رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبور الحكم..

ليس الإرهاب وتفجير أبراج الكهرباء واستهداف رجال الجيش والشرطة هو مايهدد حاضر مصر ومستقبلها.. مايهدد مصر وهويتها ووجودها ذلك التخلف الثقافي الذي يضرب في عمق العقل المصري وأكبر دليل على ذلك  هذه الحرب بين العصر والسلف والتي يتكفلها بالوكالة مؤسسات دينية وجماعات إسلامية تقف في خندق واحد رغم اختلاف المصالح والغايات.. فالأزهر مثلا لايشرح تراثنا الديني كمنتج بشري وإنما يقدم كلام الأئمة وكبار الشراح على أنه قول واحد لايقبل الاختلاف على الرغم من أنه لايوجد تاريخ مليء بالصراعات والفتن والاقتتال مثلما حمل التاريخ العربي الإسلامي في طياته.

كذلك الجماعات الإسلامية التي تقتل وتذبح وتحرق باسم الدين والسلف فهي تقف عند نفس الخط الذي يجرم الاختلاف ويخلط بين اجتهادات البشر وبين الوحي المقدس الذي هو نفسه متروك في فهمه وتقديره للبشر في كل زمان ومكان .
النتيجة الطبيعية لهذا الجمود أننا في بلد مثل مصر تؤثر بحياتنا دساتير الأموات أما دساتير العصر فلاقيمة لها ولا احترام من حاكم أو محكوم.. هذا الميراث الذي بدأت طبقاته في التكون منذ بدايات العصر الأموى وربما قبله بقليل وحتى يومنا هذا لم يفرز لنا أي تقاليد في الحكم والإدارة تساعدنا على التطور ولم يقدم لنا تجربة واحدة يعتد بها في العدل والحرية والمؤسسة الوحيدة العريقة والعتيقة التي نقلتها لنا الأزمان الغابرة وثبتتها في عروق وشرايين عصرنا هي مؤسسة الاستبداد.. وفي كتابه القيم ـ الدولة والمجتمع ـ يقول الدكتور محمد شحرور «ترك الفقه الإسلامي الحاكم الظالم المستبد وانشغل بالمرأة وحجابها وحيضها وانصرف الى أدق تفاصيل المعاملات والأحوال الشخصية بينما بقي الفقه الدستوري هزيلاً ومعدوما يتناسب مع السلطه المستبدة وظلت أزمة الناس هي نفسها أزمة السلطه فهم يعيشون حياتهم اليومية الى أن يموت الحاكم فتضطرب الحياة وتتوقف حتى تستقر أمور الحاكم الجديد ويعرفون من هو لتعود الحياة الى عادتها ويتتبع الناس شخصية الحاكم الجديد دون اي

ضابط فقهي أو دستوري فإن كان عادلاً فله الأجر والشكر وان كان فاسدا مستبداً فعليه الوزر وليس عليهم إلا الصبر».
أما حديث الإرهاب والعنف فمن الحكمة أن نفرق بين المرض والعرض، وأتصور أن كل مظاهر العنف والإنفلات والفوضي والفساد والتردي الأخلاقي ـ كل هذا وغيره عرض ونتيجة تاريخية مؤكدة لعصور الاستبداد والمظالم وإنعدام الإيمان بحرية الإنسان وحقه في الترقي والمساواة وأعتقد أن أي دراسة منصفة وموضوعية لتاريخ الحركات الإسلامية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين لابد وأن تصل بنا إلى نفس النتيجة التي تقول بأنه لو استقامت أمور الحكم والحكام وتراجعت موجات الاستبداد وتم الفصل بين ماهو ديني وماهو سياسي واعتبر الحاكم أن فضيلة العلم  أهم من غوايات السلطة وأن الارتقاء بالإنسان هو ضمانة أمان الحاكم لما تدهورت أحوالنا وتوالدت من بين ضلوعنا جماعات ضالة تحارب العصر بعظام الموتي وتحتقر العلم لصالح مؤسسات الجهل .
وأعتقد أن بداية استبشارنا بالمستقبل ستظل مرهونة باللحظة التي نجد فيها التعليم والثقافة أولوية قصوى لدي نظام الحكم وأن احترام الانسان أهم من المتاجرة بالأديان وأن الله قد خلقنا لنعمر ونبني بعقولنا وأفكارنا وقناعاتنا وليس بفتاوى رجال اجتهدوا في زمانهم ومضوا ومضى زمانهم ومن العته والجبن أن نحارب معركتنا بأسلحة في مخازن القبور..

[email protected]