رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المسرح القومي‮ ‬في مرمي النيران‮!!‬

أسابيع قليلة وينتهي‮ ‬العمل بالمسرح القومي،‮ ‬ويعود كما كان قبل حريقه في‮ ‬28‮ ‬سبتمبر‮ ‬2008‭.‬‮ ‬والشيء الذي‮ ‬يجعلنا نراهن علي‮ ‬عودته أفضل مما كان أن هناك مسارح كانت قد وصلت إلي‮ ‬حالة من التردي

‮ ‬تجعل أشد المتفائلين لا‮ ‬يتصور عودتها إلي‮ ‬الحياة الفنية مثل مسرح سيد درويش بالإسكندرية الذي‮ ‬تحول إلي‮ ‬أوبرا الإسكندرية،‮ ‬ثم مسرح وسينما دمنهور،‮ ‬الذي‮ ‬تحول أيضاً‮ ‬إلي‮ ‬دار للأوبرا الآن‮.
هذه المسارح عندما شاهدناها قبل التطوير كنا نظن أن عملية عودتها إلي‮ ‬ما كانت عليه من المستحيلات لكنها عادت،‮ ‬وأصبحت تؤدي‮ ‬دورها الثقافي‮ ‬والفني،‮ ‬لذلك فالمسرح القومي‮ ‬نتصور أن‮ ‬يعود أفضل مما كان خاصة أن الدولة ممثلة في‮ ‬وزارة الثقافة لم تبخل عليه،‮ ‬وأنفقت ما‮ ‬يقرب من‮ ‬60‮ ‬مليون جنيه،‮ ‬وهو الرقم الذي‮ ‬يتردد في‮ ‬الكواليس‮. ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن عملية الترميم،‮ ‬وإعادته للحياة الفنية كلفتنا الكثير،‮ ‬حتي‮ ‬لو تضاعف المبلغ‮ ‬فكلنا مجبرون لأن هذا المسرح‮ ‬يمثل قيمة فنية وتاريخية كبيرة للفن المصري‮ ‬والعربي‮. ‬فهذا المسرح أنشئ علي‮ ‬يد الخديو إسماعيل عام‮ ‬1870،‮ ‬وأطلق عليه تياترو الأزبكية،‮ ‬وتحول إلي‮ ‬اسمه الحالي‮ ‬المسرح القومي‮ ‬عام‮ ‬1952‭.‬‮

‬وهذا المسرح شهد أعمالاً‮ ‬لكبار الكتاب مثل‮ ‬يوسف إدريس،‮ ‬ونعمان عاشور،‮ ‬وسعد وهبة،‮ ‬وألفريد جميل،‮ ‬ونجيب محفوظ،‮ ‬ووقفت عليه فرق كبيرة مثل فرقة سلامة حجازي‮. ‬وعلي‮ ‬خشبته وقفت أسماء كبيرة‮. ‬وبالتالي‮ ‬فهو‮ ‬يمثل ذاكرة الأمة المسرحية،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لا‮ ‬يمكن بأي‮ ‬حال من الأحوال أن نستغني‮ ‬عنه بهذه السهولة أو نبخل عليه‮. ‬وعلي‮ ‬حسب المعلومات التي‮ ‬توفرت لدينا،‮ ‬والتي‮ ‬تؤكد أن افتتاح المسرح القومي‮ ‬سوف‮ ‬يتم‮.

‬أما في‮ ‬الأسبوع الأخير من أبريل أو الأول من مايو القادم،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يفصلنا عن هذا الحدث ثلاثة شهور تقريباً‮. ‬ورغم أن الدولة ممثلة في‮ ‬وزارة الثقافة لم تبخل عنه،‮ ‬ولكن ما فائدة أن‮ ‬يعود المسرح القومي‮ ‬بعد أن أنفقنا عليه كل هذه الملايين،‮ ‬إلي‮ ‬جانب قيمته الفنية والتاريخية التي‮ ‬لا تقدر بمال،‮ ‬وهو مازال معرضاً‮ ‬ومهدداً‮ ‬حتي‮ ‬الآن بتكرار حادث الحريق الذي‮ ‬أتي‮ ‬عليه،‮ ‬وكاد‮ ‬يحوله إلي‮ ‬كوم من التراب‮. ‬لأن الأمر ليس في‮ ‬عمل أنظمة حريق علي‮ ‬أعلي‮ ‬مستوي‮. ‬وليس في‮ ‬تخصيص سيارات إطفاء تقف علي‮ ‬أبوابه أو تحيطه من كل اتجاه،‮ ‬أو في‮ ‬تعيين مدير للمسرح‮ ‬يسهر ليل نهار لكي‮ ‬يراقب أجهزة الكهرباء،‮ ‬ومعرفة مدي‮ ‬كفاءتها‮. ‬كل هذه الترتيبات الأمنية لن تحمي‮ ‬المسرح القومي‮ ‬مادام هذا الصرح الكبير محاط بقنابل موقوتة قد تنفجر في‮ ‬أي‮ ‬لحظة ألا وهي‮ ‬الباعة الجائلون‮.‬

