رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وصية "دينا" لأمير الغناء: اوعدني تفضل تغني

لا‮ ‬يحتاج الحلم الي تفسير‮.. ‬لا‮ ‬يحتاج الغريب الي دليل حتي‮ ‬يعرف منه في أي مكان‮ ‬يسكن ويتربع الحزن‮.. ‬فهو‮ ‬يلازم الفنان الكبير هاني شاكر وكأنه جزء أصيل من ملامحه‮.. ‬الصوت المفعم بالبهجة دائماً‮ ‬صار باهتاً‮ ‬وباحثاً‮ ‬عن دعوات الصبر علي قضاء الله‮.. ‬ونظرة العين التي كانت تصدر الأمل أصبحت‮ ‬يائسة وشاردة تشتاق الي الاستقرار‮.‬

رحلت‮ »‬دينا‮« ‬الابنة الكبري للفنان الكبير هاني شاكر بعد صراع مع المرض اللعين استمر عامين‮.. ‬رحلت وتركت خلفها ميراثاً‮ ‬من الحزن من رابع المستحيلات ان تخفي معالمه الأيام‮.. ‬أو تلتهم من رصيده الألحان‮.‬
قبل شهر تقريباً‮ ‬من الوفاة تحدثت تليفونياً‮ ‬مع هاني شاكر وجاء صوته حزيناً‮ ‬وكأنه قادم من بعيد‮.. ‬وعند سألته عن السبب أجاب بأن حالة‮ »‬دينا‮« ‬الصحية تراجعت وتدهورت وانه‮ ‬يفكر في السفر للخارج بحثاً‮ ‬عن طائر الشفاء‮.. ‬وقال أيضاً‮ ‬إن الأطباء نصحوه بالصبر لأن حالتها لا تسمح ولا تتحمل متاعب السفر‮.. ‬وبناء عليه قرر الأب الالتزام بنصائح الأطباء وقرر أيضاً‮ ‬أن‮ ‬يتمسك بالأمل مهما ضاقت أمامه السبل واشتدت به المحن‮.‬
وعندما تراجع الأمل في الشفاء راح هاني شاكر‮ ‬يطلب الدعاء من القريب والبعيد لابنته التي جاءت الي الدنيا رافضة الرهان علي زوال ورافضة أيضاً‮ ‬الركوب علي أجنحة مكسورة‮.‬
ومرت الأيام وجمعني لقاء بالفنان هاني شاكر‮.. ‬والحقيقة أن ملامح وجهه لم تكن تكشف عن خير أبداً‮.. ‬وبعد جلسة طويلة قال لي‮: ‬كان نفسي تشوف أولاد دينا‮ »‬مليك‮« ‬ومليكة‮.. ‬لأنهم منورين عليا حياتي‮.. ‬لمست في كلامه عن أحفاده بأنه قرر ان‮ ‬ينقل الأمل والحلم إليهم‮.. ‬راح الفنان‮ ‬يكتم خوفه وشجنه مع الصغار‮.. ‬يلعب معهم ويستعيد ذكريات أيام جميلة مضت‮.. ‬ويحاول بناء جسور جديدة مع المستقبل‮.‬
وفجأة ساءت حالة‮ »‬دينا‮« ‬بشكل‮ ‬غريب وغير متوقع وتم نقلها الي مستشفي شهير بالمهندسين وظل‮ »‬الأب‮« ‬بجانبها‮ ‬يتحرك بين مشاعر الألم والرجاء‮.. ‬تارة تتحسن فيرتفع مؤشر التفاؤل وتارة أخري تتراجع فيغلف اليأس والاحباط كل أفراد الأسرة‮.. ‬وقبل الرحيل بساعات أخبرني هاني شاكر بأن»دينا‮« ‬تتحسن وعلي وجهه ابتسامة جميلة وكان بوسعه ان‮ ‬يغني لها مرات ومرات حتي ترتفع الابتسامة الي ضحكة كبيرة تملأ فراغات الدنيا‮.. ‬لكن الابتسامة كانت تخفي خلفها استئذاناً‮ ‬في الانصراف‮.. ‬كانت الابتسامة علامة أخيرة من علامات اقتراب الأجل‮.. ‬اقترب هاني شاكر بوجدان الأب والانسان والفنان من حلم عمره‮ »‬دينا‮« ‬وفي عينيه نظرات توسل بالبقاء في عالم الأحياء‮.. ‬لكن‮ »‬دينا‮« ‬أرادت من الأب أن‮ ‬يكون قوياً‮ ‬وصلباً‮ ‬فطلبت منه أن‮ ‬يغني طول العمر‮.. ‬طلبت منه أن‮ ‬يغني لكل شيء وألا‮ ‬يحبس نفسه خلف أحزان لا تموت أبداً‮.‬
وبعد ذلك جاءت النهاية وردة الدنيا وزهرتها الي دنيا الصمت والسكوت‮.. ‬رحلت عن عالمنا ولن تعود،‮ ‬ويدخل الفنان بعد اللقاء الأخير في موجات من الحزن شديدة الارتفاع‮.. ‬لكنه مطالب أمامنا بتنفيذ وصية الابنة الغالية‮ »‬دينا‮«.. ‬وهي الغناء حتي آخر العمر‮.