عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمود رضا: الدولة تعامل الفنان كأنه من مرضى الجزام

الفنان الكبير محمود
الفنان الكبير محمود رضا

كلما يظهر أحد كبار مبدعينا على السطح بعد غياب الجميع يردد فى صوت واحد ولحظة واحدة «يا هووووووه»، وهذا المشهد يتكرر كثيراً فى مصر لأننا الدولة الوحيدة فى العالم التى تهمل، وتتجاهل مبدعيها أحياء وأموات، والأمثلة كثيرة حتى إن بعضهم مات من الاكتئاب لأنه لم يتوقع أن يهمل إلى هذه الدرجة، فالأمر عندما يتعلق بشخص كان قريباً منه سنقول عليه «قليل الأصل» وهى الكلمة الشائعة فى مجتمعنا المصرى، لكن عندما يكون الأمر متعلقاً بالدولة ماذا نقول؟ هل نقول «حسبنا الله ونعم الوكيل» هذا هو الكلام أو العبارة المتاحة.

منذ أيام ظهر الفنان الكبير محمود رضا فى مهرجان الأقصر للسينما، وكانت برفقته السيدة فريدة فهمى، والأول هو رائد فن الاستعراض الشعبى، والثانية هى أهم راقصة فنون شعبية عرفها العالم العربى، وكان ثالثهما على رضا، واستطاع الثلاثى تكوين فرقة رضا للفنون الشعبية، والتى أصبحت من أهم الفرق التى تقدم هذا الفن على مستوى العالم، والأرقام تقول إن هذه الفرقة قامت بتقديم عروضها فى كل بلاد العالم بلا استثناء، وكانت سفيرة للفن المصرى أكثر من السينما والمسرح والغناء خاصة فى أوروبا، ومن أهم المسارح التى ظهرت عليها الفرقة هى مسرح هيئة الأمم المتحدة فى نيويورك وجينيف، والأولمبيا بباريس، وألبرت هول فى لندن، وبيتهوفن فى بون، وستانسلانسكى فى روسيا، وهذا جزء صغير من تاريخ الفرقة والذى هو أيضاً جزء من تاريخ محمود رضا، وفريدة فهمى اللذان ظهرا مؤخراً فى الأقصر.

ثم عاد وظهر محمود بمفرده مع وائل الإبراشى فى برنامجه العاشرة مساء، والذى كان يتحدث فيه بمرارة إنسان قدم الكثير للبلد، وفى النهاية عاملته معاملة مرضى الجزام شأنه شأن كثير من فنانى مصر الذين عوملوا بهذه المعاملة تجاهل ونسيان ونكران للجميل، أمثال محمود رضا فى أوروبا يعاملون المعاملة التى تليق بما صنعوه لوطنهم من إبداع منقوش على جدران الزمن، لا يمكن أن ينسى مهما حدث، مبارك طوال 30 سنة كان ينظر للفن على أنه شىء هامشى غير مؤثر ففقدت مصر ريادتها فى الإعلام والغناء والسينما والمسرح، وانهارت مع هذه الفنون قائمة طويلة من المبدعين، وطفا على السطح أنماط لا تعبر عن شخصية مصر، وبالتالى فقدنا من أثروا الساحة الفنية حتى قبل رحيلهم، فقدناهم وهم أحياء، وبالتالى حتى الجيل الجديد من الشباب لا يعرفهم كل من هم أعمارهم بين 20 و35 سنة أتحدى لو أن 10٪ منهم يعرفون تاريخ محمود رضا أو فريدة فهمى أو تاريخ بليغ حمدى والسنباطى أو سيد درويش أو الموجى أو الطويل أو حتى أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، نقيس على ذلك باقى ألوان الفنون، كيف يعرفون هذه الأسماء والدولة قامت

بدفن 90٪ منهم، وهم أحياء، وأتصور لو أن حليم أهم مطرب مصرى لو عاش إلى هذا الزمن لعومل معاملة محمد قنديل قبل رحيله، والذى جلس فى منزله سنين طويلة لا أحد يعلم عنه شيئاً، والآن أين مثلاً محمد العزبى أهم مطرب عرفته فرقة رضا الذى أصبح أهم مطرب شعبى قدم الموال، وكان قبله كارم محمود وبعده فايد محمد ثم عمر فتحى ومحمود رضا قدم تراثنا الفلاحى والبدوى والصعيدى والسكندرى والبحرى استعراضياً وموسيقياً ومعه على إسماعيل هذا الموسيقار الجبار للعالم كله، أهمل محمود قبل وبعد بلوغه سن المعاش أمثاله فى أوروبا هم صفوة الخبراء، يظلون فى مواقعهم كخبرة وقدوة للشباب إلى أن يلاقوا ربهم.


فى حلقة وائل الإبراشى قدم تسجيلات لفرق من إسبانيا وإيطاليا يقدمون راقصات فرقة رضا بإبداع شديد، والسؤآل الذى يفرض نفسه لماذا تقدم هذه الفرق فننا الشعبى، الإجابة ببساطة لأننا لم نعد نقدمه، وعندما نقدمه لا نقدمه بتلك الاحترافية التى كانت تقدم من قبل، ربما يوجد من بين أجيال فرقة رضا نماذج مثل محمود وفريدة والعزبى وعمر فتحى رحمه الله، لكن لم يساعدهم أحد كى يصلوا لتلك المكانة وهو السبب نفسه الذى أجلس محمود وفريدة والعزبى فى منازلهم منذ ربع قرن من الزمن شأن كثيرين.
مبارك لم يكن يهتم بالفن، والآن ونحن فى عصر الإسلام السياسى الفن ينظر له على أنه فجور، وبالتالى فالتجاهل سوف يكون أكثر والصورة سوف تكون حالكة الظلام.
الملفت للنظر أن يحدث هذا فى مصر، فى الوقت الذى نجد فيها دولاً عربية تحتفى بمبدعينا، وتحاول أن تدعم مواهبهم للوصول بهم إلى قمة الهرم والأمثلة كثيرة فى الإمارات والكويت وقطر والبحرين والسعودية والمغرب وتونس هم يعون معنى الفن ونحن نحاول أن نعمل من أجل القضاء عليه.