رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفن في أجندة الرئيس القادم

بوابة الوفد الإلكترونية

هل سيكون للفن وضع خاص داخل أجندة الرئيس القادم لمصر؟ أم يعاني من نفس التجاهل الذي عانى منه طوال سنوات حكم مبارك الثلاثين، وهذا التجاهل الذي أخرج مصر

من السباق الفني في سنوات كثيرة من عمر رئاسته، وأصبحت هناك دول مثل لبنان والامارات تحتل مكانة افضل الى أن فوجئنا بتركيا تلعب دور البطولة من خلال الدراما، والتي تمثل ما يشبه الاحتلال التركي لقنواتنا العربية وبالتالي كل البيوت، مبارك كان يرى أن الفن شىء هامشي وبالتالي فقدت مصر الوسيلة التي كانت تحتل بها العالم العربي، لأننا اقتصادياً غير مؤهلين للمنافسة بحكم اننا امام دول بترولية، وتجارية من طراز فريد، والشىء الوحيد الذي كنا مؤهلين به هو الفن.
لو عقدنا مقارنة كيف كانت مصر أيام جمال عبدالناصر، والسادات وكيف كانت أيام مبارك فنياً؟ لوجدنا الفارق كبيراً.
ففي فترة جمال عبد الناصر شهدت الأغنية طفرة كبيرة حيث كانت سيدة  الغناء العربي، وعبد الحليم حافظ من أهم الوسائل التي استخدمها للوصول الى قلب العالم العربي، وبالفعل كان العرب يتوحدون في الخميس الأول من كل شهر للاستماع إليها، وعندما كانت تزور أي عاصمة عربية أو اجنبية كان العرب يقفون بالآلاف من أجل الاستماع إليها، وكان حليم يمثل نفس الدرجة.
السينما المصرية في عهده كانت في قمتها، وفي فترة من الفترات عندما حاول بعض الفنانين الهروب الى لبنان بسبب المضايقات التي تعرضوا لها على يد زوار الفجر استدعى عبد الناصر بعض وزرائه المعنيين بالأمر وطالبهم باعادة الفنانين الى وطنهم، والعمل على طمأنتهم من أجل مواصلة الابداع، في عهد عبدالناصر قدمت الأغنية افضل ما لديها من انتاج مازالنا نعيش عليه، والجميل أن الاذاعة المصرية كانت تلعب دور المنتج في كثير من الاحيان، ولذلك أصبح 90٪ من تراثنا ملك الدولة، وهو التراث الذي فرطنا فيه في عهد مبارك، وفي ظل وزير اعلامه أنس الفقي، والغريب أن الصحف نشرت تقارير خطيرة حول قضية بيع التراث لكنه لم يلتفت كالعادة، وكأنه يقول «خليهم يضربوا راسهم في الحيط»، وبالفعل طار التراث ولم يعد حتى الآن.
وفي عهد السادات لم يختلف الوضع كثيراً حيث أعلن عن ميلاد أول عيد للفن، واصلت الأغنية تألقها، وعندما دخلت مصر عصر تزوير الالبومات وبمجرد أن علم بهذه الجرائم من الموسيقار محمد عبد الوهاب، قرر أن تكون هناك شرطة للمصنفات مهمتها مكافحة هذه الظاهرة.
وفي عهد مبارك عادت الظاهرة أكثر شراسة، وأصبح الانترنت أحد وسائل ضرب الاغنية المصرية، وانهارت هذه الصناعة حتى عندما تحدث اليه المطرب محمد منير في احد اللقاءات التي جمعته به لم يحرك ساكنا، وظلت القرصنة تنهش في جسد الغناء وتم غلق 99٪ من شركات الانتاج وتم تسريح ما يقرب من 3 ملايين عامل بهذه الصناعة.
السينما في عهد السادات واصلت الابداع، وفي عهد مبارك ذهبت الى أسفل السافلين، ودخلت الصناعة دوامة جديدة، ودخل رأس المال العربي ليسيطر على الساحة، وبالتالي أصبحت 90٪ مما ينتج أصحابه من الاخوة الخليجيين، والجميل أن هناك ايادي مصرية ساعدتهم في ذلك.
لسنا بصدد محاكمة مبارك حول انهيار الفن في عهده، ولكننا نضع الصورة امام الرئيس

القادم من الآن، حتى يضع في أجندته الخاصة ملفاً خاصاً بالفن، إذا أردنا أن نحتل العرب ثقافياً وفكرياً فعلينا الارتقاء بفنوننا، لأننا لن نذهب اليهم بسعد الصغير، وعماد بعرور، والأغاني التي تخاطب الجسد.
الرئيس القادم أمام معركة لإعادة مصر الى الخريطة الفنية العربية، لأن الفن أحد العوامل التي تؤثر، وتنقل فكرك للعالم. وعلى مستوى الدخل فهو يمثل أحد أهم وسائل الدخل القومي في أى بلد، ومصر في عهد ناصر والسادات حققت مكاسب اقتصادية كبيرة من الفن، لا تقل عما كان يحققه دخل القطن، وأكثر من دخل السياحة، إلى جانب أنه احدى الصناعات التي يعمل بها الملايين.
الدراما أيضاً شهدت طفرة في عهد السادات، وكانت القنوات العربية تتحدث اللهجة المصرية بسبب انتشار هذا الشكل الفني، الى أن تراجعنا بشكل كبير منذ 10 سنوات أو أكثر قليلاً أمام الدراما السورية، والتي شكلت خطراً كبيراً علينا خاصة في المسلسلات التاريخية، وساهم في انتشارها أن المنطقة العربية كانت تريد بأي شكل ووسيلة بديلاً جيداً للدراما المصرية تساعدهم على الاستغناء عنها، ولأننا قدمنا أعمالاً ساذجة، وضعيفة وفقيرة فكانت النتيجة هذا التراجع الكبير، وقبل أن نفيق من صفعة الدراما السورية، إذا بخطر أكثر شراسة يدخل الى عالمنا وهو مهند، وسمير، وفاطمة، وليلى ما يعرف بالدراما التركية، التي اجتاحت كل الحدود العربية، وحتى يتم التغلب على عامل اللغة، استعانوا بمكاتب دبلجة سورية. الدراما التركية لم يتم استخدامها فقط كاحتلال فني، لكن استخدمت لنشر الثقافة التركية، وتمهيد للساحة للأتراك، واستخدمت عامل جذب للسياحة، وبالفعل السياحة العربية لتركيا زادت خلال السنوات الخمسة الأخيرة بشكل كبير، وكان الفضل الأول للدراما التركية التي برعت في استخدام أهم المناطق السياحية، والتأكيد على المناطق النظيفة على عكس ما يحدث عندنا حيث نجيد نشر غسيلنا القذر تحت مسمى الواقعية.
أجندة الرئيس القادم لابد أن يكون للفن دور كبير فيها للخروج من المأزق الذي وضعنا فيه النظام السابق، الفنانون أنفسهم يشعرون بضآلة خلال ربع القرن الماضي وآن الأوان لكي يعودوا سفراء للدولة المصرية شأنهم شأن العلماء، ورجال السياسة.