عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أغاني الثورة مسلوقة تم طهيها تحت الطلب بطريقة‮ "الدليفري"


أطلت علينا وجوه تحت مسمي‮: ‬مطربون‮.. ‬من أصحاب المواهب‮.. ‬وأنصاف وعديمو الموهبة وأيضاً‮ ‬من مدعي الطرب‮.. ‬الكل يحاول لفت وجذب الأنظار إليه وتعويض‮ ‬غيابه حتي لا ينطبق عليه‮ »‬مطرب ماشافش حاجة‮«.. ‬وركب معظم المطربين موجة الأغاني الثورية والحماسية المخلدة لثورة‮ ‬25‮ ‬يناير التي كسرت كل القيود التي كبلت المصريين لأكثر من ثلاثين عاماً،‮ ‬وفرضت الأحداث علي أهل المغني مواكبة الثورة والتماشي معها‮.. ‬وارتفعت الأصوات وسارع الجميع يعبر عن رأيه‮. فهناك من فضل التصفيق والتهليل وآخرون فضلوا البكاء علي الشهداء،‮ ‬وسواء هذا أو ذاك،‮ ‬فالكل يراهن علي تطهير القلوب من مستنقع النظام الفاسد الذي أصاب أجساد المصريين بمرض اللامبالاة‮.. ‬وتحت علة أنه مطرب‮.. ‬وجد البعض أن الثورة فرصة للتواجد و»هتاكل‮« ‬مع الجمهور وراهن علي أنه سيخلد نفسه في ذاكرة المصريين‮.. ‬واعتمد في تصوير كليبه علي مشاهد الاحتجاجات والمظاهرات وصور الشهداء والصور المحزنة والمؤثرة‮.. ‬ووجدنا أغنيات لهاني شاكر ومحمد منير وحمادة هلال وشيرين وآمال ماهر وغيرهم من المطربين المنسيين‮.. ‬ودعونا من العودة للوراء وكيف هانت علينا الأغنية لهذه الدرجة‮.‬

في هذا التحقيق يكشف لنا المتخصصون آراءهم في أغنيات الثورة التي استشعرنا منها الاختلاف بين ثقافة ووعي جيل‮ ‬23‮ ‬يوليو والأغاني الخالدة لجيل الكبار أمثال عبدالوهاب وعبدالحليم وأم كلثوم وسيد درويش وبين جيل‮ ‬25‮ ‬يناير الذي‮ ‬غني للثورة علي طريقة أحمد عدوية‮ »‬حبة فوق وحبة تحت‮«.‬

‮* في البداية قال الموسيقار‮ »‬هاني شنودة‮«: ‬إن أغنيات الثورة انقسمت إلي نوعين‮.. ‬غناء محترفين أو‮ ‬غناء هواة وهؤلاء نضعهم في قائمة مطربي التعبير الذين حاولوا أن يعبروا عن أنفسهم‮.. ‬ومن المنطقي أن نجد معظم الكلمات‮ ‬غير موزونة والألحان ساذجة وفلكلورية أو مسموعة من قبل‮.. ‬وأضاف‮: ‬لا أوافق أن نطلق كلمة‮ »‬هابطة‮« ‬علي أغاني الثورة ولا أري أي مانع في اتجاه المطربين الشباب إلي الغناء للوطن لأن كل إنسان يفكر ويغني علي طريقته؟ كما أن المجتمع يتقبل الأغنيات الوطنية بشرط أن تتوافر مواصفاتها ويشعر بها الشعب بجميع فئاته‮.. ‬وتابع شنودة‮: ‬حتي الآن لم نر علي الساحة الغنائية سوي الأغاني الوطنية وهي أغان بها حالة من الانفعال وتعتمد في كلماتها وموضوعاتها علي طريقة التفكير التي سبقت الثورة،‮ ‬كما أنها أغنيات معظمها مستحضر من أغان قديمة في عصور سابقة مثل يا أغلي اسم في الوجود ومصر هي أمي ومصر التي في خاطري‮.. ‬وكلها أغان تخلو من أسماء شخوص الرؤساء وكلها تخلد وتمجد اسم مصر فقط وهذا يدل علي وعي هؤلاء المطربين الشباب‮.. ‬ويضيف‮ »‬هاني شنودة‮«: ‬إن أغنيات الثورة ليست مؤشراً‮ ‬كاشفاً‮ ‬علي ما يمكن أن تكون عليه الأغنية الوطنية في المستقبل أن معظم المشاركين بأغانيهم من الهواة‮.. ‬ولكن ما نقر به أن الغناء سيكون مختلفاً‮ ‬عما هو سائد قبل الثورة‮.. ‬ويجب علي الجميع خصوصاً‮ ‬المحترفين أن يتأنوا لأن عصر الأغنية القادم سوف يخلو من أغاني النفاق‮.. ‬وقد يكون هناك اختفاء وتراجع لنجومية بعض الأسماء‮.. ‬لأن المطرب ليس مجرد صوت وإنما كاريزما وإذا شعر الجمهور بأنه لم يعبر عنهم لن يدعموه‮.‬

