مؤتمر لدعم الفن على غرار شرم الشيخ
جلس الفنانون، وأصحاب شركات الإنتاج، وأعضاء مجالس النقابات الفنية، مثل غيرهم من المواطنين العاديين، أمام شاشات الفضائيات، لمشاهدة وقائع المؤتمر الاقتصادي، وينتظرون مثل غيرهم أيضاً، الأموال التي ستهبط على مصر من السماء، رغم أنهم أكثر الناس معرفة بأن السماء لا تمطر ذهباً، وأن «الحداية» لا تلقى بالكتاكيت!!
ليس بجديد القول، أن الفن المصري هو القوة الوحيدة الناعمة.. والحريرية، التي يرغب ويرتضى كل عربي أن يتحسس ملمسها على عقله وروحه ووجدانه. وأن هذه القوة هي الوحيدة أيضاً التي تمتلكها الدولة المصرية للنفاذ إلي العالم العربي، حكاماً وشعوباً، بدون خوف من تهديدات بالسيطرة أو التسّيد العنيف، لو كانت قوة اقتصادية أو مسلحة!
وكنت أظن، في ظل ما نتملكه من مقومات هذه القوة، أن يكون رموزها من كبار الفنانين، والنقابات، وشركات الإنتاج، على قدر كبير من الإحساس بالمسئولية تجاه هذا الوطن، وأن يكون دورهم، أكبر بكثير من الفرجة على القنابل التي تنفجر في الشوارع، وعلى النيران التي تشتعل في المؤسسات، ومواكب جنازات شهداء الجيش والشرطة، وأن يتحركوا بطريقة منظمة وعلمية، وفاعلة، للمشاركة في مواجهة التحديات الفكرية الإرهابية والمتطرفة، التي تهدد عقل ووجدان الدولة المصرية.. بل الأمة العربية كلها. وحقيقة كان المفروض أن يكون كذلك على مستوى المثقفين والكتاب واتحاد الكتاب المصريين، واتحاد الناشرين المصريين، بدلاً من الانشغال بتغيير وزير الثقافة، وبانتماءات وميول الوزير الجديد، رغم أن تجمعهم واتحادهم وحده كان كفيل بتشغيل أي وزير عندهم لتنفيذ خطة ثقافية هم الذين يضعونها ويراقبون تنفيذها.. ولكن ذلك يحتاج إلى شخصيات ومؤسسات ناضجة وليست في مرحلة المراهقة الفكرية والثقافية!!
ولذلك استدعى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي خاطب جميع الفنانين ممثلين في الفنانة يسرا والفنان أحمد السقاء، وحذرهم: «والله هاتتحاسبوا على ده».. علي غياب دورهم الفني في تنمية الوعى وعلى المشاركة المجتمعية وعلى العمل على الارتقاء بالقوة الناعمة، وإدراك أهميتها، وأعتقد أن كلمة الرئيس كانت لكل صاحب فكر وفن وإبداع!
ولهذا، أقترح، على كبار الفنانين، والنقابات، وشركات الإنتاج الفني، السينمائي والتليفزيوني، وكذلك أصحاب الفضائيات المصرية لتنظيم مؤتمر للفن المصري، يناقش مجمل المشكلات التي تهدد هذا الفن، والعمل على وضع حلول ومقترحات لزيادة إنتاج أعمال فنية مصرية، وكيفية الارتقاء بالمستوى الفني والإنتاجي لهذه الأعمال. ويمكن مناقشة القوانين المنظمة للفن المصري، والعقبات التي تواجهه بسبب هذه القوانين، وبالتالي من الضرورة دعوة وزراء مثل الثقافة والمالية والآثار، وحتى وزير الداخلية، وغيرهم من وزارات وجهات ذات علاقة، لمناقشة هذه العقبات، ووضع حلول لها من خلال لجان فنية، وكذلك تشكيل لجان لمتابعة تنفيذها، وكذلك يمكن دعوة مؤسسات وشركات إنتاج عالمية للمشاركة في المؤتمر، للاستفادة من خبراتهم في الإنتاج والتسويق، وكذلك طرح عليهم مشاريع إنتاج أعمال فنية فرعونية مثلاً، أو طرح مشروع لبناء مدينة «هوليوود الشرق» للإنتاج الفني والتصوير السينمائي!!
وأقترح، أن يتم تكوين تجمع إنتاجي فني، يضم كبار الفنانين، وشركات الإنتاج، ورجال أعمال، ومنهم أصحاب الفضائيات، للمشاركة في إنتاج أعمال فنية، بدلاً عن العمل فرادى في أعمال محدودة الانتشار ولا تقوى على منافسة الإنتاج التركي، او السوري في بعض الأعمال، وكأن كل نجم ونجمة وكل شركة إنتاج يعيشون في جزر منعزلة. ولهذا فلتكن البداية بالعمل على إنتاج أعمال درامية تليفزيونية، وبتكلفة إنتاجية كبيرة بحيث يتم تسويقها في كل العالم العربي، وبهذا تكون عوائدها مضمونة.. فمثلا اذا تمكن هذا التجمع من أن يتولى إنتاج 10 مسلسلات ضخمة بحيث يضم المسلسل الأول النجوم
إن القوة المصرية الناعمة، تحتاج مثل القوة الاقتصادية، إلي إعادة صياغة، وإعادة تشكيل، بالقوانين والتشريعات الجديدة، وبفكر جديد، وبآليات عمل جديدة، وبطاقة حب وانتماء وعطاء جديدة أيضاً، لأنه من العيب والعار أن نترك القوة الدفاعية والأمنية، الجيش والشرطة، وحدها لمواجهة التحديات الإرهابية، والأعداء يحاولون بشتى الطرق والأساليب المجرمة استنزافها، وأيضاً الدولة تحاول إعادة بناء قوى الإنتاج الاقتصادي، الزراعي والصناعي، بالإضافة إلى تحسين خدمات الصحة والتعليم وتوفير الاحتياجات الغذائية الأساسية، من قمح وسكر وزيت وغير ذلك. بينما القوة الناعمة مثل الحرير وهي الفن المصري وكذلك الثقافة المصرية، لا تتحرك، ولا تشارك ولا تتعاون، رغم قوة تأثيرها، وتكتفى بالفرجة على وطن ينهشه الكلاب!!