عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

" ثيرون" تنتظر جائزة الجولدن جلوب للمرة الثانية!

تشارليزز ثيرون
تشارليزز ثيرون

أحرص هذه الأيام على متابعة الأفلام المرشحة لجوائز الجولدن جلوب،حيث أن نسبة كبيرة منها سوف تنال ترشيحاً جديدا للأوسكار

الذى سوف تعلن نتائجه فى فبراير القادم! ومن أهم العناصر اللافتة للنظر، والتى تحتاج وقفة طويلة وتأملاً، عنصر التمثيل، الذى تشير المتابعات السينمائية، لأن ما نقدمه فى أفلامنا أو مسلسلاتنا شىء آخر لا علاقة له بهذا الفن الجميل! فنحن نعتمد على مدارس فى الأداء عفى عليها الزمن، ولا أعرف إن كان معهد الفنون المسرحية، يتعامل مع الأساليب الحديثة أم الكلاسيكية؟، ولكن أغلب الظن أن مناهج الدراسة لم يتم تحديثها منذ زمن بعيد يعود الى الستينيات من القرن الفائت، لأن معظم خريجى المعهد لم يظهر بينهم أى حالات تدعو للتفاؤل، والثقة أننا نسير فى الطريق الصحيح، وإذا دعتك الظروف لمناقشة أحد خريجى المعهد من نجوم هذه الأيام، فسوف يصدمك مستوى ثقافته الفنية، فبعضهم يزهو بأنه لا يتابع السينما، لضيق الوقت، ولا يشاهد ما يعرضه التليفزيون من مسلسلات عربية أو أجنبية، ولا يهتم حتى بقراءة ما يكتب فى الجرائد بهذا الشأن! وكان لى نقاش مع واحدة من ممثلات هذا الجيل، كاد يدفعنى للجنون أو على الأقل لترك مهنة كتابة السيناريو، حيث فاجأتنى بتعليقها على أحد الأدوار المعروضة عليها، بأنه دور يخلو من التمثيل!! وهى تريد أن تمثل! ولما سألتها ببراءه أن توضح لى ما تقصده بالضبط من قولها عايزة أمثل،جاءت إجابتها يعنى دور يكون فيه انفعالات كتير، أبقى مظلومة أو حد بيعذبنى، أو حتى أكون مريضة وبحاول أخفى حالتى عن أقرب من حولى، أو يكون فيه حد بيدبر لى مؤامرة، أو أكون بخفى سر معذبنى، مواقف جامدة تخلينى أمثل، واستعرض موهبتى!! ووجدتنى أرد  ببديهة أشك أنها استوعبتها، وقلت لها عزيزتى بمجرد أن تقفى أمام الكاميرا، تجسدين شخصية غير حقيقتك، ولها اسم غير اسمك ووظيفة غير وظيفتك، وخلفيتها الاجتماعية أو الاقتصادية أو النفسية تختلف عنك، يبقى كده إنتى بتمثلى حتى لو المشهد لواحدة بتشرب فنجان شاى! لأنك فى هذا الحالة لن تكونى أنت،بل امرأه اخرى تتحرك على الشاشه!
- تلك المقدمة كان لابد من طرحها قبل أن أتحدث إليكم عن اسلوب أداء إحدى المرشحات لجائزة الجولدن جلوب، كأفضل ممثلة فى فيلم كوميدى وهى تشارليزز ثيرون «37 سنه» التى سبق لها الحصول على الأوسكار فى عام 2004 عن فيلم «الوحش»، أما الفيلم المرشحة عنه هذا العام فهو «الناضجون الصغار» YOUNG ADULTS للمخرج» جاسون ريتمان»، حكاية الفيلم بسيطة جدا، ليس بها أية تعقيدات أو انقلابات صاخبة، كاتبة روايات، وسيناريست من الباطن لمسلسل شهير، مطلقة وتعيش بمفردها فى شقة فاخرة، مع كلبها المدلل، حياتها سلسلة من الملل والروتين اليومى، تستيقظ فى الصباح تجلس أمام جهاز اللاب توب، تكتب مقاطع فى الكتاب الذى تؤلفه، تذهب للمطبخ تشرب كميات كبيرة من المياه الغازية، تتجول فى الشوارع بلا هدف، تتابع واجهات المحلات، تذهب للكوافير، تسلم قدميها «للباديكيرست» تغير ألوان طلاء أضافرها من حين لآخر، تبدو وكأنها تتحرك فى فراغ مرعب، تصلها فى صباح أحد الأيام، رسالة على بريدها الإلكترونى تحمل صورة طفل حديث الولادة، واضح أنها أرسلت لعدد كبير من الأصدقاء، والرسالة صادرة من «بادى»، الحبيب السابق «لمافيس»، يعلن عن استقباله وزوجته، لأول طفلة فى حياتهما، يبدو أن صورة الطفلة تحرك الحنين لقصة الحب التى عاشتها «مافيس» أيام الدراسة «لبادى»، تقرر «مافيس» العودة إلى بلدتها الصغيرة، التى