الموسيقار‮ »‬هاني مهنا‮« ‬له رؤية مختلفة بعض الشيء يشرحها قائلاً‮: ‬علي مدار تاريخ الثورات المصرية وهي تصنع تغييراً‮ ‬كبيراً‮ ‬علي المستوي الفني بشكل عام والغنائي بصفة خاصة،‮ ‬فمثلاً‮ ‬غيرت ثورة‮ ‬1919‮ ‬شكل الغناء وأفرزت سيد درويش أما ثورة يوليو‮ ‬1952‮ ‬فحققت طفرة كبيرة في عالم الغناء وأنجبت عبدالحليم حافظ،‮ ‬ولكن ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير شكل تاني ومختلفة عما سبقها لأن تلك الثورة شعبية‮.. ‬ففي الثورات السابقة كان من السهل جداً‮ ‬أن ترضي القائد وتوجه‮ ‬غناء‮: ‬ليدور في فلكه أما ثورة يناير فهي بدون قائد‮.. ‬ووصف‮ »‬مهنا‮« ‬الحدث بالمسرحية التي تتكون من ثلاثة فصول الأول انتهي بنهاية النظام والثاني هو الإصلاحات والثالث الشكل الجديد الذي سيسير عليه ولم يظهر ملامحه بعد‮.. ‬ومعظم الأغنيات كانت تعبر عن المشهد الأول فقط لذلك وجدناها‮ ‬غير معبرة ولم تكن شاملة للحدث ككل‮.. ‬بمعني أن بعض الأغاني كان بها انفعال معين لمخاطبة الجمهور المؤيد للثورة بجانب أغنيات كانت موجودة من قبل وتم طرحها لأنها تعبر عن مرحلة الثورة ووجدنا عدة أغنيات تستحضر الأغاني الوطنية القديمة التي نشبهها بالوجبة الغذائية التي تم تحضيرها في مطبخ فني مناخه جيد‮.. ‬وأضاف‮: ‬معظم الأغنيات الوطنية المعاصرة باهتة ولا تعلق بالذاكرة وأغاني الثورة متسرعة ولم ترتق الكلمة واللحن إلي مستوي الحدث وختام الأغنية‮ ‬غير مستحب بهذا الشكل ولكن هذه الأغاني هي إفراز للمناخ الذي كان سائداً‮.. ‬ويقول هاني مهنا‮: ‬إن الحدث عظيم وكان يجب تقديم عمل فني مناسب وليس مجرد أغنية تتم إذاعتها علي المحطات والفضائيات،‮ ‬خصوصاً‮ ‬أن الشعب يبحث عن مطرب لثورتهم والشباب الذين كانوا قبل الثورة لا تفارق أذنهم سماعات الهيدفون وإذاعات الأغاني يبحثون الآن عن أغنيات تتفق مع آرائهم وأمزجتهم الجديدة‮.‬

