رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ازدواجية المعايير سبب نكبة الرقابة علي المصنفات

بوابة الوفد الإلكترونية

أزمة الرقابة المصرية طوال تاريخها، أن هناك فجوة بين المبدعين ورجل الشارع العادي، وبالتالي فالرقابة تظل تائهة وحائرة، بين المبدع والمواطن، لو انحازت للفنان يتهمها رجل الشارع بالتسبب في انهيار المجتمع ونشر الفجور، ولو اتفقت مع الشارع يتهمها المبدع بالتخلف ونشر الجهل، ولأن المثقفين دائماً صوتهم الأعلي يظلون في حالة تربص بالرقيب حتي يعزل من مكانه، ثم يدخلوا في دوامة أخري إلي ما شاء الله، وبين هذا وذاك دائماً الرقابة هي الطرف الأضعف بحكم أن الرقيب دائماً هو موظف داخل الكادر الحكومي.

لكن يبقي السؤال: هل للرقابة دور في حالة الصراع الدائم بين الشارع والمثقف؟.. الإجابة بالتأكيد، هناك دور كبير لأن الرقيب في كثير من الأحيان يتعامل بعواطفه مع الأحداث، رغم أن فض الاشتباك بين طرفي النزاع أمر بسيط جداً لو طبق الرقيب المعايير التي حددها القانون، خاصة أن المثقف دائماً ما يرفع شعار «حرية الإبداع»، وهم أبعد ما يكونون عن الحرية، لأنهم لا ينظرون سوي لرأيهم فقط، و99٪ من القضايا التي أثيرت في عالم السينما المصرية، يكون بطل الأحداث المشاهد العارية والألفاظ التي تخدش الحياء، وهذه أمور ليست لها علاقة بحرية الإبداع، فالحرية في العالم كله مرتبطة بمناقشة قضية سياسية أو رأي مخالف للحاكم أو النظام الحاكم، لكن مع شديد الأسف كل القضايا التي تثار ويحدث خلاف حولها ما هي إلا مشهد اغتصاب أو علاقة شذوذ أو لفظ خادش، وهذا يعني أن المعركة دائماً ما تقع علي شيء تافهه كان من الممكن تداركه من البداية.
فيلم هيفاء وهبي «حلاوة روح» ظهر منذ اليوم الأول لعرض البرومو أن هناك مشاهد لا يمكن قبولها، وهناك ألفاظ ضد تقاليد المجتمع المصري والعربي، وخرج صناع الفيلم يتهمون من دقوا ناقوس الخطر بالحكم المسبق علي الفيلم قبل أن يشاهدوه، رغم أن البرومو في الأساس يعتمد علي مشاهد من العمل، وليست مشاهد من فيلم آخر، وبالتالي كان من الممكن أن يعاد مونتاج العمل وحذف الـ 33 ملحوظة التي أقرتها الرقابة، خاصة أن هناك كلاماً خرج من الرقابة يقول إن البرومو والفيلم حظيا علي أكبر نسبة رفض بين الرقباء بالرقابة علي المصنفات الفنية، لكن قانون الرقابة منح رئيس الرقابة الرأي الأخير بالموافقة أو الرفض، وهو ما استغله «عواض» في تمرير البرومو وكذلك الفيلم، وأعلن في حينها بعض العاملين بالرقابة، أن الأيام سوف تثبت مدي صواب رأي الرقباء الذين رفضوا العمل ومن يستغلون حرية الإبداع أسوأ استغلال، بغض النظر عما يصيب الناس والمجتمع، ولو صحت هذه المعلومة المسربة من داخل الرقابة فهذا يعني أن الديمقراطية التي يتحدث عنها المدافعون عن حرية الإبداع لا وجود لها داخل جهاز الرقابة، وأن «عواض» المنتمي منذ سنوات

للمدافعين عن الحرية لا يطبقها بين الرقباء، القانون نعم منحه حق المنع أو الرفض، لكن عندما يتعلق الأمر بفيلم من هذه النوعية فعليه أن يأخذ برأي الأغلبية، حتي لا يضع نفسه في مساحة ضيقة ويكون مثل الملاكم الذي وضع نفسه في أبعد ركن من الحلبة فانقض عليه منافسه وانتهت المباراة بالضربة القاضية.
«عواض» منذ ظهوره وهو ينتمي لنوعية المخرجين الذين ينحازون للمشاهد المثيرة، وهذا لا يعيبه، بشكل شخصي كفنان، ولكن عندما يتولي مسئولية الرقابة فهذا وضع آخر، يحتم عليه إعلاء كلمة الأغلبية حتي يبعد نفسه عن أي كلام من الممكن أن يتردد.
الغريب في الأمر أن نجد أبطال الفيلم اتفقوا مع الرقيب في أن العمل عادي جداً وطبيعي، وهذا يعني إما أن أهل مصر جميعاً شاهدوا عملاً آخر غير الذي شاهدته الرقابة، وأن مشاهد هيفاء هي من خيال المشاهدين، وأن مشاهد الرقص التي جمعت «هيفاء» بـ «حكيم» حلم، وأن المشاهد الأصلية مجرد استعراض أو تابلوه لفرقة رضا.
أهم ما يجب أن يتميز به المبدع أن يتمتع بالحيادية، ولا يعارض لمجرد المعارضة.
الرقابة أيضاً لا تتحمل مسئولية التصريح للفيلم بالتداول، لكنها تتحمل مسئولية عدم تنفيذ قرارها بأن العمل للكبار فقط، فمسئول الرقابة الأول أحمد عواض لم يكلف نفسه بمتابعة الأمر، حتي مع شرطة المصنفات الفنية، لأن ما حدث توقعته «الوفد» ونشرنا تقريراً في 16 فبراير الماضي يقول إن التصريح بالفيلم تحت عبارة «للكبار فقط» مجرد محاولة لتمرير العمل وطرحه في الأسواق، لأن دور العرض لن تلتزم بالقرار، وبالتالي أي طفل يحمل قيمة التذكرة سوف يتمكن من مشاهدة العمل، وبالتالي فالرقابة عليها أن تتحمل نتيجة هذا الأمر، لأنهم ألقوا بكرة اللهب في الشارع المصري ثم اختفوا.. عموماً اليوم سوف تتحدد أمور كثيرة متعلقة بهذا الجهاز بعد الاجتماع مع «محلب».