عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإعلام المصري.. خارج معركة ميدان التحرير

علي الرغم من أن أحداث 25 يناير كانت كفيلة بأن تقلب موازين القوي والتوازنات السياسية والاعلامية والمجتمعية، بعد أن تمكنت من تفكيك أوصال نظام رئاسي تآكلت شرعيته التي ظلت مسنودة دوماً علي عصا أمنية غليظة لم ينالها من العقل السياسي نصيب، وكشفت ثورة 25 يناير عن ازمة عميقة حاول نظام الرئيس مبارك إخفاءها أو التعايش معها يوماً بيوم دون الارتكان إلي خطة مستقبلية ترسي البلاد والعباد إلي بر أمان، وفقدت الآلة الإعلامية الرسمية بريقها المزيف بعد أن ظهر ضعفها جلياً في رصد وتغطية معركة ميدان التحرير وغيره من الميادين المصرية التي أشعلها شباب مصر ناراً، والواقع أن شباب 25 يناير نجح في عودة الحس الوطني للشعب المصري بمختلف طوائفه وألوانه، لينصهر الجميع في بوتقة واحدة تحت عنوان »مصر واحدة وشعب واحد« حتي بات من الصعب أن تعرف في ميدان التحرير محمد من جرجس وخديجة من تريزة، وهو ما لم يكن بمقدور ذهنية الإعلام المصري استيعابه سريعاً، واللافت هنا، أن تطور أحداث ميدان التحرير فتحت الباب علي مصراعيه أمام تساؤلات عدة من أهمها فشل الإعلام المصري المتآكل في تجاوز أحداث ميدان التحرير والالتفاف حولها، بتقديم قراءة ملتوية لثورة كم تلهفنا عليها.

لقد عجز الإعلام الرسمي عن إدراك طبيعة الحدث الذي تخطي حال الاحتجاج لينقلب إلي ثورة شبابية شعبية بسبب سوء التغطية وعدم الحيادية، إضافة إلي غياب أبسط القواعد القادرة علي صوغ ضمير أمة صنعت هذه الملحمة العظيمة وحاول إعلام الحزب الوطني إجهاض أجواء ميدان التحرير الساخنة في القاهرة وميدان الأربعين بالسويس وميدان المنشية بالإسكندرية وغيرها من المحافظات المصرية، وذلك عبر بث صور مغايرة للواقع إضافة لتخوين المتظاهرين الشرفاء، وحشد الرأي العام ضدهم والنيل من ثورتهم المجيدة في الوقت الذي يُولد فيه مواطن جديد في مصر جديدة، وبدا الفشل الإعلامي بارزاً في التخبط إزاء رصد الحدث وتحليله، فبينما حاولت الفضائىات الخاصة بث رسالة إعلامية حملت في طياتها قدراً معقولاً إلي حد ما من المهنية والحيادية بما يتضمن لها تجنب الاصطدام بالسلطة حاولت الرسالة الاعلامية الرسمية التهوين من شأن معركة ميدان التحرير عبر بث

مشاهد رومانسية لقاهرة حالمة بدت وكأنها تخلو من البشر والحجر، ومن ناحية أخري حمل الخطاب الاعلامي الرسمي نوعا من الاستعلاء والتسلطية، فلم يكن ليصدق أن النظام الذي صنعه بات أكذوبة كبيرة، لذلك لم يكن غريبا توجه عموم المصريين نحو الفضائىات الغربية الناطقة بالعربية مثل فرانس 24 والحرة وغيرهما إضافة إلي الفضائىات العربية، وفي طليعتها قناة الجزيرة التي وقفت علي طرفي نقيض الاعلام الرسمي المصري ففقدت مهنيتها ومصداقيتها لدي قطاع واسع من المصريين بعد أن كرست رسالة إعلامية احادية بدت وكأنها في معركة تصفية حسابات مع النظام السياسي المصري، وإذا كان معروفاً أن للجزيرة اجندتها الخاصة التي روجت علي أساسها رسالة إعلامية موجهة أكثر منها منحازة، وكأنها طرف في الحدث وليس ناقلا له، فعلي الجانب الآخر فشل الإعلام المصري في بناء استراتيجية إعلامية يمكنها الرد علي ما تثيره الجزيرة والرأي وغيرهما من لغط وتشويه للحقائق وأحياناً، ناهيك عن الفشل في بناء توافق علي أجندة وطنية واضحة محددة المعالم في خضم ثورة 25 يناير.

لقد ظل الإعلام المصري خارج سياق ميدان التحرير ولم يفق من سباته العميق إلا بعد ما يقرب من عشرة أيام علي أحداث الثورة الشبابية حين نجح الشباب الجدد في إثبات قوتهم وشرعيتهم.

المهم أن توجه عموم المصريين حيال الفضائىات غير المصرية، بدا احتياجاً ملحاً، بعدما عجزت وسائلنا الاعلامية عن ضخ خطاب يتفاعل مع المجتمع ويستوعب طموحاته المشروعة.