رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القانون فى خدمة الرأي العام

عندما غرقت العبارة السلام منذ عدة سنوات وغرق معها أغلب الركاب الذين كانوا فيها وتعدوا الألف مصري.. كان الحادث مؤلمًا ومؤسفًا ومحزنًا.. بعد ساعات من الحادث ولم تكن الرؤية قد اتضحت بعد حول السبب المباشر في غرق العبارة سواء كان عدم صلاحية العبارة نفسها

وتأخرها إلي ما بعد قدرة الضحايا علي التحمل بعد ساعات قليلة من الحادث والرؤية منعدمة تقريبًا انطلقت من جوف الإعلام صيحة «ممدوح إسماعيل قاتل الفقراء».. بس!!
وسار الركب خلف هذه الصيحة يهتف في الإعلام المرئي والمقروء ولم يلق أحد بالا إلي تحقيقات ولا إلي تقارير فحص العبارة ولا تقارير الموانئ السعودية والمصرية ولا إلي رأي خبراء البحرية ولا إلي أن الموضوع برمته بين أيدي القضاء.. فقط سارت الزفة الإعلامية في طريقها وأعطت نفسها حق الاتهام والإدانة والنطق بالحكم لأن الإعلاميين كلهم بقلوبهم وأعصابهم فداء لفقراء مصر الغلابة ومعهم علي الدوام!!. وعندما قرأت أنا التفاصيل أيامها وكانت كثيرة وقرأت أن شركة التأمين الإنجليزية قد صرفت التعويضات إلي أهالي الضحايا بالكامل قلت إن هذا التصرف دليل علي سلامة العبارة.. وقلت إن هذه التفاصيل تشير إلي أن العبارة ما كان يجب عليها أن تتحرك من ميناء «ضبا» في السعودية وأن سوء تصرف القبطان وإصراره علي الابحار والعبارة مائلة وجوفها مليء بالمياه قادر علي اغراق العبارة وهذا لا يدين صاحب العبارة..!! والنتيجة معروفة طبعا تلقيت سيلاً من الشتائم والاتهامات بأنني قبضت استرليني من ممدوح إسماعيل وأنني ذهبت إلي لندن فسحة وشوبينج علي حساب ممدوح إسماعيل ورغم أن الشتائم أيامها كانت مؤدبة جدًا إلا أنني تعجبت علي رد الفعل تجاه الرأي المخالف والذي كان اتهامات بالرشوة والتدليس.. المهم.. بعد حكم المحكمة الأول بالبراءة قامت الدنيا في الإعلام ولم تقعد وانهار أقارب الضحايا وارتموا علي الأرض.. وهتف الجميع ضد الحكم ورفضوه رغم أنهم قبضوا التعويض من شركة التأمين وكان 300 ألف جنيه مصري للضحية.
إلي هنا والموقف متوقع.. ولكن ما هي إلا ساعات حتي سارع النائب العام وأصدر قرارًا بإعادة التحقيق في القضية.. هتف الإعلام والناس واعتبروا أن النائب العام وقف مع الشعب ضد عدو الشعب وهو القاضي الذي أصدر الحكم وانزعجت أنا لأن القضاء قد رضخ للرأي العام وهي كارثة تنذر بالمزيد وتهدد هيبة القضاء نفسه وكتبت عدة مرات وقلت إن القضاء والقانون هو السند الحقيقي للفقراء ولابد أن يكون قرار القضاء فوق

الجميع قويا وملزما ومحقًا للحق وأن الاستجابة للرأي العام من طرف القضاء ستكون بداية لسنين جديدة ممكن أن تصل إلي عمل استفتاء عام من الشعب علي أحكام القضاء.. وتوقعت أن الأحكام الصادرة بعد هذا الموقف إذا لم توافق هوي الناس لن يقبلوها وسوف يصرخون ويهددون حتي يتراجع النائب العام ووزير العدل نفسه وبالفعل كان الحكم الثاني بالإدانة والسجن سبع سنوات ليرضي الرأي العام وها نحن نعيش هذا المشهد الآن القضاء يرتعش والنيابة تطعن في أي حكم بالبراءة ولا تطعن في أي حكم بالإدانة حتي يرضي الشارع حتي توحش الشارع وارتفعت مطالبه إلي عنان السماء.
بعد صدور حكم بالبراءة علي رجال شرطة قسم السيدة زينب قررت الجماهير في الإسكندرية والسويس الرفض والاعتصام وطالبوا بإعدام القتلة والقصاص للشهداء ورفض حكم البراءة شكلا وموضوعًا وتصاعد الموقف فوق توقعاتي حتي قرأت أن أهالي الشهداء هددوا باقتحام سجن طرة وقتل علاء وجمال إذا لم يصدر حكم الإدانة وأنهم سوف يلاحقونهم لو خرجوا خارج البلاد وسوف يطاردون هيئة الدفاع التي تدافع عن مبارك والعادلي وباقي المتهمين وفي هذه العبارة الأخيرة المعني واضح برفض القضاء والقانون وحكم القاضي ومرافعة المحامين وكأن المحامي الذي يدافع عن المتهمين خائن ومتواطئ.. هنا يا سادة وقع القانون علي الأرض ودهسته أحذية الرأي العام وغاب معني القانون وقرر الشعب إصدار الحكم وتنفيذه علي هواه وهذا «الهوي» يرتفع ثمنه كل مرة وليس ببعيد أن يكون الثمن في المرة المقبلة حرق المحكمة وقتل القاضي ومطاردة المحامين والاعتصام في حجرة صالون وزير العدل وعليه أن يعد الخيام والحواوشي من الآن.