نعم.. الإخوان متخلفون ولكن
أتمنى ألا ينسينا العام الأسود لحكم الإخوان المسلمين وحماسنا لثورة 30 يونيو أن هناك مشكلة كبيرة في التعليم تقف خلف حالة الفوضى والتخلف التي يثيرها طلبة الإخوان.. المسألة ليست فقط مخططات جماعة غير وطنية بالمرة من أجل إفشال خارطة الطريق ولا مجرد أموال تنفق لاستمرار حالة القلق داخل جامعات مصر..
يجب أن نتحلى بالموضوعية ونصارح أنفسنا بأن تخلف نظام التعليم في مصر سبب مباشر وقوى لما نراه اليوم من تدهور حالة الشباب وثقافتهم وانعدام شعورهم بالانتماء لأننا لو فكرنا بهدوء وبدون عصبية وتعصب سنصل لنتيجة مؤداها أنه لا يمكن أن ننتظر خيرا من شباب انعدمت صلته بالفنون والآداب خلال سنوات تعليمه إلى الحد الذي جفف منابع المواهب في المدارس والجامعات وبقي التفوق فقط في القدرة على التحصيل العلمي والذين يحصلون على مجاميع تفوق المئة بالمئة وهذا ليس مقياسا أبدا لأهلية الطالب أن يكون شابا عصريا مستوعبا للقيم الإنسانية العالمية وكثير من هؤلاء يفتقرون لأبسط جوانب الثقافة التي تبني الشخصية وتؤهلها للتفتح والانطلاق وليس الانغلاق والسقوط بسهولة في مستنقع الأفكار المتخلفة كالتي يروج لها الكثير من التيارات الدينية.. المشكلة ليست في قوة الإخوان المسلمين أو غيرهم ولكن المشكلة الحقيقية في ضعف التعليم وإهمال أجيال متعاقبة من الشباب خلال أربعين سنة مضت دون إدراك لمخاطر أن تكبر هذه الأجيال من دون أن تعرف شيئا عن تراثنا الفني والأدبي مما جعلهم مثل الأرض البور الجاهزة لتشرب أي مياه تأتي إليها من برك التخلف والجمود والانفصال عن العصر.. شباب الجامعات الذين يحرقون ويحملون الأسلحة البيضاء لا يفعلون ذلك لمجرد انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين ولكن الأهم من ذلك أن هؤلاء الشباب لا ينتمون لعالم الفن والإبداع والالهام.. لا يعرفون شكسبير وطه حسين والعقاد والمازني ونجيب محفوظ ويوسف إدريس.. لم يستمعوا لأم كلثوم وعبدالوهاب.. لا يحترمون الفن التشكيلي ولم يسمعوا عن المثال محمود مختار ولا الرائع صلاح طاهر.. ماذا ننتظر من شاب في جامعة الأزهر يقول له استاذه إن الموسيقي والغناء حرام، ويوم القيامة سيصب الرصاص المصهور بأذن عبد الوهاب وأم كلثوم.. ماذا ننتظر من شباب لم يجد على شاشة تليفزيون بلده أي مظهر لاحترام أصحاب العقول والإلهام في مقابل الاحتفاء بفتيات الإعلان وصعاليك الغناء ولاعبي الكرة الذين ظهر من بينهم دراويش لم يكتفوا بتخلفهم فذابوا عشقا في التخلف الإخواني وفي الرئيس العميل.. ماذا ننتظر من شباب يدرس في كليات آداب تحرم دراسة بعض مسرحيات شكسبير لأن بطل مسرحية «عطيل» كان مسلما وألحد.. ماذا ننتظر من شباب يدرس بكليات الطب والهندسة والعلوم وغيرها من الكليات العملية على يد اساتذة حصلوا على الماجستير والدكتوراه دون إلزام لهم بدراسة جزء من العلوم الانسانية ضمن الرسائل العلمية، وهو المتبع في الجامعات الكبرى بالعالم المتقدم المحترم لأن هذه الجامعات المحترمة ترى أن استاذ الهندسة لا تكتمل أستاذيته الا بدراسة علم النفس والأدب والموسيقي وسائر الفنون الرفيعة.. والنتيجة طبعا في مصر المحروسة أننا عشنا حتى رأينا أساتذة للطبيعة