رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العرب بالسينما العالمية بئر بترول وأمراء متصارعين

بوابة الوفد الإلكترونية

«السينما العالمية فى الآونة الأخيرة غزت المنطقة العربية فنيا كما غزتها أرضا وحاولت نهب ثروتها الوجدانية وتجريفها كما فعلت فى ثروتها.. ورغم أن تلك الأعمال الجديدة نقلت صوراً وقصصاً حقيقية إلا أن رؤيتها ظلت ضبابية لا ترى من العرب إلا بئر بترول.. وأمراء متصارعين.. وشعوباً مهمشة».

مملكة السماء إخراج ريدلي سكوت وسيناريو وليام موناهان. بطولة أورلاندو بلوم وإيفا جرين  وغسان مسعود. تم تصوير جزء طويل من الفيلم بمدينة بالمغرب. تدور أحداثه مستندا إلى نص أثناء الحروب الصليبية المسيحية خلال القرن الثاني عشر الميلادي. وهي قصة حداد باليان من قرية فرنسية يرحل إلى القدس للمشاركة في المعارك التي دارت بين المسيحيين والمسلمين في محاولات استرداد المسلمين للمدينة بقيادة صلاح الدين الأيوبي في حروبه لاسترجاع المدينة التي احتلها الصليبيون طارحا الصراع على الأراضي المقدسة، من منطلق ديني عقائدي بين المسلمين العرب والمسيحيين الأوروبيين مبتعدا عن أن القدس أرض عربية، لذلك من المستحيل القبول بتلك الرؤية التى تضع العرب والفرنجة فى جعبة واحدة يدخلون المعركة حول القدس محور الفيلم. وبذلك نحن أمام تمييع للصراع وتشويه لطبيعته ونرى ذلك واضحا من خلال بطل الفيلم (الممثل أورلندو بلوم) مخاطباً صليبيي القدس. وخالطا الحق بالباطل. ما هي القدس؟ إن أمكانكم المقدسة «يا صليبيين» مشيدة فوق المعبد اليهودي الذي هدمه الرومان. وأماكن عبادة المسلمين تقع فوق أماكن عبادتكم. فأيها أكثر قداسة؟! الحائط «حائط المبكى»؟ أم المسجد «الأقصى»؟ أم الكنيسة «كنيسة القيامة»؟ من له حق الملكية؟ لا أحد! الجميع! ونحن ندافع عن هذه المدينة، ليس لحماية تلك الحجارة، بل لحماية الناس الذين يعيشون ضمن هذه الجدران». والغريب أن الناصر صلاح الدين يرد كلمة Your city» عن القدس عندما يتكلم مع الفرنجة!!
أما المملكة أو (The Kingdom)، فتدور قصة الفيلم حول فريق من الـ FBI يتم إرساله للسعودية من أجل التحقيق في تفجيرات الرياض عام 2003 لكن الفريق يتعرض لهجوم إرهابي يقوده أبو حمزة تدور بعدها حرب شرسة بين جماعة أبو حمزة من جهة وفريق الـ FBI والأمن السعودي من جهة أخرى وقد تم تصوير الجزء الأكبر من مشاهد الفيلم في ولاية اريزونا الأمريكية، كما تم تصوير جزء من مشاهده في الإمارات العربية ولم يتم تصوير أية مشاهد في المملكة العربية السعودية، ولم يستطع القائمون على الفيلم من خلق أجواء مشابهة إلى حد كبير للمملكة سواء من ناحية الأماكن أو الشخصيات.. ويرى البعض أن الفيلم كان متحيزا ضد جهود السعودية في محاربة الإرهاب, فهناك لقطة لجندي يصرخ فى امرأة لأنها لمست الإرهابي المسلم, إلى جانب تصوير بعض الأمراء بمحبي الظهور الإعلامي.
أما فيلم سريانا من تأليف وإخراج ستيفن كاهان. ومقتبس من رواية لروبرت باير، ويركز على عميل سي آي إي CIA جورج كلوني وخبير الطاقة (مات ديمون) وخليجى (مظهر منير), وعمرو واكد كإرهابي يفجر موقعاً نفطياً يعمل به أمريكيون في الخليج العربي طارحا فكرة الصراع على الجغرافيا السياسية للنفط. وأجمل ما فى الفيلم ميله إلى استخدم أسلوب الأفلام الوثائقية أحياناً لإعطاء قدر من الواقعية للبنية الدرامية المفككة، والفيلم أدان في النهاية الشركات النفطية العملاقة التي تدعمها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية للمحافظة على هيمنتها على النفط في المنطقة العربية فى محاولات جادة للوقوف أمام الصينيين بعد حصولهم على امتياز استخراج الغاز الطبيعي لذلك ترسل CIA جورج كلوني لاغتيال الأمير الذى أعطى للصينين الغاز لمصلحة الموالى لأمريكا. ولكن كلونى يتمرد فى النهاية لإحساسه أنها أعمال لا أخلاقية فيدفع الثمن.. ويشير الفيلم إلى القانون الأمريكي الذي يخضع اندماج الشركات لتدقيق مراقبي قانون مكافحة الاحتكار ولكنه للأسف يزيد القوة الاحتكارية للشركة الكبرى، أما مات ديمون فيعمل فى خدمة الأمير أما «الأصولي» (عمرو واكد) فيستقطب باكستانياً فقد وظيفته للقيام بعمل إرهابي. والفيلم فى النهاية هو صورة درامية للعولمة في الشرق النفطي مستعرضا مصالح الشركات الكبرى، وحكايات أمراء يتصارعون، وشعب على الهامش، والإرهابيين الإسلاميين.
وإذا نظرنا إلى كلمة rendition، التى هى عنوان فيلم فهى مصطلح قانوني في معجم جوانتنامو، وتعنى تسليم أسير من دولة إلى دولة بعيدا عن القانون، ونقيضها كلمة extradition التي تعني تسليم المعتقل والفيلم عن قصة أمريكي من أصل عربي مصري، المهندس أنور الإبراهيمي تختطفه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA في المطار عند عودته من مؤتمر في جنوب أفريقيا، وترحله من واشنطن إلى معتقل في الوطن العربي، ويتعرض للتعذيب، فيعترف بتلقى أربعين ألف دولار، لصنع متفجرات لجماعة «إرهابية»،

