رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"صائد الدبابات" قتله إهمال الدولة

بوابة الوفد الإلكترونية

يصنع التاريخ لحظات فارقة في عمر الشعوب، وحرب أكتوبر بمثابة وثيقة تؤرخ لمصر انتصارها وعودة أراضيها، ورفع علم عزة الجندي المصري، ورغم الوجود الهائل للتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن هذا الانتصار الكبير الذي غير مجري الحياة السياسية علي مستوي العالم، لم يسجل بالشكل الكافي لشباب الموبايل والنت، وكثير من الشباب لا يعلم شيئاً عن انتصار أكتوبر، وغاب الإعلام والمركز القومي للسينما ووزارة الثقافة عن إنتاج أفلام تسجيلية أو وثائقية تحكي حقيقة الانتصار، عبر المواقع الأكثر إقبالاً حتي نربط النشء والشباب بوطنه ليعلم أهمية وقدسية تراب الوطن،

وأن الجيش هو الحصن الدائم للشعب المصري.. وانطلاقاً من أهمية حرب 73 قررت مجموعة من الأصدقاء الشباب أن يقتحموا عقول الشباب في كل مكان ليحكوا لهم حكاية شعب، واختاروا ملحمة كبريت لتكون البداية، ورغم الصعاب وضعف الإمكانيات المادية وعدم تقبل الجهات المعنية مساعدتهم، إلا أنهم نجحوا في إطلاق فيلم روائي قصير عن ملحمة كبريت.
ولاحظ الشباب أن الأفلام التي يتم تصويرها من واقع أحداث الحرب اختفت، ولن نشاهدها، وكانت الاحتفالات تركز علي الضربة الجوية فقط، برغم أن هناك معارك أخري لها أهمية كبيرة، وقد لفت انتباههم معركة كبريت التي بدأت عام 1973 واستمرت 135 يوماً وراح ضحيتها الكثير من الجنود.
يقول خضر محمد «مخرج الفيلم» إنه اعتمد علي الجرافيك والمؤثرات التقنية الحديثة في التصوير وصمم موقع علي طريق الإسماعيلية مماثل تماماً للموقع في سيناء.. ويضيف: يشاركني مجموعة من الممثلين الشباب منهم: مازن سعيد ومروان مسلم ومحمود حسن، وكلنا نقوم بالتجربة الأولي لنا، وقد وقع الاختيار عليهم من خلال إعلان علي الإنترنت وبعد اختبارات عديدة، أما ضيف الشرف فهو النجم عمرو واكد ووقع الاختيار عليه نظراً للشبه الكبير بينه وبين قائد المعركة إبراهيم عبدالتواب.. ويقول: أحلم أن تتبني القوات المسلحة الفكرة ليكون فيلماً روائياً طويلاً، فبعد أن أبدت استعدادها بعد قراءتها السيناريو اختلفت الحياة بعد الثورة، خاصة أن الأشخاص تغيروا ولابد من عرض المقترح مرة أخري، فشخصية العقيد إبراهيم عبدالتواب قائد نقطة كبريت الذي قاوم الحصار واستشهد بين جنوده في الملحمة العظيمة تحتاج إلي مجلدات لتحكي عظمته، فالموقعة ملحمة من ملاحم أكتوبر 1973 علي أيدي أبطال الحرب وأصحاب الانتصار الحقيقيين، هكذا كانوا وهكذا رحلوا لينسب الأحياء بطولة الحرب لأنفسهم كذباً وافتراء علي حقوق أشرف الخلق من أبنائنا، هؤلاء هم شهداء مصر وهؤلاء هم أبطال وأصحاب نصر أكتوبر، اللهم الحقنا بهم وارزقنا موتتهم مع أبطال ملحمة كبريت.
«مع العقيد إبراهيم عبدالتواب كفنوني بعلم مصر، وسلموا ابنتي «مني» المصحف والمسبحة».. تلك كانت وصيته الأخيرة التي أبلغها لرفاقه من الجنود والضباط، فالمهمة كانت ثقيلة، والموت كان يحاصره من كل اتجاه، لكن قلبه لم يعرف الخوف، كان عنيداً، صلباً، يقاتل بجسارة، يتقدم الرفاق، ضارباً المثل والقدوة، ياه من أي نوع أنت، كيف امتلكت قلوب الجميع، وصمدت بهم وسط النيران والحصار لأكثر من 135 يوماً في قاعدة كبريت، التي تقع علي الشاطئ الشرقي للبحيرات المرة، في المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثاني والثالث الميداني.
ويفتح فيلم «موقعة كبريت» قضية أفلام نصر أكتوبر التي لا تتعدي ثلاثة أفلام نشاهدها في احتفالات أكتوبر، وكأن تاريخ النصر توقف عندهم، ولا توجد قصص وراء الحرب والانتصار.
وهذا يجعلنا نتذكر دور الإعلام المصري بعد النكسة الذي أعد أفلاماً تسجيلية لتظهر الوجه القبيح لأمريكا وظلت القنوات تعرضه بصفة مستمرة، حتي الإذاعة كانت تعرض مسلسل «شرشوب» الذي يدور حول ألاعيب المخابرات الأمريكية.
وكان للإعلام دور بارز في انتصار أكتوبر الذي لعب دور في تعميق الانتماء ونشر الوعي القومي ومقاومة الاستعمار حتي النصر والتزم الصدق والموضوعية، وسقط إعلام العدو في مستنقع تضخيم الأمور وتجاهل الحقائق.
وصنع الإعلام حالة من لم الشمل المصري وحشد الشعب لمساندة جيشه والعمل علي إعداد فرق للمقاومة الشعبية في مدن القناة لخدمة الجيش هناك، وتصحيح المعلومات الخاطئة التي يذيعها الإعلام الغربي عن الحرب، إلي أن اعترف الإعلام الغربي بالانتصار، واتحدت جميع وسائل

الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب لنشر الفرحة بين الناس تحت مسمي «لا صوت يعلو علي صوت المعركة» وأعطي الانتصار دفعة للإعلام ورفع الرقابة عنه وتوالت البرامج والأفلام، ولكن لم يسفر الإنتاج إلا عن ثلاثة أو أربعة أفلام تسجيلية فقط، ففي مارس 1974 قامت القوات المسلحة المصرية بإعادة عبور قناة السويس.. ولإتاحة الفرصة للتصوير السينمائي أراد المبدع شادي عبدالسلام أن يسجل الانتصار في فيلم «جيوش الشمس»، ولعشقه للتاريخ الفرعوني الذي قدم من خلاله رائعته «المومياء» اختار اسماً فرعونياً، فجيوش الشمس اسم كان يطلق علي جيوش مصر الفرعونية، وصوره بين المعسكرات المختلفة للجيش في منطقة الإسماعيلية، ووضع له الموسيقي عزيز الشوان وصوره سمير فرج.
ويقول المخرج والمصور محمود عبدالسميع: إن أبطال أكتوبر مادة ثرية تحتاج إلي آلاف الأفلام التسجيلية.. ويحكي ذكرياته عن إخراجه لفيلم «صائد الدبابات» الذي يحكي عن حدوتة مصرية أبهرت العالم وتحمس لإخراجه خيري بشارة. «محمد عبدالعاطي» الذي قتلته البلهارسيا ومات دون أن تهتم به الدولة، وعرف بصائد الدبابات، وسجلوا اسمه في الموسوعات الحربية كأشهر صائد دبابات في العالم.. كان نموذجاً للمقاتل العنيد الشجاع الذي أذاق العدو مرارة الهزيمة.
وبمناسبة ذكري الأربعين - وهي عادة فرعونية منتشرة في مصر للاحتفال بمرور 40 يوماً علي الوفاة - لرحيل عبدالعاطي صائد الدبابات، كتبت صحيفة «الأسبوع» المصرية في عددها الصادر الاثنين 24/12/2001 تقول: إن عبدالعاطي الشاب الأسمر مفتول العضلات الذي خرج من قرية فيشة قش بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، والمولود عام 1950 التحق بالقوات المسلحة في 15 نوفمبر 1969 بعد أن أنهي دراسته وكان قدره أن يتم تجنيده في وقت كانت فيه البلاد تقوم بالتعبئة الشاملة استعداداً لمعركة التحرير لتمحو بها عار الهزيمة التي لحقت بها عام 1967.
في البداية انضم لسلاح الصاعقة، ثم انتقل إلي سلاح المدفعية، ليبدأ مرحلة جديدة من أسعد مراحل عمره بالتخصص في الصواريخ المضادة للدبابات، وبالتحديد في الصاروخ «فهد» الذي كان وقتها من أحدث الصواريخ المضادة للدبابات، التي وصلت للجيش المصري، وكان يصل مداه إلي 3 كيلو مترات، وكان له قوة تدميرية هائلة.
وفيلم أبطال من مصر الذي انتجه المركز القومي للسينما ويصور حياة أحد أبطال الدفاع الجوي الذي أسقط 7 طائرات، ويحكي قصة حياة عائلة أحد شهداء مصر وحالتهم بعد استشهاد ابنهم.. أخرج الفيلم أحمد راشد وصوره سعيد الشيمي.
ونأمل أن نري الفيلم في احتفالات أكتوبر علي الفضائية والتليفزيونية وأن تعرض علي المواقع الاجتماعية حتي يتاح لهم معرفة اللحظات الفارقة في تاريخ مصر التي صنعتها حرب أكتوبر وأن يهتم المركز القومي للسينما بإنتاج أفلام عن أبطال أكتوبر وتاريخهم في صناعة حضارة الشعب المصري.