رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفخرانى واحد من سحر هذه الأرض

مسلسل الخواجة عبد
مسلسل الخواجة عبد القادر

الكاتب الدرامى عبدالرحيم كمال، والذى تخصص في الكتابة عن صعيد مصر تراثاً ومعاصرة، وصل إلي حالة من الإبداع المبهر فى عمله الجديد "الخواجة عبدالقادر" أدخلنا إلى سحر هذه الأرض الخصبة. في تقاليدها وموروثها الشعبي العجيب.

تزاوجت هذه الحقائق مع الفنان يحيي الفخراني ليدخل بنا في عوالم هي ليست غريبة عنه. لكنه في هذا العمل يسمو إلي حالة من الامتلاء الروحي، ولعل أهمية هذا السمو الإنساني أنه عبر استخدامه لمفردات لا ينطق بها بل يعيشها معايشة كاملة، يجعل تحت التصرف ما هو أكثر من الكلمات المنتظمة سطوراً وأبياتاً، ومقاطع، أنه يمد الناس بمجموعة من الأفعال، من مثل نبرات الصوت وحركات عضل الوجه، وإيماءات اليدين والجسد، وهي جميعاً من يجد له تماثلاً لا تكون مجرد حركات ونبرات وإيقاعات ومحاكمات لدي السامعين والمشاهدين، بحيث لا تكون مجرد حركات ونبرات وإيقاعات وحسب، وإنما تشكل في هذا الحال تاريخاً لا بالمعني المألوف، بل بصفة كونه استيطاناً للماضى، وتقويماً للحاضر، وبوصفه القرينة الموجبة الدرس بل تحمل من تناقضات وقل: الجوهر المعبر عنه عبر عصور التخيل الخلاق.
هذا الجو الخلاق الذي ابتدعه صناع "الخواجة عبدالقادر" تضع هذا التساؤل حول حق في ادعائه بأن أغلب الناس يحكمون علي روح الإنسان من خلال تاريخ وتاريخ أجداده.. وهذا يثار دائماً كلما تجددت فكرة الصراع بين الروح والجسد أو علي أقل تقدير فكرة الصوفية. التي كلما سما الفكر فيها خفت أوزان الأجساد ولو طبقنا ذلك علي بطل قصتنا الخواجة عبدالقادر الذي كان إنجليزياً سكيراً - هربرت - وكيف ارتقبت نفسه التي تتوق إلي الخلاص، حتي صار أحد أولياء الله الصالحين.. وبين هذين الشرخين في روحه تصعد الحقيقة الغائبة.. تجسدت هذه الحقيقة من خلال حوار يقترب من عالم المسرح السخي الدافئ، والذي تمكن من معايشة الجماهير له بأقرب أسلوب وأقوى بنية.. المخرج الشاب شادي الفخراني تفهم الحوار والسيناريو ببراعة وعاش تنقلات الروح من فكر إلي آخر ومن مستنقع غارق إلي بر الأمان، حين تاهت خلايا هربرت في عالمه القديم.. وهرب إلي حيث يجد نفسه

في دين الإسلام.
هذا المسلسل يفتح ملف مفاهيم النهضة الحائرة بين الشرق والغرب، فمنذ اللحظة التي أدرك فيها الطهطاوي أنه لا سبيل إلي استعادة مفاهيم النهضة، إلا عبر تبريرها تراثياً، فإن الخطاب العربي المعاصر لم يعرف وعلي مدي تاريخه إلا مجرد التبرير. ومن خلال التراث بالطبع لكل أشكال الأيديولوجيا التي راح يستعيرها ولعل هذا الحضور التبريري للتراث في بنية الخطاب يكشف عن كون التراث ليس حاضراً لأجل ذاته بل لأجل غيره، ولذلك فإنه لم يستلزم وعياً بالتراث في سياقاته المنتجة له. وبما يسمح بإعادة بنائه علي نحو منتج بقدر ما فرض إدراكاً له في تاريخيته، أي عزلاً له عن جملة هذه السياقات، كيما يسهل انتزاعه لأداء الدور التبريري الذي أناطه به الخطاب، ولقد كان ذلك يتحقق عبر عزل المفهوم في التراث عن شبكة المفاهيم المتضافرة معه.
وفكرنا الحديث يستقي هذه المبادئ والمقدمات من معطيات الواقع التجريبى بالاستقراء، والاستقراء هنا ليس حصر جميع الجزئيات وإنما هو تكثيف معطيات الواقع التجريبي شبيهة بما يتم تلقائياً عندما تتجمع إحساسات مختلفة حول إحساس واحد يكون أشدها وأقواها.
هذا العمل الفني المبهر يفتح أيضاً شكلاً ليس بجديد ولكنه أصيل عند أداء يحيي الفخراني الذي وصل إلي العالمية بكل ثقة، وقد اكتسب أداؤه هذه الخبرة والعبقرية والتجديد المستمر الذي يجعله في كل مرة هو الأربح بين رفاقه والأكثر ثراء.