رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى رثاء حجازى.. دموع زكية الذكية

أنهار من الدموع انسابت من عيون زكية الذكية..بكت عيناها من قسوة الحدث ومفارقة الأب وبقيت معها مرارة الفقد التى لن يداويها الزمن.

ولمن لا يعلم زكية الذكية فهى احدى شخصيات الرسام الموهوب والأستاذ الذى علّم الأجيال حجازى.
تفتحت عيناى منذ نعومة أظافرى على زكية؛ تلك البنوتة صاحبة الثلاثة عشر ربيعا والتى لم تكبرأبدا رغم مرور عشرات السنين, ولفت نظرى حينها فى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى أن تلك البنوتة تتميز بشيئين لا ثالث لهما..البساطة..والرزانة..وتلك الصفتان تحديدا ظهرتا من خلال رسم الرائع حجازى الذى كان يُرسم باسلوب أقرب إلى التجريد, إلا أنه لم يصل إلى مرحلة التجريد الكُلى الذى يصبح غير مفهوما لدى الآخرين؛ حيث اعتمد على تحليل الشخصيات إلى أشكال هندسية مثل المربع والدائرة وخاصة الدائرة التى اعتمد عليها بشكل كبير فأصبحت شخوصه تعتمد على الدوائر بشكل كبير وكان ذلك جليا وواضحا مع زكية  وأصبحت تلك الشخصية إسما على مسمى..ووصلت الى قلوب الجميع.
كانت شخصية جميلة ذات نظارة كبيرة تدل على كثرة القراءة والذكاء يشع من عينيها..وتنطق بصفات من رسمها.

ظهر حجازى فى فترة من الفترات الخصبة التى مرت بها مصر, فترة ماقبل الثورة مباشرة, جاء قادما من طنطا فى محافظة الغربية التى تقع فى منتصف المسافة بين القاهرة والإسكندرية والتى يتميز أهلها بالطيبة الشديدة ويتميزون بخليط من صفات أهل المدينتين..والتحق بمدرسة الكاريكاتير فى مصر مدرسة روزاليوسف التى نمت وترعرعت فى الزمن الجميل الذى كان يُرحب بالمنافسة وليس "النفسنة" لذلك ليس غريبا أن نجد عمالقة الكاريكاتير مثل صلاح جاهين وبهجت عثمان وصلاح الليثى وحجازى يعيشون جنبا إلى جنب؛ وتميز أحدهم لا يعنى بالضرورة الإقلال من شأن الآخر..!
انحاز حجازى للفقراء وكافة أطياف المجتمع وكانت ريشته بمثابة مشرط الجراح الذى يجرح ليداوى ويستأصل المرض؛ لذلك رسم فى مجلة سمير "تنابلة السلطان"..وبعدها مباشرة دخل إلى عالم الصحافة فى مجلة روز اليوسف وعاش فيها

فترة الخمسينيات والستينيات التى شهدت مولد نجوم الصحافة الكبار آنذاك مثل إحسان عبد القدوس وأحمد بهاء الدين وحسن فؤاد ومن أبرز ما رسم شخصية سى السيد التى انتقد فيها الشخصية الكامنة داخل كل مصرى بأسلوب ساخر.
وفى فترة السبعينيات اتجه حجازى مثل أقرانه إلى دول الخليج ليؤسسوا الصحف العربية ؛ وكان من نصيب حجازى مؤسسة الاتحاد ليرسم فى مجلة "ماجد" شخصيته الشهيرة زكية الذكية التى وصلت إلى قلوب الأطفال من المحيط الى الخليج؛ وعندما عاد إلى مصر فى التسعينيات وجد المحروسة قد اختلفت تماما عن التى تركها وانقلبت الأمور الى الأسوأ.
وكما عودنا حجازى على البساطة فى رسومه عاش حياته بسيطا؛ فآثر السلامة وترك القاهرة لأهلها وعاد إلى بلده طنطا ليعيش فيها بقية أيامه, تماما مثل الفيل الأفريقى الذى إذا امتد به العمر ووصل إلى أرذله.. يترك القطيع والحياة الصاخبة ليعود من حيث أتى...إلى موطنه.
رفض حجازى ما آلت إليه الصحافة فى مصر من فساد ومنافسة غير شريفة ولم يتعاون مع الجرائد الجديدة التى لا يُعرف تمويلها, وظل يرسم لمجلة ماجد ويبعث برسومه من طنطا...بلد السيد البدوى أحد أولياء الله الصالحين حيث لم يلبث حجازى أن وجد الراحة إلى جانبه  حتى آخر دقيقة فى عمره.

شاهد أعمال الفنان الراحل حجازي