رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فنانون سقطوا فريسة للزمن

بوابة الوفد الإلكترونية

لا تحاول عزيزى القارئ أن تقرأ الطالع أو تستشف الغيب، لا تحاول الرهان على أيام دائمة الحركة ومتقلبة المزاج.. إذا جندت كل حواسك وركزت انتباهك مع حركة الأيام فلن تستطع كسب تعاطفها أو حماية نفسك من غدرها.

وعلى عتبة الخصام والخلاف مع الأيام يسقط فنانون كانت لهم أسماء تسد عين الشمس.. تبدأ محنة الفنان بالابتعاد عن الجمهور وانحسار الأضواء عنه وتتطور المحنة مع الإصابة بالمرض.. ويأتى الفقر وضيق الحال ليكتم أنفاس الفنان ويرحل فى لحظة عابرة دون أن يشعر المعجبون.
مؤخراً رحل الفنان أحمد السنباطى عن الحياة إثر الإصابة بمرض الكبد، وقد عانى أحمد السنباطى كثيراً لتدبير نفقات العلاج وظل يعانى حتى مات، لم تقف نقابة الموسيقيين بجانبه، ولم تقدم له العون، ورفض الرجل طرق الأبواب بحثاً عن مساعدات مالية يستطيع الاعتماد عليها لشراء علاج الكبد، الغريب هو أن أحمد السنباطى رحل ودفن دون أن يشعر به أحد، وكأنه جاء الدنيا فى صمت ورحل عنها فى صمت وعتمة، يا له من موقف غريب أن يكتشف الجمهور المحب للفنان أحمد السنباطى أنه رحل عن الدنيا من خلال الخبر الذى نشرته الزميلة «الأهرام» فى صفحة الوفيات بذكرى الأربعين، سيطرت الدهشة على الكثير من الناس، وكان السؤال المهم: متى مات الرجل ولماذا دفن فى صمت؟
وحالياً يرقد الموسيقار الموجى الصغير فى أحد المستشفيات الخاصة، وذلك بعد أن حجز له الفنان هانى شاكر غرفة «2» لعلاجه من فيروس الكبد الذى لا يرحم، ويتكفل هانى شاكر بجميع نفقات علاجه بعد أن تخلت عنه نقابة الموسيقيين، وإذا كان موقف هانى شاكر النبيل يستحق الإشادة والتقدير لأنه يعبر عن روح فنان مثالى فى الأخلاق والعطاء، فهناك موقف آخر يستحق الذم والإدانة هو موقف نقيب الموسيقيين إيمان البحر درويش، فالرجل يعرف بمحنة وأزمة الموجى الصغير منذ شهرين تقريباً، ورغم ذلك لم يتخذ أى تصرف لتدبير نفقات علاجه!! وأعلن إيمان البحر درويش أن الموجى الصغير غنى ولا يحتاج إلى مساعدات النقابة، أمر غريب أن يتهم النقيب فناناً فى محنة بالادعاء لو كلف النقيب نفسه وزار الرجل فى بيته لتأكد بقلبه وعينه بأن الموجى الصغير يمر بأزمة كبيرة، لو سأل عن حاله لاكتشف أن هانى شاكر يتكفل بعلاجه، أين النقيب الهمام من أوجاع الفنانين؟ وأين دور النقابة الإنسانى فى تضميد جراح أعضائها والوقوف بجانبهم لعبور المحن والأزمات لاتى تلاحقهم أو تتربص بهم.
ويؤكد الموجى الصغير أنه مندهش من موقف النقيب ويراه غريباً فلم يخصص له أى مبلغ مالى كمساهمة فى علاجه من دخل النقابة ولم يبذل مجهوداً لعلاج على نفقة الدولة، وبينما يعانى الموسيقيون من المرض وتحاصرهم الأزمات ينشغل إيمان البحر درويش بمعارك وهمية مثل معركته مع شيرين عبدالوهاب ومعركته مع مروة، ويتساءل الموجى الصغير: متى يدرك إيمان البحر درويش أن النقابة

لها دور عظيم فى خدمة الفنانين، خاصة الذين يمرون بظروف مادية ومرضية مؤلمة إلى حد كبير؟!
وقائع إهمال الفنان والتخلى عنه ليست جديدة فهى قديمة جداً، ففى عالم التمثيل سقط عدد كبير من النجوم بسبب مرارة الفقر والاحتياج مثل فاطمة رشدى التى ولدت فى الإسكندرية عام 1908 وعندما شاهدها سيد درويش عام 1921 دعاها للعمل بفرقته التى كونها بالقاهرة.. ومرت الأيام وأصبحت فاطمة رشدى نجمة كبيرة وذات بريق خاص، وفى الستينيات اعتزلت فاطمة رشدى وانحسرت عنها الأضواء ومع التقدم فى السن ضاعت الصحة وتبخر المال، وتجاهلتها الدولة تماماً، وعندما اشتد بها المرض وغالبها ضيق الحال أقامت فى حجرة صغيرة فى مكان شعبى، وعندما علم الفنان فريد شوقى بمأساة فاطمة رشدى تدخل لدى المسئولين لإصدار قرار بعلاجها على نفقة الدولة وتوفير مسكن ملائم لها يحميها من برد الشتاء وسخونة الصيف، لكن القدر لم يمهلها لتتمتع بما قدمته لها الدولة، وماتت فاطمة رشدى عام 1996 فى حجرة ضيقة تفوح منها رائحة لا تحتمل عن عمر يناهز 84 عاماً المأساة نفسها تكررت مع عبدالفتاح القصرى، الذى كان نجماً فى عالم الكوميديا وكان والده ثرياً ويعمل فى التجارة، ورغم الشهرة والثراء جاءت نهايته مؤلمة وصادمة لكل من اقترب منه، حيث أصيب بمرض نفسى أفقده لذة وسحر الحياة، ثم فقد بصره وأصابه الشلل وقامت شقيقته التى كان يقيم معها ببيع الشاى والسكر من أجل تدبير نفقات العلاج لشقيقها الفنان، وهكذا انتهت حياة فنان وهب حياته لرسم الابتسامة على وجوه الناس.
سعاد حسنى هى الأخرى صنعت مجداً من ذهب ورحلت وهى تعانى الفقر والتجاهل، كان كبرياؤها يرفض الانكسار أو الانهزام أمام الظروف الصعبة، فرحلت وهى تكتم أوجاعها تحت جلدها، يجب أن تتكاتف النقابات الفنية بكامل قوتها لحماية أعضائها من النهايات المؤلمة.. فالفنان يستحق التكريم وليس الإهانة والإدانة فى آخر العمر.