رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

چورچ كلونى كاتباً وممثلاً ومخرجاً في برلين

مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم

في زمن تحاول فيه الامبريالية العالمية الاستيلاء علي حضارات الشعوب بداية من سرقة كنوز النمرود بعد الغزو الأمريكي للعراق، وانتهاء بما يحدث تجاه سوريا الآن، يخرج علينا الآن النجم چورچ كلوني بفيلمه الجديد The Monuments Men.

والفيلم مأخوذ من وقائع حقيقية حدثت إبان الحرب العالمية الثانية، مستعرضا حكاية سبعة من أفضل الفنانين والمعماريين والمؤرخين والجنود من أجل إنقاذ ما تبقي من التحف الفنية قبل قضاء النازية عليها، وهذا العمل يحمل توقيع «كلوني» مخرجا وممثلا وكاتبا، ويشاركه في البطولة كل من مات دايمون، بيل موري، كيت لانشيت والفرنسي الحائز علي الأوسكار چان ديجوردان.
من المعروف تاريخيا أنه في عهد هتلر سرق الألمان حوالي خمسة ملايين عمل فني من أنحاء أوروبا وتعد هذه هي السرقة الكبري تاريخيا ومعترف بها رغم أن سرقة كنوز النمرود هذا الكنز الخرافي من الذهب الذي أمر بنقله صدام في صناديق للبنك المركزي العراقي في سرية تامة وبعد قتله قام الأمريكان بفتح هذه الصاديق، وعرضت هذه المعروضات بالمتحف في بغداد وشاهدها الناس عام 2003م، ثم استغل الخونة ومن ساندهم انشغال العراق بالحرب الطائفية آنذاك وبدأت تتناقص المعروضات شيئا فشيئا وتوزعت بين دول عدة وبنسب 60٪ في أمريكا و30٪ في إسرائيل وضعتها بمتحف خاص بالوثائق المنسوبة للإرث اليهودي الوطني العراقي و5٪ في لندن، فيما تتوزع النسبة المتبقية علي كل من تركيا وقطر وفرنسا وألمانيا. والفيلم هو إشارة الي دور رجال الآثار في تحديد مواقع تلك الأعمال وإعادتها الي أصحابها الشرعيين، وهي في الحقيقة مكونة من 350 رجلا وليس سبعة كما كان في الفيلم، وأصبحوا بمثابة صائدي الكنوز ففتشوا الأرشيف ومنازل المسئولين النازيين وأجروا مقابلات مع مديري المتاحف وشهود العيان.
وفي الواقع أن كيت بلانشيت في الفيلم لعبت دور روز فالان، تلك المرأة الباريسية الرائعة التي أصبحت بمثابة أهم المخبرين لرجال الآثار، خلال الاحتلال النازي، فعندما عملت في متحف «جو دي بوم» المستودع المهم للأعمال الفنية التي نهبها النازيون، ثم حاولت تعقب الأماكن التي وصلت اليها تلك التحف الفنية وكانت تسجل كل عمل جلبه النازيون وتجمع المعلومات عن مكان وجوده، كانت ملفاتها قيمة بالنسبة الي رجال الآثار، ما قادهم الي أهم المخابئ مثل مجمع مناجم الملح في آلتوس سي.
ومن المعروف أن هذه المناجم كان بها 6577 لوحة و230 رسما تخطيطيا ولوحة مائية و654 رسما توضيحيا و173 تمثالا و1200 صندوق للكتب، وبعض السلاسل المليئة بالفنون والصناعات اليدوية والسجاد، وكانت هذه الأغراض كلها قد سرقت من المتاحف الأوروبية والمجموعات الفنية الخاصة وتم تخزينها في متحف «فوهرير» وهو عبارة عن مجموعة متاحف خطط هتلر لافتتاحها في لينز، النمسا، ومن المعروف أنه تطلب لإخراج الأعمال الفنية من مناجم هتلر من خلال فريق «رجال الآثار» أوروبا قبل عام 1946، وقد تركوا وراءهم رفيقين قتلا خلال عملهما.
كان من المفروض أن يصدر الفيلم نهاية العام الماضي لكن بسبب عدم الانتهاء من المؤثرات البصرية للفيلم بالشكل المطلوب قرر «كلوني» تأجيل الفيلم للعام الحالي وهو ما منعه من المشاركة في سباق الأوسكار المشتعل لأفلام عام 2013، والفيلم مأخوذ عن كتاب روبرت م. إدسيل وبريت ويتر وغير «كلوني» والكاتب جرانت هسلوف من الأحداث الحقيقية ليجعلا الفيلم أكثر، والمعروف أن «كلوني» و«جرانت» التقيا من قبل في عدة أفلام منها: «أرجو» Argo ويستدعان لتقديم Coronado High المقتبس عن مقال للكاتب «جوشوا بيرمان» وتدور أحداث الفيلم حول المواطن الأمريكي ويليام الكسندر مورجان الذي ساعد فيدل كاسترو علي الإطاحة بالديكتاتور باتسيتا أثناء الثورة الكوبية عام 1958، وكان الأمريكي الوحيد ضمن جيش كاسترو قبل أن تدب الخلافات بينهم بعد نجاح الثورة، ويعدم مورجان عام 1961 بتهمة معاداة الشيوعية.
يؤدي «كلوني» في فيلم رجال الآثار دور الشخص الذي جمع فريقا من الرجال دفعوا الي ساحات القتال في أوروبا ويؤدي چون جودمان دور نحات كثير الكلام ومات «دايمون» مرمم أعمال فنية ومدير متحف يغالي في ثقته بأنه يجيد الفرنسية، كذلك يؤدي بوب بالادان دور قيّم علي الأعمال الأثرية وبيل موراي دور مهندس، وهما لا ينسجمان معا إلا أنهما يتمتعان بمهارة كافية لكشف اللصوص، أما چون دوجاردان الحائز جائزة أوسكار The Artist وهيوج بونيفيل Downton Abbey، فهما العنصران الفرنسي والبريطاني في هذا الفريق.
الفيلم ينقل لنا كيف استطاع النازي هيرمان جورينج، «من أبرز قيادات ألمانيا النازية، والأب الروحي لجهاز البوليس السري - جيستابو - وأحد أبرز

