عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مآسى قطارات الصعيد بين الحقائق الغائبة و"ساعة ونصّ"

بوابة الوفد الإلكترونية

أعادنى  فيلم "ساعة ونصّ" الذى كتبه أحمد عبد الله وأخرجه وائل إحسان، والذى يعد بمثابة الثلاثية التى تكتمل  بفيلمى "كباريه" و"الفرح" اللذين كتبهما أحمد عبد الله وأخرجهما سامح عبد العزيز؛ الى حادث قطار الصعيد أحد المأسى التى صبغت فرحة العيد بلون الدم وطعم المرارة على موت فقراء المصريين حرقا محشورين داخل عربات القطار.

وقعت المأساة فى فبراير عام 2002 عند قرية "ميت القائد" بالقرب من العياط، عندما اندلعت النيران فى قطار الصعيد، مما أدى الى مصرع 361 شخصاً، والتى كثرت الاقاويل حول تفسيرها وكان أكثرها انتشارا وترديدا هى أن راكب اشعال وابور جاز وانفجر فيه.
ورغم ان هذا التفسير بعيد تماما عن المنطق لان الاشتعال حدث فى لحظة واحدة فى عربات القطار المحترقة فى ثوانى معدودة ادت الى احتراق الجثث عندما حاولت الهرب من النيران .
وهناك صور لشبابيك القطار وبها جثث متفحمة تماما لانها لم تستطيع الهرب وهناك اشخاص ماتوا غرقا عندما قذفوا بانفسهم فى ترعة الابراهمية والمعروف أن تلك المنطقة من الترعة ذات عمق كبير الى جانب أن الذين حاولوا الهرب من الجهة الاخرى للقطار دهسوا تحت عجلات القطار القادم من الجهة الاخرى والباقين ماتوا حرقا.
  ورغم تقديم مجموعة من العمال للمحاكمة، إلا ان جميعهم حصل على البراءة لأن هناك خلل فى المعلومات والتحقيقات والاوراق التى قدمت للمحكمة ومنها معلومة غاية فى الاهمية وهى ان تلك العربات التى احترقت أضيفت للقطار وكانت قادمة من الجراج؛ ومن المعروف انه فى قطارات الغلابة يتم رش مواد مطهرة لتنظيف القطارات ؛ حتى لاتكون وسيلة لنقل الاوبئة وان تلك العربات المحترقة رشت بها تلك المادة وتم كنسها سريعا حتى تضاف للقطار ولم تغسل جيدا للتخلص من المادة المطهرة سريعة الاشتعال وهذا يفسر ماحدث من سرعة انتشار فى جميع العربات فى وقت واحد.
وللاسف أن اللجان التى شكلت لجمع المعلومات عن اسباب الحريق أكتفت -كالمعتاد فى جميع قضايانا- بتسويد الاوراق فتكون النتيجة البراءة للجميع ولاتوجد ادلة كافية للاتهام لمعرفة حقيقة ماحدث داخل  قطار الموت الذى غادر محطة الجيزة فى الساعة الحادية عشرة والنصف فى طريقة الى أسوان وهو يضم احدى عشرة عربة امتلأت بالركاب الذين كانوا يأملون فى قضاء أجازة عيد الاضحى بين ذويهم.
وبعد أقل من ساعة من تحرك القطار بدأت فصول المأساة, عندما بدأ اشتعال النيران فى عربات القطار لتنتقل بسرعة من عربة الى أخرى، وبعد اشتعال النيران بحوالى نصف ساعة أدرك سائق القطار الذى يحمل رقم 832 محافظة أسيوط اشتعال النيران فقام بفصل العربات الأخيرة المنكوبة فى محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه وسار بالقطار حتى محطة أسيوط .
وأذا جمعنا بين المعلومات التى لدينا وشهادة الشهود سنقترب من الحقيقة  فأحدهم وهو مختار مهدى يرى أن سبب الحريق يعود لماس كهربائى فى أحد الاسلاك الكهرباء الموصلة بين عربات القطاع نتيجة لحركة القطاع واحتكاك العربات ببعضها ببعض, وأن الشرارة الاولى للحادث بدأت بين العربتين قبل الأخيرة والأخيرة
أما صالح سليم /عامل 21 سنة/ فيعطى رواية مختلفة حيث يقول أن الحريق وقع فى أول عربة من عربات الدرجة الثالثة دون أن يحدد سببه, لكنه يقول أنه فوجئ بسحب من الدخان وألسنة اللهب تتجه نحوه فأسرع بالقفز من النافذة هو وعشرات آخرين حيث أصيبوا باصابات بالغة جراء سير القطاع والذى لم يكن قد توقف بعد