المؤلف‮ »‬هاني عبدالكريم‮« ‬قال‮: ‬لا أري نفسي من الحكماء حتي أحكم علي أغنيات الثورة والمطربين الذين قدموا أفضل ما لديهم‮.. ‬ويجب علينا جميعاً‮ ‬أن نوجه الشكر لكل من كان حريصاً‮ ‬علي طرح أغان يتفاعل بها مع أحداث الثورة التي نجحت في إسقاط النظام‮.. ‬وليس معني ذلك أن نترك الساحة مشاعاً‮.. ‬الكل يفعل ما يحلو له ونقول أغنية وطنية‮.. ‬وتوقع‮ »‬عبدالكريم‮« ‬أن تطيح الثورة بالغناء الهابط وتختفي الأغاني التافهة والزائفة ويتكالب الجميع علي العودة إلي كل ما هو طرب وأصيل وستتجه الكلمات للتأكيد علي القيم الإنسانية وترتقي الأغنية إلي مستوي الحدث وتعبر عن الواقع‮.. ‬وأضاف‮: ‬كل الثورات التي شهدتها مصر وحتي الحركات الاحتجاجية كان لها مطرب معبر عن آرائها وداعم لأهدافها وممجد لكل انتصاراتها ورموزها ولذلك لابد أن يتواجد صوت لهذه الثورة ليس فقط ليعبر عنها،‮ ‬ولكن ليؤرخ لها وهذا الصوت يجب أن

يتمتع بالمصداقية وأن يقنع الجميع برسالته الفنية بعد أن سقطت كل الأسماء التي كانوا يطلقون علي أنفسهم‮: ‬مطربي الشباب وتسميات مختلفة‮.. ‬وتوقع‮ »‬هاني عبدالكريم‮« ‬أن يأخذ عدد من المطربين والشعراء والملحنين الشباب مواقع مميزة علي حساب الوجوه القديمة وسيخرج مطربون جدد يعبرون عن هموم الشعب‮.. ‬لأني علي ثقة بأن هذه الثورة قادرة علي‮ ‬غربلة الوسط الغنائي وتسود حركة جديدة تتماشي مع ما يحدث في حياتنا وسلوكياتنا وسيأتي نجوم جدد أكثر جرأة لأن المرحلة المقبلة سترفض الوضع الرديء ولن يستقبل الشعب الأغاني الزائفة‮.‬

الشاعر والمطرب مصطفي كامل من أكثر المتحمسين للرأي القائل بأن القادم أفضل وخريطة النجوم سيعاد تشكيلها من جديد وترفع أسماء وتهبط أخري وسوف تختفي الأصوات الرديئة وينتهي عصر أغاني الميكروباص والتوك توك والظاهرة الغريبة التي يجب أن تختفي فوراً‮ ‬وهي المطرب الرقاص الذي يجلب معه أربعين‮ »‬حاوي‮« ‬يصرخون علي الصالة في وصلات تشبه فقرات الأراجوزات والمشي علي عصيان خشب وعيال بتتشقلب وناس بتعدي من النار‮.. ‬وأضاف‮: ‬الغناء في الاونة الأخيرة أصبح مهنة رخيصة أي شخص يستطيع أن يمتهنه وانهياره كان بسبب الدخلاء وأصوات السبوبة والنجوم الحقيقيون تركوا الساحة وجلسوا علي المقاهي‮.. ‬الكل مصدق أن الشعب‮ »‬عبيط‮« ‬أي شخص يسمي نفسه مطرباً‮ ‬ولم يدر هؤلاء أن الناس لديها وعي ونضج وفاهمة مين‮ »‬بيهقص‮«.. ‬ويجب علي هذه الأصوات أن يفوقوا من الغيبوبة ويقتنعوا بأن ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير‮ ‬غيرت عقول المصريين‮.. ‬وأضاف ساخراً‮: ‬لدينا جيل بارع في ركوب الموجة‮.. ‬ومعظم المطربين الذين قالوا‮: ‬إنهم ذهبوا لميدان التحرير تأييداً‮ ‬لشباب الثورة هم في الحقيقة استغلوا الوضع وصور كليباتهم التي كانت معظمها‮ ‬غير صادقة لأنها لا تتناسبه الحدث ولكنها تتماشي مع مباريات كرة القدم‮.‬

