رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أهل المغني يعانون أيضاً‮ ‬من البطالة

لا يبتعد كثيراً‮ ‬شارع الغناء عن أي شارع من الشوارع التي شهدت حرق خمسة مصريين لأنفسهم بسبب مشاكل الفقر والبطالة وقلة الحيلة،‮ ‬كل الشوارع في مصر تشبه بعضها البعض،‮ ‬

العشوائية،‮ ‬والصوت العالي والبلطجة،‮ ‬لذلك لن نجد الشارع الغنائي أقل هدوءاً‮ ‬من مثيله الكائن في أي حي من أحياء مصر،‮ ‬الحديث يكاد يكون متشابهاً‮ ‬إن لم يكن متطابقاً‮ ‬تماماً،‮ ‬فالمظلومون يتشابهون في كل شيء نبرة الحزن في الكلام،‮ ‬علامات الاستفهام تكاد تنطق من ملامح الوجه تقول هو في إيه؟ الدنيا حصل فيها إيه؟ فالأصوات والملحنون،‮ ‬وشعراء الأغنية الموجودون علي الساحة حالياً‮ ‬ليسوا في حجم وقيمة وموهبة آخرين يسكنون البيوت أو يعملون في أضيق الحدود،‮ ‬فالأبواب مفتوحة لأنصاف المواهب،‮ ‬والقنوات الغنائية لا تعرض إلا القبيح والرديء‮.‬
ولو فتحنا دفتر أحوال المغني في الفترة الأخيرة،‮ ‬سوف نجد أن هناك أسماء كبيرة بدأت تتجه نحو مناطق أخري ربما لم تكن موجودة ضمن أجندتها الفنية،‮ ‬أي أنها تحرق نفسها علي طريقة بوعزيزي،‮ ‬ولكن بشكل آخر،‮ ‬مؤخراً‮ ‬نشرت المواقع المختلفة علي الإنترنت قيام المطربة الكبيرة نادية مصطفي بأداء أغنية خليجية،‮ ‬وأتصور أنها تريد أن تتواجد في شكل آخر لعله يضعها في منطقة أكثر انتشاراً‮ ‬بعد أن أصبح الغناء الخليجي هو ثمة العصر،‮ ‬ونادية بطبيعة الحال معذورة،‮ ‬فنحن لم نعد نشاهدها علي القنوات الغنائية،‮ ‬رغم كثرتها بما فيها القنوات التابعة للحكومة،‮ ‬وكذلك محطات الأغاني،‮ ‬وبالتالي وجدت أن الأغنية الخليجية الآن لها سوق وربما تجد حظها من العرض علي الشاشات الخليجية‮.‬

غادة رجب حالة أخري من الأصوات المهمة في عالمنا العربي،‮ ‬لكنها ليست موجودة بالقدر الذي يتناسب مع موهبتها،‮ ‬ولم نعد نراها إلا كل فترة طويلة علي مسارح الأوبرا،‮ ‬ومازالت تجاهد من أجل العثور علي شركة إنتاج تستطيع من خلالها أن تقدم فكرها،‮ ‬وفنها،‮ ‬خاصة أن آخر تجربة لها كانت مع روتانا،‮ ‬ولم تكن موفقة بالمرة بسبب سياسة الشركة تجاه بعض الأصوات المصرية،‮ ‬وبالتالي لم نعد نري‮ ‬غادة ومن يريد أن يعرف أخبارها عليه أن يتصل بها،‮ ‬في الماضي القريب كنا نعرف أخبار المطرب من خلال ألبوماته،‮ ‬وأغانيه المصورة الآن،‮ ‬الوضع اختلف‮.‬

محمد الحلو،‮ ‬هذا الصوت الذي لم ولن يتكرر والذي يتمتع بمقومات‮ ‬غنائية هائلة،‮ ‬هل من المعقول أن من يريد الاستماع إليه عليه الانتظار لقدوم مهرجان الموسيقي العربية أو بعض الحفلات الأخري بدار الأوبرا،‮ ‬في حين أن القنوات الغنائية تصدر لنا أصواتاً‮ ‬عديمة الموهبة والإحساس،‮ ‬في الوقت الذي يتبني فيه تليفزيون الدولة نفس منهج قنوات العُري كليب بحجة المنافسة،‮ ‬أي منافسة هذه التي تقتل الأصوات الحقيقية،‮ ‬وتلقي بها خارج الصورة،‮ ‬فالغناء في العالم كله‮ ‬غناء،‮ ‬أما عندنا فقد أصبح شيئاً‮ ‬آخر،‮ ‬تتدخل فيه الموضة،‮ ‬رغم أن الأصوات التي ذكرتها قدمت أعمالاً‮ ‬بها كل مقومات الغناء الحديث المبني علي قواعد وأصول،‮ ‬أما الآن فنحن نسمع أغاني عرجاء،‮ ‬بلا طعم أو لون أو رائحة،‮ ‬والقادم أسوأ‮.‬