شاهد أخر وهو فرج زكى فرج (30 سنة) يقول أن الدخان الكثيف أدى لحدوث حالات اختناق بين الركاب لكنه تمكن من القفز من النافذة بعد محاولات عدة من جراء التزاحم على نوافذ بعينها حيث توجد قضبان حديدية على نوافذ أخرى وكذلك لم تفتح أبواب العربات بسهولة لتلف المقابض أو عدم وجودها أصلا .شاهد أخر من شهود عيان حادث قطار الموت يعطى أبعادا درامية أخرى للحادث حيث يقول محمد مختار /عامل/ وكان فى طريقة لقضاء عيد الاضحى مع أسرته

بقنا أنه استطاع انقاذ سيدة من الموت بأن دفعها من النافذة لكنها كانت ترجوه أن يحضر لها ابنها الطفل ذا السنوات الأربع وعندما توجه اليه كان عبارة عن جثة متفحمة .!!

أما  اشرف صلاح احمد 27 سنة عامل من سوهاج فقال انه كان من ركاب العربة قبل الاخيرة وعند رؤيته للنيران بدأ فى الجرى بعيدا عنها ولكنها امسكت بملابسه وبالعربات.
واذا عدنا لفيلم "ساعة ونصّ" لن نجد أى شئ من تلك التفاصيل، ولكننا أمام شخصيات ركبت قطاراً ينقلب فى النهاية لقيام اللصوص بسرقة قضبان السكة الحديد، ولأن خفير المحطة، مشغولاً بمأساته الشخصية، وسائق القطار لديه همومه.
فعلى مدار ساعة ونصف يستعرض الفيلم نماذج إنسانية منها "ماجد الكدوانى" الشاويش البائس يقوم بترحيل شاب مصرى عائد من السويد "أحمد الفيشاوى" متهم بتقبيل صديقته السويدية فى شوارع مصر، ولا يتجاوب معه إلا عندما يكتشف أنه يصلح عريساً لأخته العانس.
"فتحى عبد الوهاب" صعيدى ، أحبّ ابنة عمه "يسرا اللوزى"، من اجلها باع ارضه وفتح لها عيادة ، وهو غيور جدا ولديه عقدة نقص امام تفوقها .اما هى فنقطة ضعفها حبها له ."إياد نصّار" يسارى يبيع كتب الحب فى القطار رغم انه خريج جامعة ، "كريمة مختار" تعانى من عقوق الابناء  ومأساتها تتلخص فى ورقة كتبها  ابنها " الرجا تسليم هذه السيدة الى أقرب دار للمسنين"، و" محمد عادل إمام" فى دورميكانيكى يسرق القضبان وشخصية سائق فهلوى "سعد الصغير"، أو محام ريفى ساذج "طارق عبد العزيز".و"محمود الجندى" وزوجته المنتظرين ابنهما "كريم محمود عبد العزيز" وصديقه "محمد رمضان" العائدين من ليبيا، بلا مال و"سمية الخشاب" الزوجة العاقر لخفير المحطة "أحمد بدير" الذى يعانى من الضعف الجنسى.
ولكن هناك شخصيات وجودها غير منطقى مثل (أحمد عزمي) الموظف المقتدر والمرأة المتصابية (سوسن بدر)؛ وابنتها أيتن عامر وهناك شخصيات عديدة تم تضفيرها فى الفيلم بأسلوب جعلها فى حالة تداخل الهدف منه هو الاشارة الى مأساة وطن بأكمله من خلال مرحلة زمنبة محددة وديكور ثابت  قدمه "على حسام" وبروح الافلام  التسجيلية قدم "سامح سليم" صورته التى تضافرت مع موسيقى "ياسر عبد الرحمن" ومونتاج "شريف عابدين" لتجعلنا نتغاضى عن بعض اخطأ السيناريو كحكاية مفتش السكة الحديد (أحمد بدير) نراه في المنزل ثم يخرج و يعود للبيت ثم يخرج و يعود فيضبط زوجته مع عشيقها فى زمن من المفروض ان ساعة ونصف , الى جانب ضعف الامكانيات الانتاجية لمثل هذه النوعية من الاعمال . ولكن مع ذلك بكينا من داخلنا على ابطال الفيلم وجميع ضحايا قطارات الصعيد .

                                [email protected] .com