المؤلف‮ »‬عنتر هلال‮« ‬كان أكثر سخونة وغضباً،‮ ‬وقال‮: ‬من أول الثائرين علي هذه الأغنيات ويجب أن نوقف مطربين‮ »‬الزفة‮« ‬عن الغناء لأن أغنياتهم‮ »‬مسلوقة‮« ‬ثم طهيها تحت الطلب بطريقة‮ »‬الدليفري‮« ‬بدون طعم أو رائحة‮.. ‬وبعد هذا الكم من أغنيات الثورة لا نجد أغنية واحدة عليها القيمة تصلح للسماع ولكن معظمها عمرها قصير وستختفي مع انتهاء الثورة‮.. ‬وتابع قائلاً‮: ‬هناك العديد من الأخطاء في معاني الأغنيات ولا أعرف كيف تتكرر ألفاظ داخل الشطر الواحد فمثلاً‮ ‬أغنية اللي يحب مصر تقول‮ »‬اللي يحب مصر يا ناس يقوم ويغني في مصر يا ناس ونحافظ عليها وبروحنا نفديها ياناس‮« ‬أو أغنية شهداء التي تقول‮ »‬شهداء‮ ‬25‮ ‬يناير ماتوا في أحداث يناير‮«.. ‬يا سلام علي الإفادة‮.. ‬فالكلام أصبح رخيصاً‮ ‬ومستوي الألحان رديئة وليست أبداً‮ ‬أغاني وطنية لأن هناك فرقاً‮ ‬كبيراً‮ ‬بين الانفعال والافتعال‮.. ‬ويضيف‮: ‬بمنتهي الصراحة لم تكن أغنيات الثورة علي المستوي خاصة أغنيات المطربين‮ »‬المشوشرين‮« ‬الذين عند دخولهم في أي قضية أو حدث يحولونه إلي إسفاف وابتذال عن طريق الجمل القميئة وأيضاً‮ ‬المطربين الشعبيين الذين يتاجرون بالقضية عن جهل وتعاملوا مع الثورة وكأنها سبوبة ونوع من الاستغلال والتواجد علي الساحة‮.. ‬ويقول‮ »‬هلال‮«: ‬علينا جميعاً‮ ‬أن نعي أننا بصدد ثورة وليست حركة إصلاح والجمهور ولم يعد يقبل النمط الاستهلاكي أو حتي المطربين الذين تغنوا بإنجازات النظام السابق وهؤلاء كانوا أكثر المستفيدين من هذا الوضع الفاسد‮.. ‬ويجب خروج جيل جديد من المطربين تستظرف الشعب المصري‮.. ‬ويضيف‮ »‬عنتر هلال‮« ‬فيقول‮: ‬أوجه رسالة إلي المطربين المحترفين الذين تعاملوا مع فكر الثورة بأسلوب الأغنية العاطفية الرخوة بلا روح أو عصب وبنفس طريقة الألحان العاطفية البليدة الباردة وجعلوا الثورة مناحة ولطماً‮ ‬وأخص بالذكر حمادة هلال متعهد الدموع في الأغنية المصرية الذي نكد علي المصريين وحول ابتسامات الشعب بفرحة الثورة إلي حزن وكآبة وكان علينا أن نفرح بشهدائنا ولا نبكي عليهم‮.. ‬ويختتم حديثه قائلاً‮: ‬رفقاً‮ ‬بنا‮.. ‬عليكم برحمة الشعب من الأغنيات الهابطة حتي لا نكره أنفسنا ونلعن الثورة الشريفة‮.‬