تركتها من سنوات، سعياً للشهرة والنجاح، حتى تلتقى «ببادى» وتستعيد معه قصة حبهما، فهى لم تستطع ان تتخلص من حنينها له، رغم كل سنوات البعاد، متجاهلة تماما أن للرجل حياة زوجية مستقرة! وتتصل مافيس بحبيبها القديم وتخبره أنها عادت للاحتفال بعيد ميلاد طفلته الصغيرة، ويستقبلها الرجل ببراءة كصديقة قديمة ويعرفها على زوجته، التى بدت مبهورة بزيارة كاتبة مشهورة وجميلة مثل مافيس لمنزلها المتواضع، وهى لا تدرى ان الزائرة تخطط لخطف زوجها، وتدمير استقرارها، وتحاول مافيس بكل ما أوتيت أن تعيد صديقها القديم لحظيرتها، وتنطلق منها كل نوازع الأنانية، ولكن بادى يصدمها عندما يعترف لها أنه من يفكر فى دعوتها لحفل عيد ميلاد طفلته ولكن زوجته هى التى فعلت، ثم ينتهى به الأمر بطردها من المنزل بعد محاولتها إغواءه، فتنفجر فيه أمام ضيوفه بأنها كانت تستحق ان تكون زوجته، وأن تكون أما لطفلته، ويبلغ بها الارتباك مداه فتلقى بنفسها فى فراش آخر رجل يمكن أن يخطر ببالها، وهو صديق قديم تعرض لحادث إصابة بشلل وعاهة دائمة، وبعد كل هذا الاضطراب الذى تحدثه نتيجة أنانيتها ورغبتها فى الحصول على مالا تستحقه تقرر ترك البلدة وتعود من حيث أتت، ولكنها تدرك أنها تمتلك مميزات تجعلها محل حسد الآخرين، غير أنها الوحيدة التى لم تكن تؤمن بما لديها، إنها تتقدم بالعمر ولكن لا تزال تحمل نفسية فتاة مراهقة لم تنضج بعد!
-تمر مشاهد الفيلم بلا أى صدمات أو صراعات، مجرد مشاهد متتالية لامرأه وحيدة تعانى من فراغ عاطفى واضح، وقد يعتقد البعض أن تلك المشاهد لا تحتاج الى ممثلة محترفة، ولكن قدرة «شارليز ثيرون» على أداء المشاهد أو المواقف الخالية من المشاعر ربما تكون أكثر صعوبة وتعقيداً من مواقف مليئة بالصدام، إنها تعيش حالة الخواء النفسى بكل تفاصيلها، وحتى قبل ان تصل الأحداث الى نقطة الذروة، يصل الى المشاهد حالة ان الشخصية التى تتحرك أمامه على الشاشة تعانى أزمة ما، سوف تصل بها حتماً إلى لحظة صدام، تكتشف فيها حقيقة نفسها! وهذا هو التمثيل الذى استحقت عليه تشارليو ثيرون الترشح لجائزة افضل ممثلة، وليت من يحترفون التمثيل عندنا يتابعون هذه الأفلام من باب التعلم وإدراك ان فن الأداء التمثيلى شىء آخر تماماً عما يقدمونه لنا!