رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الوتر عزف قد ينتهي بالقتل

حضرت الاسبوع الماضي العرض الخاص لفيلم »الوتر«، للمخرج مجدي الهواري والسيناريست محمد ناير،وقد سعدت لحرص بعض النجوم الشباب علي حضور عرض الفيلم ، وكان منهم أحمد السقا وأحمد حلمي وكريم عبد العزيز،بالاضافة لنجوم وابطال »الوتر«، غادة عادل ومصطفي شعبان وأروي جوده وأحمد السعدني،وهو تقليد كان معمولاً به حتي سنوات الثمانينيات،ثم اختفي بعض الوقت بعد حمي التنافس الرهيب بين النجوم الشباب الذي خلق منهم جزراً متباعدة،بحيث إذا سألت أحدهم عن رأيه في فيلم زميل له، يجيبك ببساطة وإستهانة"ماشفتوش".

وكأن إعترافه بمشاهدته سوف يورطه في الإدلاء برأيه وهو مايحاول كل منهم أن يتجنبه لأسباب غير معلومة وغير منطقية، فإذا لم يتابع نجوم السينما الافلام المعروضة، للزملاء يبقي مين بقي اللي حايكون حريص علي مشاهدتها؟ علي كل حال كان وجود هذا العدد الكبير من نجوم الشباك، دلاله علي مساندة كل منهم للآخر، بحضوره وهذا أضعف الايمان! و" الوتر" ينتمي الي نوعية أفلام الإثارة والغموض suspense" التي تقوم علي لغز أو جريمة قتل.

يتهم فيها أكثر من شخص لهم علاقة بالقتيل، وتدور حولهم الشبهات، وهو مايحتم علي المشاهد أن يدخل طرفاً في الحدث بعد أن تتفتح كل خلايا فضوله، للمشاركه في معرفة القاتل"بينه وبين نفسه أو بين رفاقه" وهذه النوعية من الافلام تعاني مشكلة مع المشاهد المصري والعربي عموماً الذي تأخذه الحماسة،والرغبة الملحة في معرفة اسم القاتل أو حل اللغز، بحيث تصرفه عن متابعة جماليات الفيلم أو العمل الفني، الذي ربما إتخذ من الشكل البوليسي مدخلا لطرح قضايا مهمة أو استطرد في طرح علاقات إنسانية شديدة التعقيد والجمال في نفس الوقت.

وهو ماحدث مؤخرا مع مسلسل »أهل كايرو«، الذي إنشغل الجمهور المصري بمعرفة من يكون القاتل عن الاهتمام بكل القضايا والعلاقات الانسانية التي طرحها المسلسل،او حتي المستوي المتميز جدا لاداء الممثلين واسلوب المخرج في عرض موضوعه، واصبح السؤال الذي يلح علي الاذهان من هو قاتل صافي سليم؟؟ وبعد ان عرفوا القاتل لم يعد اهتمامهم بقيمة العمل كذي قبل، وأحياناً ما يظهر شخص بايخ، ويتعمد إفساد متعة المتابعة علي المشاهدين، ويعلن اسم القاتل من البداية ويكون هذا الشخص من فريق العمل، أو صحفي كان يحضر تصوير الفيلم او المسلسل وعرف من أحد ابطاله وتصور انه سوف يحقق سبقا صحفيا لو إنه أعلن علي القراء إسم القاتل، ولهذا السبب تعمد بلال فضل مؤلف »أهل كايرو« أخفاء حقيقه القاتل عن أبطال العمل،حتي الحلقه الاخيرة ! وللاسف ان نوعية الاعمال البوليسية تحقق نجاحا كبيرا لدي الجمهور الغربي،لانه جمهور متحضر ومدرب علي المشاهدة بالاضافه لكونه جمهور "مؤدب" يحترم الاعمال الفنية وصناعها،لدرجه ان مسرحية "المصيدة" المأخوذة عن رواية لاجاثا كريستي ظلت معروضه علي مسارح لندن لمده ثلاثين عاما تعاقب فيها أعداد كبيرة من الابطال وشاهدها الملايين دون اي يبوح أحد من الجماهير باسم القاتل ،حتي لايفسد علي غيره متعة المشاهدة أو حرق الأحداث، وقد أشتهر المخرج الراحل كمال الشيخ بتقديم الافلام البوليسية،المأخوذه عن افلام أمريكية للمخرج العبقري الفريد هيتشكوك رائد هذه النوعيه من الافلام الملغزة،ولكن كان نجاحها في مصراقل من غيرها من الافلام الاجتماعية أو الكوميدية أو المليودرامية، واختفي الفيلم البوليسي سنوات طوال،حتي قدمت سندرا نشأت فيلمها الناجح "ملاكي اسكندرية" الذي كان أحد أسباب إرتفاع اسهم كل من أحمد عز وخالد صالح ونور اللبنانية.

