني؟ ألا يعلم أن من صميم فكر وعقيدة الإخوان الشمولية التامة؟ فى مقالات للمرشد العام الشيخ حسن البنا فى الثلاثينيات من القرن الماضى قال: «إن رأى واحد منهم هو رأى الجميع». وقال أيضا: «إن المخالفين فى الرأى قد زين لهم الشيطان ذلك فهم خوارج وجب أخذهم بالحزم» وقال «إن من يشق عصا الجمع فاضربوه بالسيف كائنًا من كان».
وقال عن الدستور عام 1938 «لابد من تغيير النظم المرقعة المهلهلة التى لم تجن منها الأمة غير الانشقاق والفرقة ولابد من تعديل الدستور المصرى تعديلاً جوهريًا «توحد فيه السلطات» أي: تكون سلطة واحدة بلا أحزاب.. وماذا يكون اسم هذه السلطة الواحدة غير القابلة للاعتراض؟؟
وعندما وضع منهج نشاط الجماعة كان أهم مبادئه هو «أنه على كل مسلم أن يعتقد أن هذا المنهج كله من الإسلام وأن كل نقص منه هو نقص من الفكرة الإسلامية الصحيحة»، وهذا معناه مصادرة الدين لصالح جماعة الإخوان التى سوف تكون هى المؤسسة المهيمنة على الإسلام ومن يخالفها يكون خارجًا على الإسلام نفسه.
والديمقراطية فى رأى الشيخ البنا هى نظام ليس له معنى سوى التدخل فى حرية الآخرين لأنه كان يؤمن بأن سلطات التنظيم كلها لابد أن تكون فى يد المرشد والأعضاء ليس عليها سوى السمع والطاعة والمبايعة العمياء.. والأمثلة كثيرة للشخصيات التى أبعدها المرشد بحجة «المعارضة»، وهى من المبادئ المرفوضة تمامًا فى منهج الجماعة.
وما هو وصف الحكم الشمولى فى نظر المرشد العام الذى غضب أشد الغضب على الإعلام؟ أليس هو الزعامة الواحدة وتبعية القوم والطاعة العمياء وعدم المعارضة وجمع السلطات كلها». فى سلطة واحدة يمسك بزمامها المرشد العام؟
الفرق بين الوطنى والإخوان أن المعارضة فى زمن الوطنى كانت موجودة وعالية الصوت بلا فعل حقيقى أما فى زمن المرشد العام فهى كفر وعصيان ليس له إلا السيف.. أظن أن زمن مصادرة الوطن كله فى يد واحدة قد ولى إلى غير رجعة.. ولكن ماذا ستقول الأيام المقبلة؟
الله وحده يعلم