مهندسي الألمانية النازية، ويتم الاستشهاد بأقواله مرارا وتكرارا في كتاب «يوميات نورمبرج» الذي يتناول أحداث محاكم نورمبرج الشهيرة بعد الحرب العالمية الثانية». سرقة المتاحف في باريس، الطريف أن الوصية الخطية التي تركها هتلر قبل انتحاره، جرّد فيها هتلر جورينج من رتبه العسكرية والإدارية لاتهامه إياهم بالخيانة العظمي للتفاوض مع العدو بدون سابق موافقة أو تشاور مع هتلر، ولقد قامت الوحدات الخاصة بإلقاء القبض علي «جورينج» في 25 إبريل من نفس العام.
البعض يري أنه كان من الممكن تحول هذا الفيلم الي قصة تاريخية ممتعة، مع مجموعة من الجنود المبتدئين الأكبر سنا تحاول حماية الأعمال الفنية فتتفوق علي النازيين وتضطر أحيانا الي التعاطي مع هذه المأساة وما يذكرنا بوقائع تلك الحرب المريرة.
ومن المعروف تاريخيا أنه في 17 مايو 1945 بعد فترة من استسلام القوات النازية وانتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا حفر عمال المناجم جدار الأنقاض بالمعاول والمجارف في آلتوس سي، النمسا ظهرت طبقة بسماكة 12 مترا من الأنقاض أمام المدخل الذي يقود الي منجم الملح، ومع أن أحدا لم يعلم ما هو موجود في الداخل، كان الجميع يأملون أن يجدوا ما كانوا يبحثون عنه.
كان العريف لينكولن كيرستن أول من زحف عبر الفتحة في الداخل كان الجو مظلما وهادئا علي نحو مريب كان المدخل مغطي بالغبار والركام وكان البلاب الحديدي المدرع محطما في عمق الأرض وجد كيرستن أخيرا ما كان يبحث عنه منذ فترة طويلة: إرث أوروبا الثقافي، كانت الصناديق الخشبية مغطاة بطبقة سميكة من الغبار لكنها بقيت سليمة.
في السنوات السابقة، كان كيرستن كاتبا وناقدا في نيويورك، وكان يعمل علي عدد من المشاريع التي شملت إطلاق فرقة باليه في ديسمبر 1941، لكن عند قصف قاعدة «بيرل هاربر» علق المفكر خططه وانضم الي الجيش لكن لم ينته به الأمر وهو يحارب بالأسلحة.
وكلف المفكر حين كان في عمر السادسة والثلاثين بمهمة خاصة في أوروبا باعتباره واحدا من رجال الآثار، طلب منه العمل علي تجنب دمار كنوز أوروبا الثقافية، أنشأ قادة الحلفاء قسم الآثار والفنون الجميلة والأرشيف.. لكن تلك المهمة كانت تشوبها الفوضي، وصل كيرستن الي الأراضي الأوروبية في يونيو 1944 وكان يتوق الي المشاركة في مهمة فاعلة ومحددة بوضوح لكنه اكتشف هناك أن أحدا لم يسمع بوحدته ولم تخصص أي مؤن للمركبات والآلات الكاتبة والإذاعات والخرائط أو حتي ما يكفي من أوراق والأقلام، قام كيرستن بمبادراته الخاصة واتكل علي معارفه الشخصية لينجح في الوصول الي فرنسا حيث قابل الملازم چيمس چ روريمر، مكان هذا الخبير بزمن القرون الوسطي وأمين المكتبة في متحف المتروبوليتان للفنون ينفذ مهمة شخصية ضد الديكتاتور الألماني أدولف هتلر منذ اختفاء تمثال العذراء للفنان مايكل انجلو في بروج ولوحة «تقديس الحمل» حين تسني له أن يذهب الي أوروبا مع رجال الآثار لإنقاذ حضارة العالم.. والسؤال الآن: متي سنقدم نحن فيلما عن إنقاذ آثارنا.