وغادة عادل بطله فيلم »الوتر«! وكان »الوتر« قد عرض في مهرجان دمشق السينمائي وقيل انه كان ينتظره عدة جوائز وخاصة في مجال التمثيل "غادة عادل" والإخراج "مجدي الهواري" ،ولكن الجائزة ضاعت لأسباب غير معلومة،وإن كان من شاهدوا عرض الفيلم في دمشق أكدوا أهميته وتميز عناصره الفنية فعلاً،والواقع أن مستوي الفيلم أجمل من كل ما قيل عنه، فهو يقدم حالة إبداعيه خالصة،بغض النظر عن حكاية من يكون القاتل،فهو من الأفلام التي يمكن مشاهدتها أكثر من مرة حتي لو عرفت مسبقا حل ألغازها،وتبدأ الأحداث بإكتشاف مقتل "حسن راغب" أحمد السعدني وهو موزع موسيقي شاب، يشتهر بكثرة علاقاته النسائية، وقد تم العثور علي جثته ملقاه علي أرضية الشاليه

الخاص الذي يمتلكه في العجمي بالاسكندرية، مخنوقا بوتر من آله موسيقية،ويحضر الي مكان الحادث ضابط المباحث المقدم محمد نسيم "مصطفي شعبان"الذي يوحي من اللحظات الاولي ،أنه يعاني من أزمة نفسية حادة، نعرف بعد ذلك أنها ناتجة عن قتله لزوجته عن طريق الخطأ، وإذا كنت حريف مشاهدة افلام أجنبية، فسوف تلحظ أن هناك تشابهاً بين حالة مصطفي شعبان وحالة آل باتشينو في فيلم "أنسومينيا"، رغم إختلاف موضوع الفيلمين.

المهم تدور الشبهات حول مجموعة من الأشخاص الذين تربطهم بالقتيل علاقات مختلفة ومتباينة، وبينهم الشقيقتين مايسه "غادة عادل" وهي عازفة كمان في الفرقة السيمفونية،و شقيقتها الصغري "منه" أو اروي جوده وهي عازفة "تشيللو" في نفس الفرقة، وكما تعلم أن كل من الكمان والتشيللو من الآلات الوترية، "صحصح معايا بقي"،وأن الاصل في الفرق الموسيقية، أن تكون هناك حالة تآلف وتناغم بين الآلات المختلفة، وأن نشاز آلة ما، يمكن أن يربك الفرقه كلها ويفسد العرض"صحصح معايا تاني وركز"لأن الكلام ده مهم، وربما يساعدك في حل اللغز لاني مش ناوية اقولك مين القاتل،ومع استمرر الأحداث، ندرك من حكايات الشقيقتين أن هناك حالة من الغيرة المتأصلة بينهما.

ترجع لأيام الطفولة،حيث كان والدهما يسرف في تدليل الابنه الصغري "اروي جوده"،بينما الابنة الكبري"غادة عادل" تعاني من أزمة طاحنة بعد وفاة والدها وزواج أمها"سوسن بدر" من آخر، حيث إعتاد هذا الآخر الاعتداء عليها جنسياً،مما افسد نفسية الفتاة وجعلها في حالة ارتباك معنوي مستمر، أما ضابط المباحث "محمد نسيم" فهو يتعاطف مع مايسة، رغماً عنه ويجد نفسه منجذبا لها،ومن يستطيع مقاومة سحر غادة عادل خاصة في هذا الدور الجميل الذي اتقنت أداءه، حتي بدت في لحظات في غاية الوداعة، وفي لحظات اخري تبدو وكأنها نمرة متوحشة وإمرأة داهيه، تم تصوير بعض مشاهد الفيلم في اروقة دار الاوبرا المصرية، رغم المبالغ الباهظة التي تطلبها إدارة الاوبرا لتصوير اليوم الواحد، حتي ان المخرجة اسماء البكري اضطرت ان تصور أحداث فيلمها "كونشرتو درب سعادة" الذي لعبت بطولته نجلاء فتحي، في مسرح الجمهورية بعد او وجدت ان تكلفة تصوير اليوم الواحد في الأوبرا سيكلفها ثلاثين ألف جنيه! نهاية فيلم »الوتر« تحمل اكثر من مفاجأة،ولكن أرجوك حاول ان تكون ناضجاً، ولا تهتم كثيرا بمعرفة من القاتل، فالفيلم يحمل الكثير من المتع البصرية والسمعية، أهمها طبعا الموسيقي بما أننا بصدد فيلم عن عازفتين في فرقه موسيقية، والتصوير والإضاءة لمازن المتجول من اهم العناصر الجمالية ،اما غادة عادل فسوف تحصل حتما علي عدة جوائز،عن دورها في الوتر ويقدم مصطفي شعبان أداء يؤكد موهبته،في التعامل مع الأدوار الصعبة، أنه يعيد إكتشاف نفسه،بعد اخفاقه في أفلام الأكشن التي أهدر فيها وقته ووقتنا!