صوت آخر هو المطرب الكبير علي الحجار نعم هو موجود بشكل أكثر في سوق الغناء،‮ ‬لأنه ينتج لنفسه منذ سنوات،‮ ‬ولكنني أعلم أنه يعمل بالدراما والمسرح لكي ينفق علي الغناء،‮ ‬وأحياناً‮ ‬كثيرة،‮ ‬وهولا يخجل من ذلك يحصل علي الأغاني من الشعراء،‮ ‬والملحنين‮ »‬سلفاً‮«‬،‮

‬ويقوم بتسديد أجورهم بعد بيع الألبوم،‮ ‬وأتصور أنه يخسر كثيراً‮ ‬بسبب ظروف الإنتاج خلال السنوات الأخيرة التي شهدت انهياراً‮ ‬للمبيعات بسبب القرصنة علي الغناء،‮ ‬وانتشار مواقع الأغاني المجانية علي الإنترنت،‮ ‬كل هذه الأمور بالتأكيد تساهم في خسائر كبيرة لأي إنسان،‮ ‬فالشركات أغلقت فما الحال بالنسبة لمطرب لذلك أشفق كثيراً‮ ‬علي الحجار مما يحدث في السوق،‮ ‬وتصميمه علي التواجد والمنافسة‮.‬

أنغام منذ انتهاء عقدها مع روتانا،‮ ‬وهي مازالت تتحسس الطريق،‮ ‬طرحت ميني ألبوم خلال الصيف الماضي،‮ ‬لكنها لم تعبر عن وجهة نظرها الغنائية بشكل كامل،‮ ‬ولكنها أرادت التواجد،‮ ‬ولو بهذا الميني ألبوم،‮ ‬لأن الحال في سوق الغناء لا يجعل أي إنسان يتوقع ماذا سيحدث‮ ‬غداً،‮ ‬وبالتالي نجد بعض مطربينا في حالة حيرة‮ ‬غنائية طوال الوقت‮.‬

شرين هي من قلائل الأصوات التي مازالت موجودة مع روتانا لكن عملية تواجدها علي الساحة ليس بالقدر نفسه الذي كانت عليه قبل التعاقد مع الشركة الخليجية،‮ ‬وهو أمر ربما لا يرضيها لكنها مُصرة علي أنها تعيش لحظات من السعادة داخل روتانا‮.‬

أما كبار الملحنين فالصورة أكثر قتامة وسواداً،‮ ‬فهناك أسماء كبيرة مثل محمد علي سليمان لم نعد نسمع أعماله،‮ ‬وألحانه التي اخترقت كثيراً‮ ‬مشاعرنا وقلوبنا حتي كون بداخلنا مملكة اسمها محمد علي سليمان،‮ ‬لأنه شديد الأصالة والشراقة في ألحانه‮.‬

حلمي بكر أين هو من الأعمال الضخمة التي كان يقدمها،‮ ‬وأين جمال سلامة؟ وميشيل المصري وصلاح الشرنوبي وشفيقة فاروق؟ جيش من الملحنين أقلهم فناً‮ ‬يساوي جيلاً‮ ‬كاملاً‮ ‬من الملحنين المتواجدين الآن الذين يعيشون علي بقايا الألحان القادمة من أمريكا اللاتينية وتركيا واليونان،‮ ‬وبعضهم يخرج علي الشاشات،‮ ‬ويشعرنا بأن الغناء بدأ من عندهم،‮ ‬هل يتخيل أحد أن البعض يطالب بأن يؤرخ الغناء المصري مع بداية الألفية الثالثة،‮ ‬لا تندهش عزيزي القارئ،‮ ‬فنحن في زمن صاحب الصوت العالي يحصل علي كل شيء،‮ ‬وأي شيء‮.‬

لذلك فالشارع الغنائي ليس أقل احتقاناً‮ ‬من شوارع مصرنا المحروسة،‮ ‬ويكفي أن تليفزيون الدولة الآن هو من يرعي الفن الهابط،‮ ‬ما سبيرو بكل تاريخه،‮ ‬وعراقته،‮ ‬أصبح يستعين بالصغار حتي في الاحتفالات الوطنية في كل الأحوال المطربون حالهم من حال الشارع المصري‮.‬