رغم أنه لم يفعل ذلك من كثرة التعذيب.
قصة الفيلم حقيقية لمواطن اسمه خالد المصري، اختطفت ونقل إلى بغداد، ثم إلى سجن «حفرة الملح» The Salt Pit، فى كابول فتعرض خلالها لأبشع أنواع التعذيب، منها الاغتصاب، ثم اكتشف أنه غير خالد المصري وعندما حاول رفع قضية في المحاكم الأمريكية ضد السي آي إيه لاختطافه واعتقاله وتعذيبه، منع من دخول الولايات المتحدة وهو ومحاميه الألماني، مما يؤكد أن الديمقراطية الامريكية مزيفة.. الطريف أن محقق السي أي إيه CIA المقتنع ببراءة المهندس أنور والذى يتحمل على عاتقها للإفراج عنه، شارك في التعذيب في البداية.
وأما بابل من إخراج أليخاندرو جونزالس إناريتو، مكون من ثلاث قصص درامية متكاملة تدور أحداثها في المغرب، اليابان، المكسيك والولايات المتحدة. بطولة براد بيت كيت بلانشيت وقد فاز بـ 28 جائزة منها جائزة أوسكار أحسن موسيقي تصويرية الي جانب ترشيحه لـ 75 جائزة منها أوسكار أحسن إخراج وأحسن فيلم وأحسن سيناريو. ويناقش الفيلم قضية الاختلاف بين البشر, ففي الصحراء المغربية، إخوان طفلان يرعيان قطيع الماشية المملوك لعائلتهما، حيث يقرران اختبار بندقياتهم، ولكن عندما تذهب أحد الطلقات بعيدا جدا، تتغير حياة خمس مجموعات من الناس في ثلاث قارات مختلفة، ليست مختلفة جغرافياً فحسب.. بل ومختلفة في الفكر والعادات والثقافة والديانة وطريقة العيش.. ولكنك فى النهاية ستصل إلى أن العالم مجرد قرية صغيرة.. ليس من خلال توحد الإحساس والمشاعر، والغريب أن حتى فى التجربة السينمائية التي شاركت في إنتاجها بشكل كبير وداعم قطر وتمت فيه الاستعانة ببناء 700 ديكور داخل تونس بمشاركة عشرة آلاف كومبارس وتعدي إنتاجه 40 مليون يورو عن قصة الكاتب السويسري «هانز روش» لقصته «جنوب القلب» وقام المخرج جاك أونو بمقدراته المبهرة علي تجسيم المعارك علي الرغم من أنه استخدم فقط 500 جمل و300 حصان ولكنه عن طريق الوسائل الفنية والمؤثرات الحديثة جعلهم يبدون أكثر من ذلك بكثير إلي جانب أنه كان موفقا لفكرة عدم استخدام أسلوب ثلاثي الأبعاد في معالجة الفيلم حتي يكون أكثر إنسانيا ومطابقا للفكرة التي دارت فيها بثلاثينيات القرن الماضي واستطاع المخرج جاك اونو أن يكتب سيناريو خلق منه تجربة إنسانية لتأريخ ظهور البترول في المنطقة العربية الي جانب مزجها بتقديم طرح مختلف لصورة الإسلام لم نعتد عليه من قبل وهي صورة إلي حد ما جيدة لكونها قدمت رؤيتين متباينتين للمسلم: الأولي للمسلم الحق الذي يفهم أبعاد دينه ويعلم تماماً أنه يدعو للسلم قبل الحرب والأشخاص الآخرون الذين لا يعرفون من الإسلام إلا النصوص يفسرونها علي أهوائهم وعقولهم المحدودة ويدخلون في جدل سفسطائي لا جدوي منهم حتي أنهم يصرون علي عنادهم ورؤيتهم المحدودة ورغم السؤال لماذا وضع الله البترول في أرض العرب اذا لم يكن هذا وسيلة لترقيهم وتقدمهم بعد ذلك؟!. والسؤال الآن: متي سنفكر في تقديم عمل فني نستخدم فيه فنانينا بمساعدات مالية عربية لنقدم أطروحة سينمائية ترقي لتاريخنا السينمائي والحضاري الكبير.