رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

وزراء لم يحلفوا اليمين ..

 

بعد ثورتى يناير 2011 و30 يونية 2013 تصدر مسرح الأحداث عدداً من الإعلاميين أعطوا أنفسهم الحق في غياب سلطة مركزية قوية بتشكيل وكتابة أجندة المصريين يوم بيوم .. ومثل شاعر الربابة في عصور خلت يسلم المصريون أنفسهم كل ليله لشاشة صغيرة يجلسون أمامها بعد يوم طويل من المعاناة والشقاء ويبدأ شاعر الربابة في امطارهم بأفكاره ومواقفه وبطولاته وتخويناته وتهويماته وفتاواه في كل شيء من أول الموقف من الله والرسول والامام البخاري وصولا إلى أحقية أحمد عز وسما المصري في الترشح من عدمه مرورا بتقسيم المصريين كرقعة شطرنج ـ وطني من بتوع يناير ـ وطني من بتوع 30 يونية ـ فلول مبارك والوطني ـ إخواني برخصة ـ إخواني هاوي ـ إخواني متعاطف  ـ سلفي متلون ـ سلفي قفل ـ سلفي مستنير ـ سلفي داعشي ـ بردعاوي عميل ـ بردعاوي مثقف.

بمرور الوقت استفحلت ظاهرة الإعلامي الحنجوري وتحول إلى إعلامي سلطوى ـ ليس مهما مدي قربه من السلطة من عدمه لكن اللافت هو تأثيره في توجيه السلطة التنفيذية ودفعها أحيانا لقرارات قد لاتكون مستعدة إليها وأحيانا قد لا تكون واردة أو محل اهتمام.
هذه الطبقة من الإعلاميين غيرت المعادلة التي كانت سائدة في عهد مبارك بالذات في آخر خمس سنوات.. كان الإعلاميون القريبون من السلطة يعملون من منطلق التبعية والنوم في حضن السلطان الآمر الناهي والاستمتاع بعطاياه، وبعض فتوات إعلام اليوم كانوا من غلمان عصر مبارك والسابحين في عسله وسمنه.. أما المعادلة الجديدة فنلمح منها سطوة عدد من الاعلاميين أصحاب النفوذ والتأثير ليس بقوة منطقهم الإعلامي ومهنيتهم العظيمة ولكن استنادا لجبروت سلاح الدعاية وتوجيه الرأي العام واستغلالهم الانتهازي لظروف وحساسية اللحظة التاريخية لهذا البلد المسكين أمام تجبرهم وجبروتهم.
كثير من وزراء الحكومة أضعف من فتوات الإعلام الذين يشبهون الى حد كبير فتوات حارات نجيب محفوظ الذى تسود سلطتهم بقدر قوتهم وقدرتهم على التخويف والترهيب.. الدور الذي يقوم به أبرز الإعلاميين اختلط فيه ما هو إعلامي بما

هو سياسي ولم يعد المنبر الإعلامي منبر رأي ورقابة مجتمعية ولكنه تحول إلى سلطة تنفيذية بل وتشريعية أحياناً ـ إلى الحد الذي جعل كثير من الوزراء في حالة يرثي لها وهم يتحدثون مع هذه الشريحة من الإعلاميين.. فالوزير في الوضع الأضعف والمضطرب والإعلامي يملك قوة الجلد والصفع أحياناً.. وأعتقد أن الصورة السلبية للحكومة في مخيلة كثيرين يصنعها فتوات الإعلام باستقوائهم على الوزراء وكبار المسئولين التنفيذيين.. فتوات الإعلام هم وزراء بلا وزارة.. هم وزراء لم يحلفوا اليمين.. وزراء مكاتبهم بمدينة الانتاج الإعلامي ومرتباتهم من أباطرة المال في مصر الذين يقفون خلف المشهد ويسعون للتحكم وربما للحكم أحياناً.
قبل 25 يناير 2011 عشنا عصر الزواج الباطل بين المال والسلطة وبعد 25 / 30 ها نحن نتابع ونرصد زواج الإعلام بالسلطة، والخطير في الأمر أن الإعلام ورموزه هم كتلة الثلج الطافية التي تخفي حقيقة وحجم جبل المال ورجاله ومصالحه.. ومن واجب النظام الساسي في مصر أن يتنبه إلى حقيقة أن هذا الجيل من فتوات المال والاعلام أخطر على مصر من الإرهاب المسلح الذي نحاربه لأنهم يعزلون السلطة بمرور الوقت عن المجتمع بعد أن يتمكنوا من قهر الحقيقة والدفع بجبال الوهم للصدارة وساعتها سيجد المصريون أنفسهم على أعتاب تيه جديد قد ينتهي بهم إلى حالة من الفوضي الغير خلاقة..

[email protected]