الفيلم التسجيلى خارج أجندة إنتاج وزارتى الثقافة والإعلام
يبدو أن الفيلم التسجيلي يبحث عن قناة لعرضه رغم وجود وزارتي الإعلام والثقافة ولكنهما علي خصام معه ومن منطلق ضرورة وجود قناة مصرية تكون بمثابة شاشة عرض للأفلام الوثائقية،
خاصة أن قطاع النيل للقنوات المتخصصة يملك رصيدا كبيرا من هذه الأفلام تم إنتاجه علي مدار 15 عاما، هي عمر هذا القطاع، بخلاف ما أنتجته بقية قنوات اتحاد الإذاعة والتليفزيون إضافة الي الجهات الأخري وفي وزارة الثقافة.
شهدت دورات المهرجان القومي للسينما المصرية في السنوات الأخيرة علاوة علي ظاهرة نقص الكم الإنتاجي للأفلام الروائية الطويلة، ملمحا آخر أكثر تأثيرا يوضح بجلاء أن هناك أزمة واضحة في السينما التسجيلية المصرية والتي كان لها دائما شرف التمثيل الثقافي والحضاري للفيلم المصري في المحافل الخارجية، بل إن ما حصدته تلك النوعية من الأفلام من جوائز في المهرجانات الدولية في الحقب الماضية ما وضع صانعوها في مرتبة فناني السينما الخالصة التي تعبرعن سينما قومية تعالج مشاكل مجتمعها بلغة سينمائية راقية وربما كانت بيانات بعض لجان التحكيم والتي طالبت بضرورة معالجة النقص الكمي في إنتاج هذه الأفلام من ناحية ووصف بعض البيانات الأخري للأفلام التسجيلية المقدمة للمسابقة بالمستوي الفني المتدني من ناحية أخري، ثم الحجب شبه الكامل لجوائز فروع الأفلام التسجيلية قصيرها وطويلها في عدة دورات للمهرجان ماأكد وجود أزمة واضحة في هذه النوعية من الأفلام التي يمكن تفسيرها في ضوء المتابعة التحليلة لإنتاج السنوات الأخيرة بناء علي الملاحظات التالية: كان من الواضح أن إنتاج الأفلام التسجيلية يتناقص بشكل كبير عاما بعد آخر، وقد أعطي إنتاج المعهد العالي للسينما من مشروعات الطلبة إحساسا بعدم وجود مشكلة بالنظر لعدد أفلام المشروعات الكبير نسبيا والمقدم لمسابقة المهرجان كل عام خاصة أن اللائحة الجديدة للمعهد التي تم إقرارها بدءا من عام 1994 فرضت عمل مشروع آخر للسنة الثالثة خلافا لمشروع البكالوريوس وهو ما قد أدي الي مضاعفة عدد الأفلام، كان عدد أفلام المعهد المقدمة لمسابقة مهرجان 1999 بلغ 38 فيلما بينما بلغ عدد الأفلام الكلي المشترك في المهرجان 55 فيلما وهو ما يعني أن أفلام المعهد وحدها تمثل حوالي 75٪ من الأفلام المنتجة وكثف من عملية النقص الكمي للإنتاج ابتعاد عدة هيئات مختلفة عن إنتاج الفيلم السينمائي التسجيلي مثل التليفزيون وهيئة الاستعلامات وهيئة الآثار وغيرها و اكتفت الهيئات السابقة بإنتاج أفلامها علي أشرطة فيديو - رغم قلتها أيضا - توفيرا للنفقات من ناحية ولأن أغلب من يقومون بعمل هذه الأفلام لديهم من الحذر الذي يخشون معه من خسائر مالية في حالة إنتاج خطة أفلامهم علي أشرطة سيللويد من ناحية أخري وبذلك فلم يبق في الساحة إلا المركز القومي للسينما الذي وقع عليه وحده عبء إنتاج هذه النوعية المهمة من السينما الراقية، وبميزانيته المحدودة نسبيا فضلا عن زيادة تكلفة المواد الخام وأسعار الخدمات السينمائية، تناقص الإنتاج بشكل مرعب عاما بعد آخر ولوحظ أيضا أن مشروعات التخرج لطلبة معهد السينما سواء ما يخص البكالوريوس أو السنة الثالثة تتناول معظمها أفلاما روائية قصيرة ويكتفي الطلبة بأن يتناولون موضوعا تسجيليا في مشروع الفيديو الذي قررته أيضا اللائحة الجديدة الي جانب مشروع الفيلم السينمائي، ويبدو أن هناك اعتقادا راسخا لدي الطلبة بأن المشروع علي شريط السيللويد السينمائي يجب
حفل ميدان السينما التسجيلية المصرية طوال عصور مؤسساتها الحكومية بدءا من ستديو مصر ومرورا بالمؤسسة المصرية العامة للسينما وهيئة السينما والمسرح والموسيقي والمركز القومي للأفلام التسجيلية وانتهاء بالمركز القومي للسينما بالرواد الحقيقيين الذين قادوا حركة تسجيلية مصرية اختلفت أساليبها ولكنها اتفقت جميعها علي نبل الرسالة وعلي تبني جيل جديد يدفع بالأمل في تقديم لغة سينمائية جديدة علي الدوام، وكان من أبرز هؤلاء سعد نديم وصلاح التهامي وشادي عبدالسلام الذين استطاعوا طوال عهودهم أن يخرج من معاطفهم جيل الوسط الذي أثري السينما التسجيلية بعديد من التجارب المميزة، وقد حفلت السبعينيات والثمانينيات بوفرة من هؤلاء المبدعين أمثال: سمير عوف وإبراهيم الموجي وداود عبدالسيد وخيري بشارة وهاشم النحاس وفؤاد التهامي وعلي بدرخان وعلي الغزولي وحسام علي وغيرهم الكثير.. ومنذ 15 عاما أو يزيد وللآن يبدو أن المسئولين الجدد عن وحدات إنتاج الأفلام التسجيلية بالمركز قد شغلتهم أمور الحياة المتراكمة عن متابعة المسيرة السينمائية للدرجة التي قل معها الكيف مثلما تضاءل الكم.