رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"نص ساعة جواز‮" ‬علي الطريقة الأمريكية



أعرف ما الذي دار برأسك وأنت تشاهد أحداث الفيلم الأمريكي‮ "‬اذهب وراء إحساسك‮" ‬أوJust go with it‭ ‬‮ ‬الذي‮ ‬يلعب بطولته‮ "‬آدم ساندلر‮" ‬و"جينيفر أنستون‮" ‬و"نيكول كيدمان‮"‬ ‮ ‬نعم الأحداث تبدو شديدة الشبة بأحداث الفيلم المصري،‮ "‬نص ساعه جواز‮" ‬الذي تم إنتاجه في عام‮ ‬1969‮ ‬ولعبت بطولته شادية ورشدي اباظة وماجدة الخطيب،‮ ‬طبعا فاكر الفيلم،‮ ‬لأنه‮ ‬يعرض كثيرا علي القنوات المخصصة لعرض الأفلام المصرية،‮ ‬وهو من إخراج فطين عبد الوهاب وكتب له السيناريو والحوار أحمد رجب‮! ‬ولكن اطمئن الخواجات ما سرقوش الفيلم المصري؟؟ لأن ببساطة كده الفيلم المصري ايضا كان مقتبسا ومش حانقول مسروق،‮ ‬من الفيلم الامريكي‮ "‬زهرة الصبار‮" ‬الذي تم إنتاجه ايضا في‮ ‬نفس العام وربما نفس الشهر،‮ ‬والفيلم الامريكي كان بطولة والتر ماثاو وجولدي هون وإنجريد بيرجمان‮! ‬وحصلت عنه جولدي هون علي جائزة اوسكار افضل ممثله مساعدة‮!‬

والحكاية أن هذه الافلام الثلاثة مأخوذة عن مسرحية فرنسية بنفس الاسم‮ "‬زهرة الصبار‮" ‬كانت تقدم علي مسارح برودواي لفترة طويلة،‮ ‬ثم تم تقديمها في إطار مشروع‮ "‬مسرح التليفزيون‮" ‬وكانت بطولة سناء جميل وعبدالرحمن أبوزهرة،‮ ‬وماجدة الخطيب وصلاح السعدني‮! ‬والمسرحية المصرية هي أكثر الاعمال المقتبسة عن المسرحية الفرنسية جمالاً‮ ‬واكتمالاً،‮ ‬وكانت تعرض كثيرا في سهرات الخميس،‮ ‬أيام مجد التليفزيون المصري،‮ ‬ثم اختفت تماماً‮ ‬وأخشي أن تكون ضمن الأعمال التي تم تسريب شرائطها وبيعها للخارج،‮ ‬أو تبديدها بشكل أو بآخر‮! ‬وأحداثها تدور حول طبيب أسنان شاب،‮ ‬له علاقات عاطفية متعددة،‮ ‬وحتي‮ ‬يضمن إلا تطالبه أي من صديقاته بالزواج‮ ‬يدعي من البداية أنه متزوج،‮ ‬إلي ان‮ ‬يقع في حب فتاة بريئة تكره الكذب جدا.

‬وتحترمه لأنه من وجهة نظرها كان صادقا معها منذ البداية،‮ ‬وأخبرها بأمر زواجه المزعوم،‮ ‬ونظرا لشدة حبه لها،‮ ‬يقرر الزواج منها،‮ ‬ويدعي أنه سوف‮ ‬يطلق زوجته لعدم التوافق بينهما ولأنها هي التي طلبت منه الطلاق،‮ ‬وهنا تصر الفتاة علي مقابلة زوجته،‮ ‬حتي‮ ‬يطمئن قلبها إلي أنها لن تتسبب لها في اي ضرر،‮ ‬ويقع الطبيب الدونجوان في مأزق،‮ ‬ويضطر ان‮ ‬يطلب من سكرتيرته ومساعدته في عيادة الاسنان،‮ ‬أن تقبل أداء دور زوجته لمدة نصف ساعة،‮ ‬تلتقي فيها بحبيبته وتقنعها أن الحياة الزوجية‮ "‬المزعومة‮" ‬بينهما اصبحت مستحيلة وأنها‮ ‬غير نادمة علي الطلاق منه،‮ ‬بل هي علي علاقة بآخر وتلح في طلب الزواج.

