رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عندما يتحدث "الأزهر" يصمت الجميع

جبهة الإبداع المصري
جبهة الإبداع المصري

مازالت أصداء عرض فيلم «نوح» داخل وخارج مصر، تلقي بظلالها علي الوسط الفني.

وصدرت تصريحات من هنا وهناك بين مؤيد ومعارض لكن هناك تصريحات تبدو دائما هي الأكثر غرابة ودهشة بالنسبة للناس. لأنها تحمل بداخلها قدراً من عدم الدراية بقدر وجلال بعض المؤسسات الدينية مثل الأزهر الشريف، رمز الوسطية في الإسلام علي مستوي العالم. لذلك جاءت كلمات عبدالستار فتحي مدير الرقابة علي المصنفات الفنية عن فيلم «نوح» والتي قال فيها لـ«الوفد» في عدد الاثنين الماضي، حرام منع عرض فيلم «نوح» في مصر، فالفيلم جيد وأنه ضد كل الانتقادات التي وجهت إليه، فالفيلم علي حد قوله يتعرض لشخص اسمه نوح لكن المخرج لم يوضح انه النبي نوح أو شخص عادي بهذه الصفات، وأضاف: لكنه إذا كان نوح فهو من منظور ليس إسلاميا لكنه يتناوله من منظور العهد القديم «التوراة». وهنا لابد أن نتوقف قليلا أمام كلمات مدير عام الرقابة التي يشير فيها إلي أن المخرج لم يوضح إن كان نوحاً من عدمه، أولاً الذي يحدد هذا هو كاتب السيناريو وما المخرج إلا منفذ، وليس بالضرورة أن يعلن السيناريست أو حتي المخرج أو الشركة المنتجة ان الفيلم يتناول شخصية سيدنا نوح أولا، لان الشركة أصدرت بياناً تنفي صلة الفيلم بسيدنا نوح وفي محاولة منها لإيقاف الزوابع المضادة لعرضه، لكن هذا أيضا لا يعني ان الفيلم لا يتناول سيدنا نوح، لأسباب كثيرة ان العمل نفسه منذ البداية وكل ما يقال حوله إنه قصة سيدنا نوح، ثانية هل من قبيل الصدفة ان يكون اسم الفيلم والتناول شبيهاً لقصة النبي نوح، وإذا كان كذلك، لماذا لم يطلق عليه مثلا اسم ريتشارد أو مايكل أو حتي أوباما. إذن فالسيد مدير الرقابة كان عليه ان يتابع كل ما كان ينشر عن الفيلم منذ لحظة ميلاده وحتي إعداد نسخ العرض. لكن السيد «فتحي» تبوأ مقعد مدير شركة الإنتاج وأطلق تصريحاته. هذا أمر، ثانياً وجود السيد عبدالستار علي مقعد مدير الرقابة لا يمنحه حق إبداء رأيه في وقت الرقابة أصبحت فيه حكما أي طرف في القضية.
الشيء المستفز في تصريحات السيد «فتحي» لـ«الوفد» قوله إن الأزهر رأيه يطبق علي الأعمال التي يتم إنتاجها في مصر وواصل ان الأعمال التي تنتج في أمريكا لا يقال إنها عن نبي لكنها رؤية لمخرج تعرض في مصر فهذا أيضا من صميم عمله ان يحافظ علي الحصانة التي منحها الإسلام لكل الأنبياء والرسل. سواء داخل أو خارج مصر، وكون بعض الدول الغربية لا تهتم بهذه الأمور فهذا شأنها. لكن من حق الأزهر ان يسمح أو يمنع أي فيلم من دخول مصر، فهو فوق الرقابة وفوق أي جهة مهما كانت وظيفتها. ثم إن الرقابة يجب أن تضع كل الاعتبارات أمامها، منها صحيح الدين وعدم الانزلاق إلي رؤية بعض المبدعين الذين يتصورون أن الإبداع يعني تحطيم كل شيء، وهذا أمر لا يستقيم مع دولة مثل مصر. والبيان الذي خرج من جبهة الإبداع قبل عدة أيام يؤكد هذا، رغم ان الجبهة بها العديد من كبار الفنانين وعليهم ان يكونوا أكثر حذراً خاصة عند إصدار البيانات المتعلقة بمثل هذه الأمور، فالأقلام التي تتناول الرسل والأنبياء والصحابة والمبشرين بالجنة لها اعتبارات أكبر من الإبداع، فهذه الأفلام ليست منتجة لعرض أفلام متعلقة

بقضايا نختلف أو نتفق حولها. الدين لا يجوز الاقتراب منه بأي حال من الأحوال. إلي جانب أن صياغة البيانات التي تخرج من جبهة الإبداع يجب أن تراعي عدم الفلسفة، فعندما يبدأ البيان المنشور علي موقعهم الرسمي بعبارة تقول: «تلقت جبهة الإبداع ببالغ الاستياء - التصريحات الصادرة من الأزهر، ومطالبتهم بمنع عرض فيلم «نوح» للمخرج دارين أرانوفسكي في دور العرض المصرية بينما الفيلم يعرض في العالم كله». وهنا لابد ان نطرح عليهم السؤال الذي طرحه القذافي علي الثوار؟ وإن كان موضعه هنا صحيحاً مائة في المائة. «من أنتم» حتي تعلنون استياءكم من تصريح للأزهر الشريف؟ فهذه ليست قضية للشذوذ فهي قضية تهم صحيح الدين. ثم إن عرض الفيلم عالميا لا يجبرنا علي عرضه في مصر، لاننا دولة لها تقاليدها الدينية. ثم بذات البيان ان فكرة تحريم تصوير وتجسيد الأنبياء والصحابة مازالت لا تتعدي اجتهاداً من الشيوخ والفقهاء، ولا يوجد نص قرآني واحد أو حديث شريف مثبت ينهي هذا بوضوح، وتناسي أهل الإبداع ان هناك أموراً كثيرة لم ينزل بها. نص قرآني أو حديث، وتم أخذها عن طريق كبار علماء الأزهر بالقياس، والأزهر وشيوخه في حل من تبرير موقفهم.
ثم جاء في نفس البيان ما يشبه النصيحة لشيوخنا الإجلاء مناقشة هذا الاجتهاد مع المجتمع ومع المفكرين باعتبار أن باب الاجتهاد مفتوح منذ انقطاع العرض». وهو شيء غريب أي حوار مجتمعي يتحدثون عنه؟ فهذه ليست قضية تتناول إصدار قانون أحوال شخصية حتي تنظم حوار مجتمعياً. وواصل البيان كلامه قوله «بأن فهمهم لدور الأزهر يقوم علي تطبيق صحيح الدين لا إقامة ما يرونه بالقوة».. ويواصل البيان «لا نعتقد ان في القرن الواحد والعشرين سيري مواطن في الشارع راسل كرو فيسجد له معتقداً أنه سيدنا نوح شخصيا بعد أن أدي دوره في الفيلم». وهو مثال من العيب ان يصدر من مجموعة من المبدعين. فالأمر ليس له علاقة بأن مواطن يسجد لراسل كرو أو غيره.. لكن التحريم له مبررات أخري غير السجود ومثل تلك التشبيهات.
عموما جبهة الإبداع عليها أن تعود إلي لغة العقل وعلي أعضائها ان يعوا متي يتحدثون ومتي يلتزمون الصمت.. الدين ليس لعبة أو وجهة نظر.