رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تقرير: الآثار المنهوبة هم مصري


اعتبر تقرير لوكالة انباء الشرق الاوسط اليوم السبت ان قضية الآثار والتحف والنفائس المنهوبة تشكل هاجسا يؤرق العالم كله بقدر ما تحولت هذه القضية الى هم مصري خاص في الآونة الأخيرة وموضع نقاش عام سواء على مستوى الصحافة ووسائل الاعلام او الشارع المصرى.
وفى كتاب صدر مؤخرا بعنوان "مطاردة افروديت..البحث عن التحف المنهوبة فى اغنى متحف بالعالم"- يقول المؤلفان جاسون فيلش ورالف فرامولينو إنه فى العقود الأخيرة باتت سوق النفائس والتحف التاريخية اكثر ميلا لتعاملات مشبوهة وصفقات منكرة تجرى تحت جنح الظلام.
وعبر الكتاب الذى يقع فى 375 صفحة يستعرض المؤلفان التاريخ الطويل لنهب وسرقة التحف والنفائس والآثار منذ الامبراطورية الرومانية وحتى الامبراطورية البريطانية وصولا للحظة الراهنة.
ويعد متحف بول جيتى الأمريكى الذى يشتهر بمجموعته من الآثار اليونانية والرومانية مثالا لمتاحف تواجه مشاكل بسبب قبولها لبعض الآثار التى نهبت من دول اخرى ونقلت لها بصورة غير مشروعة .
وكان مسئولون امريكيون قد اعلنوا ان متحف بول جيتى الخاص فى لوس انجلوس قد وافق على اعادة 40 قطعة اثرية الى ايطاليا من اشهرها "تمثال افروديت" ربة الحب والجمال فى الاساطير اليونانية بموجب اتفاق ينهى نزاعا طال امده بين الجانبين والى جانب متحف جيتى-نجح الايطاليون عبر التقاضى امام محاكم امريكية فى استعادة نحو مائة تحفة واثر تاريخى من خمسة متاحف فى الولايات المتحدة كانت قد استحوذت على هذه التحف والآثار المسروقة من ايطاليا ومن بينها متحف بوسطن للفنون الجميلة.
وفى سياق حملة تعكس ضمير كاتب وطنى ومثقف مصرى كبير- فجر فاروق جويدة بصحيفة الأهرام قضية نهب قصور الرئاسة المصرية وتحدث عن تزييف اللوحات النادرة بهذه القصور وتهريب اللوحات الأصلية مؤكدا ان ماحدث "كارثة تاريخية وعملية نهب خطيرة وتدمير متعمد لتاريخ هذا البلد".
واشار جويدة الى تخصص البعض فى فنون تهريب مقتنيات القصور الرئاسية من سجاد وتحف "الى حد تفصيل غرف آثاث بفراغات مسحورة متقنة لضمان اخفاء النفائس المسروقة داخلها وتصديرها الى الخارج".
واضاف: "كما لجأ عاملون فى هذه القصور الى حيلة اكثر مكرا بتكليف فنانين مهرة بتقليد اللوحات الفنية النادرة واستبدالها بالمقلدة اما الأصلية فتهرب الى زبائنها بالخارج".
وفى تجاوب سريع مع هذه الحملة- قرر وزير العدل المستشار عبدالعزيز الجندى اعادة تشكيل لجنة جرد جديدة للقصور الرئاسية وشرعت بالفعل فى عملها بـ42 قصرا فيما ناشد الكاتب فاروق جويدة كل من يعرف شيئا عن المقتنيات التى سرقت من قصور مصر التقدم بالشهادة امام لجنة التحقيق فى تشكيلها الجديد.
كما اكد فاروق جويدة على اهمية دور المجتمع المدنى فى مواجهة هذه النوعية من الجرائم التى استباحت تاريخ الوطن وذاكرة الأمة داعيا فى الوقت ذاته وزير العدل المستشار عبدالعزيز الجندى لأن ترسل اللجنة القضائية المكلفة بالتحقيقات صورا من مقتنيات القصور الملكية الى قاعات المزادات العالمية فى العواصم الكبرى حتى لايفلت اللصوص بما نهبوا.
وبعد ثورة 23 يوليو 1952 اصدر محمود الجوهرى المسئول عن لجان جرد القصور الملكية كتابا باللغة الانجليزية بعنوان "قصور مصر الملكية" وهو

كتاب مدعم بالمعلومات والصور النادرة عن تفاصيل ومحتويات 17 قصرا ملكيا.
ويحظى قصر عابدين بأهمية خاصة فى هذا السياق لما يضمه من تحف ووثائق ولوحات فنية ونفائس عديدة فيما تتوالى اسماء القصور الهامة الأخرى مثل قصور القبة والطاهرة والمنتزة ورأس التين والمعمورة.
ويضم قصر عابدين الذى بناه الخديو اسماعيل عام 1836 اكبر متاحف القصور الملكية ومكتبة تضم 55 الف كتاب فيما يمتد قصر القبة الذى بناه الخديو اسماعيل ايضا على مساحة 70 فدانا وبه غابة كبيرة من الأشجار الآسيوية النادرة اما قصر المنتزة الذى يوصف "بتحفة الخديو عباس الثانى" فأقيم على مساحة 370 فدانا ومازال من اهم مزارات الثغر السكندرى.
ونقل فاروق جويدة عن احد المسئولين بلجنة جرد القصور قوله له إن قصر عابدين وفيه اكثر من 270 غرفة لايوجد به الآن قطعة واحدة مضيفا: "لقد اختفت جميع المقتنيات من متحف قصر عابدين وكان يضم جميع مقتنيات اسرة محمد على من الآثار التاريخية والأدوات والأوانى الفضية والذهبية وانواع الكريستال والبلور الملون والتحف النادرة والسجاد الثمين والتابلوهات واللوحات والكنوز الأثرية".
وقال الكاتب فاروق جويدة فى مقالة مثيرة لوجيعة كل وطنى مصرى وكل اصحاب الضمائر الحية: "لقد اختفت جميع الوثائق والأوراق والمستندات الخاصة بهذه القصور وفيها قوائم جرد هذه المقتنيات فى ازمنة سابقة".
واردف موضحا:"وجدت اللجنة مئات الحقائب الموجودة فى القصور وهى فارغة تماما من كل محتوياتها ولايوجد بها شىء سواء من الأوراق او الوثائق التاريخية ..خلت جميع فاترينات ووسائل العرض فى المتاحف من جميع المقتنيات التى كانت تتجمل بها هذه القصور".

والواضح ان انظمة الحكم الاستبدادية لا تكتفى بجرائم الاستبداد انما تنتهك تراث الشعب وتاريخه لأنها لا تدرك قيمة تاريخ الأوطان كثروة حقيقية للشعوب كما لاحظ بحق الكاتب فاروق جويدة فيما سيبقى العار يطارد أسوأ انواع اللصوص الذين سرقوا جزءا عزيزا من تاريخ الشعب وذاكرة الأمة تماما كما ستبقى مصر نايا على شفاه التاريخ وانشودة عدالة وحرية ولن يفرط المصريون فى تاريخهم ابدا.