‬ولكن الفتاة البريئة تصر علي أن تلتقي بهذا الشخص الآخر حتي تطمئن علي حياة زوجة حبيبها بعد انفصالها عنه،‮ ‬وتتعقد الحكاية لأن الطبيب المغامر‮ ‬يجد نفسه مضطرا للبحث عن رجل‮ ‬يمكن ان‮ ‬يمثل دور العاشق لسكرتيرته العانس التي كان‮ ‬يشبهها بالعسكري،‮ ‬وكلما وافق الطبيب علي شرط من شروط حبيبته البريئة التي لا تريد أن تبني سعادتها معه علي أنقاض علاقته الزوجية‮ "‬المزعومة‮" ‬يفاجأ بالفتاة تطالبه بمزيد من الضمانات،‮ ‬وخلال تلك الرحلة من العلاقات المتشابكة وسوء الفهم الناتج عن الكذب المتراكم الذي‮ ‬يؤدي الي مزيد من الكذب،‮ ‬يكتشف الطبيب أن سكرتيرته العانس كانت تهيم به حباً،‮ ‬من طرف واحد،‮ ‬ويكتشف ايضا أنها كانت أكثر جمالا مما‮ ‬يعتقد،‮ ‬ولكنها لم تفكر‮ ‬يوما في إظهار جمالها،‮ ‬كما تكتشف الفتاة البريئة أنها كانت ضحية كذبة كبيرة عاشتها مع الطبيب الذي كانت تعد نفسها للارتباط به،‮ ‬وتعتقد أنه أكثر الرجال الذين صادفتهم صدقا وأخلاقاً‮! ‬وتنقلب الكذبة الي حقيقة ويتزوج الطبيب من سكرتيرته التي وجد أنها أكثر امرأة تستحق ان‮ ‬يرتبط بها‮!‬

بعد عرض‮ "‬زهرة الصبار‮" ‬علي مسرح التليفزيون ونجاحها الكبير،‮ ‬فكر المنتج السينمائي الراحل رمسيس نجيب أن‮ ‬يحول المسرحية الي فيلم سينمائي‮ ‬يلعب بطولته فؤاد المهندس وشويكار،‮ ‬مع الوجه الجديد عادل إمام الذي ظهر معهما في مسرحية‮ "‬أنا وهو وهي‮"‬،‮ ‬في شخصية وكيل المحامي دسوقي افندي‮! ‬ولكن حدث اختلاف بين المنتج والثنائي فؤاد المهندس وشويكار حول الأجر الذي

. ‬حيث طلب كل منهما مبلغ‮ ‬800‮ ‬جنيه حته واحدة‮!! ‬ووجد رمسيس نجيب أن هذا الاجر فيه مبالغة كبيرة،‮ ‬وفشل في إقناعهما بالحصول علي‮ ‬500‮ ‬جنيه لكل منهما‮! ‬وقتها قرر الانتقام منهما وعرض الفيلم الذي كتب له

السيناريو والحوار الصحفي الساخر أحمد رجب،‮ ‬علي شادية ورشدي اباظة وهما في سوق السينما أفضل كثيراً‮ ‬وأكثر شعبية،‮ ‬وأعلي أجراً‮ ‬طبعا،‮ ‬حيث كان رشدي اباظة‮ ‬يحصل علي خمسة آلاف جنيه،‮ ‬أما أجرالفنانة شادية فكان ضعف هذا الرقم لأنها مطربة وممثلة في آن واحد،‮ ‬ولأن معظم أحداث الفيلم تدور في عيادة طبيب أسنان،‮ ‬مما‮ ‬يحتم ارتداء بطلي الفيلم البالطو الأبيض،‮ ‬وخوفاً‮ ‬من أن‮ ‬يصاب المشاهد بالملل،‮ ‬اضطر رمسيس نجيب وهو أشهر وأنجح منتج في تاريخ السينما المصرية،‮ ‬أن‮ ‬يطعم الفيلم بمجموعة من عناصر الابهار.