الذين حولوا جوانب المسرح من الخارج إلي‮ ‬صندوق من القمامة،‮ ‬ومخازن للألعاب النارية،‮ ‬والخشب سريع الاشتعال،‮ ‬والتي‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬لحظة من الممكن أن تشعل المسرح،‮ ‬وربما لا نجد المرة القادمة الجدران التي‮ ‬عثرنا عليها بعد حريق‮ ‬28‮ ‬سبتمبر‮ ‬2008‭.‬‮ ‬ومن المعروف أن مصر حظها قليل في‮ ‬مسارحها العريقة

وأتصور أننا فقدنا دار الأوبرا القديمة أيضاً‮ ‬بحريق،‮ ‬سواء كان الفاعل معروفاً‮ ‬أو مجهولاً،‮ ‬فالأمر لا‮ ‬يعنينا حالياً‮. ‬المهم أن نحافظ علي‮ ‬المسرح القومي‮ ‬أعرق مسارحنا من بؤر الباعة الجائلين الذين‮ ‬يبيعون المحشي،‮ ‬والعصافير التي‮ ‬تطهي‮ ‬علي‮ ‬قنابل موقوتة‮ »‬شعلة‮« ‬من الغاز من السخونة تنفجر في‮ ‬أي‮ ‬لحظة‮.

‬نحن لا نريد أن نقطع الأرزاق،‮ ‬ولكن لابد أن تتحول هذه المنطقة إلي‮ ‬مجمع للمسارح‮. ‬ولأن نعرف ما قيمة جراح العتبة المجاور للمسرح القومي،‮ ‬والطليعة،‮ ‬والعرائس‮. ‬فإذا كان الهدم‮ ‬يعتبر إهدارا للمال العام فالمنفعة العامة تقتضي‮ ‬ذلك أو‮ ‬يتم تحويله إلي‮ ‬قاعات تدريب وعرض للفرق المسرحية الشابة‮. ‬أو مقر لورش العمل المسرحية‮. ‬وأتصور أن فاروق حسني‮ ‬وزير الثقافة‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يحصل علي‮ ‬قرار جمهوري‮ ‬بهذا الشأن،‮ ‬وليس قراراً‮ ‬من المحافظ‮. ‬نحن نريد أن تعود لمصر ريادتها الفنية،‮ ‬وهذه الريادة لن تعود مادامت مسارحنا مهددة بالبلطجية الذين‮ ‬يحتلون الأرصفة من كل جانب‮. ‬ويكفي‮ ‬أن العام الذي‮ ‬حدث فيه حريق المسرح القومي،‮ ‬وشهد آخر مشاركة للمهرجان التجريبي‮ ‬فيه تعرض أعضاء لجنة التحكيم من الأجانب للتحرش أثناء تحركهم من داخل المسرح القومي‮ ‬إلي‮ ‬مسرح الطليعة،‮ ‬وهذا أمر لا‮ ‬يليق أبداً‮.‬

لذلك وزير الثقافة فاروق حسني‮ ‬مطالب قبل الافتتاح بالقضاء علي‮ ‬البؤر،‮ ‬والغُرز المحيطة بهذا المسرح إن أراد له السلامة‮. ‬باعتبار أن وزارته مطالبة بالحفاظ علي‮ ‬تراثنا‮. ‬أما أن‮ ‬يفتتح وفق هذه الحالة من العشوائية،‮ ‬فهو أمر‮ ‬يعيدنا إلي‮ ‬نقطة الصفر‮. ‬والدولة مطالبة أيضاً‮ ‬بإظهار قوتها في‮ ‬مواجهة العشوائيات التي‮ ‬تنهش في‮ ‬جسد تراثنا وآثارنا،‮ ‬خاصة أنها في‮ ‬السنوات الأخيرة فرطت في‮ ‬أشياء كثيرة ملك هذا الشعب منها‮: ‬بيع التراث الغنائي لروتانا عن طريق اتحاد الإذاعة والتليفزيون،‮ ‬وقبلها صمتها علي‮ ‬قيام المنتجين ببيع أفلامنا السينمائية للمحطات الفضائية العربية‮. ‬كما أنها تهزم‮ ‬يومياً‮ ‬أمام الباعة الجائلين الذين‮ ‬يحتلون الشوارع،‮ ‬ويهددون مسارحنا القومية‮.‬