رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نعم.. الإخوان متخلفون ولكن

أتمنى ألا ينسينا العام الأسود لحكم الإخوان المسلمين وحماسنا لثورة 30 يونيو أن هناك مشكلة كبيرة في التعليم تقف خلف حالة الفوضى والتخلف التي يثيرها طلبة الإخوان.. المسألة ليست فقط مخططات جماعة غير وطنية بالمرة من أجل إفشال خارطة الطريق ولا مجرد أموال تنفق لاستمرار حالة القلق داخل جامعات مصر..

يجب أن نتحلى بالموضوعية ونصارح أنفسنا بأن تخلف نظام التعليم في مصر سبب مباشر وقوى لما نراه اليوم من تدهور حالة الشباب وثقافتهم وانعدام شعورهم بالانتماء لأننا لو فكرنا بهدوء وبدون عصبية وتعصب سنصل لنتيجة مؤداها أنه لا يمكن أن ننتظر خيرا من شباب انعدمت صلته بالفنون والآداب خلال سنوات تعليمه إلى الحد الذي جفف منابع المواهب في المدارس والجامعات وبقي التفوق فقط في القدرة على التحصيل العلمي والذين يحصلون على مجاميع تفوق المئة بالمئة وهذا ليس مقياسا أبدا لأهلية الطالب أن يكون شابا عصريا مستوعبا للقيم الإنسانية العالمية وكثير من هؤلاء يفتقرون لأبسط جوانب الثقافة التي تبني الشخصية وتؤهلها للتفتح والانطلاق وليس الانغلاق والسقوط بسهولة في مستنقع الأفكار المتخلفة كالتي يروج  لها الكثير من التيارات الدينية.. المشكلة ليست في قوة الإخوان المسلمين أو غيرهم ولكن المشكلة الحقيقية في ضعف التعليم وإهمال أجيال متعاقبة من الشباب خلال أربعين سنة مضت دون إدراك لمخاطر أن تكبر هذه الأجيال من دون أن تعرف شيئا عن  تراثنا الفني والأدبي مما جعلهم مثل الأرض البور الجاهزة لتشرب أي مياه تأتي إليها من برك التخلف والجمود والانفصال عن العصر.. شباب الجامعات الذين يحرقون ويحملون الأسلحة البيضاء لا يفعلون ذلك لمجرد انتمائهم  لجماعة الإخوان المسلمين ولكن الأهم من ذلك أن هؤلاء الشباب لا ينتمون لعالم الفن والإبداع والالهام.. لا يعرفون شكسبير وطه حسين والعقاد والمازني ونجيب محفوظ ويوسف إدريس.. لم يستمعوا لأم كلثوم وعبدالوهاب.. لا يحترمون الفن التشكيلي ولم يسمعوا عن المثال محمود مختار ولا الرائع صلاح طاهر.. ماذا ننتظر من شاب في جامعة الأزهر يقول له استاذه إن الموسيقي والغناء حرام، ويوم القيامة سيصب الرصاص المصهور بأذن عبد الوهاب وأم كلثوم.. ماذا ننتظر من شباب لم يجد على شاشة تليفزيون بلده أي مظهر لاحترام أصحاب العقول والإلهام في مقابل الاحتفاء بفتيات الإعلان وصعاليك الغناء ولاعبي الكرة الذين ظهر من بينهم دراويش لم يكتفوا بتخلفهم فذابوا عشقا في التخلف الإخواني وفي الرئيس العميل.. ماذا ننتظر من شباب يدرس في كليات آداب تحرم دراسة بعض مسرحيات شكسبير لأن بطل مسرحية «عطيل»  كان مسلما وألحد.. ماذا ننتظر من شباب يدرس بكليات الطب والهندسة والعلوم وغيرها من الكليات العملية على يد اساتذة حصلوا على الماجستير والدكتوراه دون إلزام لهم بدراسة جزء من العلوم الانسانية ضمن الرسائل العلمية، وهو المتبع في الجامعات الكبرى بالعالم المتقدم المحترم لأن هذه الجامعات المحترمة ترى أن استاذ الهندسة لا تكتمل أستاذيته الا بدراسة علم النفس والأدب والموسيقي وسائر الفنون الرفيعة.. والنتيجة طبعا في مصر المحروسة أننا عشنا حتى رأينا أساتذة للطبيعة

والكيمياء والهندسة النووية من رواد رابعة ومن دراويش الإخوان ومن أعمدة تدريس الجهل بالجامعات ومن تحت أيديهم تخرج آلاف من الطلبة الذين لم يروا في الحياة سببا للبهجة والتسامح والانفتاح على الآخر.. ماذا ننتظر من طلبة لا يرون في الأفق بادرة أمل لعمل أو عدل أو إصلاح أو زواج أو سكن.. شباب يدرس علوما وآدابا لا يجد لها أي اثر في الحياة والمجتمع.. شباب تلاشت من حياته القدوة، وكل النماذج التي تعتلي المسرح أمامه معظمها هو الأقدر على الفهلوة والخطف والنصب ومنافقة ذوى الجاه والسلطة.. مسرح الحياة لا يتصدره من لهم قيمة بما يحملون من علم وثقافة ومعرفة نافعة ولكن يتصدره منتفخو الكروش والعروش والجيوب.. ماذا ننتظر من شباب فسد من تحته ومن فوقه حتى الأسرة التي خرج منها هى نفسها  منتج للتعليم المتخلف وتدربه منذ صغره على ثقافة تعتمد على غلظة الطبع وعلى أن قيمة الانسان في قوة عضلاته وحجم ما يملك .. المسألة يا سادة اذن ليست فقط «إخوان».. أنا أعلم وأدرك أن جماعة الإخوان المسلمين من أكثر الجماعات التي ظهرت فى مصر سوءا على مدى تاريخها القديم والحديث، ولكن هذه الحقيقة لا يجب أن تغمض أعيننا عن حقيقة أخرى وهي أنه من قبل 25 يناير و30 يونيو ونحن في بلد منذ اربعين عاما ارتكبت فيه ابشع جرائم التاريخ وهي جرائم تخريب العقول والنفوس، وأنا اتعجب من الإصرار على محاكمة رموز أنظمة سابقة على جرائم مال عام أو قتل متظاهرين.. الأخطر يا سادة من كل ذلك جرائم تدمير الشخصية المصرية التي نحاول لملمتها اليوم داخل الجامعات وخارجها  وهي مهمة تبدأ من داخل الجامعات بأن نعيد النظر في نظام التعليم بمصر وهو الأكثر تخلفا وخطرا على مصر ومن غرائب الزمن أن مشكلة محمد على باشا عام 1805 كانت التخلف الناتج عن الجهل، وبعد أكثر من مائتي عام فمشكلتنا اليوم التخلف الناتج عن التعليم.. يا رئيس مصر القادم اقرأ محمد على جيدا..

[email protected]