‬وكانت ماجدة الخطيب في بداية حياتها الفنية،‮ ‬فقرر الاستعانة بها لتلعب دور الفتاة التي تقع في حب الطبيب‮ "‬رشدي اباظه‮"‬،‮ ‬كما استعان بالوجه الجديد‮ "‬آنذاك‮"‬،‮ ‬نجلاء فتحي لتظهر في عدة مشاهد ساخنة من الفيلم،‮ ‬كما طلب من السيناريست أحمد رجب أن‮ ‬يفرد مساحة كبيرة لعادل إمام باعتباره نجم الكوميديا القادم،‮ ‬وطلب عادل أجر‮ ‬100‮ ‬جنيه،‮ ‬وكانت رقما كبيراً‮ ‬لوجه صاعد،‮ ‬ولم‮ ‬يتردد المنتج في الموافقة،‮ ‬كما أضاف المنتج عدة أغنيات لشادية،‮ ‬من ألحان بليغ‮ ‬حمدي،‮ ‬أهمها أغنية‮ "‬سكر حلوة الدنيا سكر‮"! ‬وبقية أحداث الفيلم أنت عارفة وحافظة كويس،‮ ‬أما الفيلم الأمريكي‮ "‬اذهب وراء إحساسك‮" ‬الذي‮ ‬يعرض الآن بالقاهرة فهو الأسخف بين كل المعالجات المأخوذة عن مسرحية زهرة الصبار،‮ ‬وقد لجأ السيناريست الي عدة إضافات منها تحويل طبيب الأسنان الي طبيب تجميل،‮ ‬ليعطي مساحة للسخرية من النساء المهووسات بإجراء الجراحات التجميلية التي‮ ‬يمكن أن تفسد أكثر مما تصلح،‮ ‬أما جنيفر أستون التي لعبت دور السكرتيرة فهي لا تتمتع بأي قبول،‮ ‬رغم كل محاولات الإضحاك وزرع مواقف كوميدية مبنية علي فكرة سوء الفهم،‮ ‬إلا أن الفيلم‮ ‬يخلو فعلا من الطرافة.

‮ ‬وتكاد تكون الشخصية التي قدمتها نيكول كيدمان هي الوحيدة المبتكرة في هذا الفيلم،‮ ‬فهي صديقة قديمة لجنيفر أنستون تلتقيها بعد سنوات انقطع فيها أخبارهما،‮ ‬وتدعي كل منهما كذباً‮ ‬أنها تعيش في قمة السعادة مع زوجها،‮ ‬لتثير أحقاد الاخري،‮ ‬وتدخلان في منافسة في مسابقة للرقص علي طريقه بنات جزيرة هاواي،‮ ‬فتفوز‮ "‬جنيفر أنستون‮" ‬رغم محاولات‮ "‬نيكول كيدمان‮" ‬المستميتة،‮ ‬وفي نهاية لقائهما تعترف كل منهما للأخري بأنها كانت تكذب عليها عندما ادعت أنها تعيش حياة زوجية مستقرة،‮ ‬ويتضح أن جنيفر استون تمثل انها زوجة جراح التجميل المشهور آدم سندلر،‮ ‬أمام خطيبته،‮ ‬أما نيكول كيدمان فتعترف لصديقتها بأن زوجها الذي تدعي أنه مقطع السمكة وديلها ماهو إلا شاذ جنسياً‮! ‬يقوم الفيلم علي فكرة أن الاكاذيب الصغيرة تتضخم وتتشابك وينتج عنها سلسلة من الأكاذيب لا تنتهي،‮ ‬ويبقي أن الفيلم المصري‮" ‬نص ساعة جواز‮" ‬هو أفضل تلك المعالجات الكثيرة المأخوذة عن المسرحية الفرنسية‮ "‬زهرة الصبار‮"! ‬