"فيرجينيا وولف" تواكب ثورات الربيع العربي
يظل الكاتب المسرحي إدوارد إلبي، أحد أجرأ من نجحوا في تشريح المجتمع الأمريكي وخطاياه وفساده، بموضوعية وبحياد
من خلال نماذج تكاد تنطق من رؤية نفسية ويبرع في رسم ملامح مجتمع يعيش في الغالب حالة انفصام ما بين الحقيقة والصور المثالية التي يحاولون ترويجها أمام الرأي العام العالمي، في مسرحية فيرجينيا وولف التي يعرضها مسرح الجمهورية من إخراج الفنان الدكتور سناء شافع يكثف أمراض المجتمع الأمريكي في أربع شخصيات ويستعرض معها رؤية ثاقبة نحو وضع الإنسان الأمريكي في العالم، والتمزق المفاجئ الذي حدث لها في أعقاب الحرب العالمية الأولي.. تتعرض المسرحية لقصة أستاذ التاريخ المتزوج من مارنا ابنة صاحب ومدير الجامعة التي يعمل بها ومن تتابع الأحداث ندرك أنه زواج مصلحة ولكن المدهش أنهما يعيشان في أزمة نفسية حيث يتوهمان أن لديهما طفلاً سوف يبلغ في الغد من العمر 21 عاماً، وفي المقابل نجد الشخصيتين الأخريين هما مدرس البيولوجي المتزوج من ابنه قسيس تزوجها بعد قصة حب أطاحت بها حالة هيستيرية حيث يستبد بها حلم الحمل وإنجاب طفل فتنتفخ بطنها كذباً.. ويعودان إلي نقطة الصفر فاقدي الأمل في أي إنجاب أو بمعني آخر أي إنتاج أو أمل في الغد.
تعامل إدوارد إلبي في المسرحية مع التاريخ باعتباره مكوناً من وحدات مغلقة ودائرية، ووضع شرطاً فعالاً لقانون الصعود والانحلال، هو شرط العصبية كحكم لمسألتي البدائية والتحضر، وهو في الحقيقة كان يحاول أن يضع يديه علي لحظة تاريخية مرت بها القارة الأمريكية كان يعاد فيها إنتاج الأنماط القديمة بشكل دوري، أو عبر دورات مد وجذر ويبدو إدوارد إلبي في هذا النص الذي هو من أهم أعماله انتقائياً للحظة التاريخية الحضارية، عم قانونها علي مجمل تاريخ البشر في قوانين أو مطلقات تصور أنها صالحة لكل عصر ولكل مكان ولكنه حاصر هذه المعطيات في الشكل الأمريكي وقد وصل إلي قناعة هي أن الحالة الأمريكية تعيش بثلت تاريخ - إن جاز التقسيم - فهي لا تعترف بالجذور البسيطة التي لا يمكن أن تصمد أمام الحضارات العريقة الأخري، ولكنها حضارة برغم أنها وليدة - الحضارة الأمريكية - إلا أنها لا تعترف بالماضي الذي هو جزء من الحاضر وإنما تتوقف عند لحظة من الحاضر، تراها ولا تري غيرها، تقدسها وتحتقر غيرها،
المسرحية علامة مهمة في مسرح جاد ولعلها فرصة لاستثمار خبرات سناء شافع وأتمني أن تتجول المسرحية داخلياً في محافظات مصر وخارجياً في الأقطار العربية، ولعلها مواكبة لثورات الربيع العربي بامتياز.