رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تواضعوا .. يرحمكم الله

كان حتى وقت قريب يعايش وظيفته بتلك المؤسسة الاعلامية فى ركن قصى ، منبوذا مغضوبا عليه من رئيسه بل كل المسؤلين بالمؤسسه  ، ينعى حظه كلما سألته عن حاله ، ويشكو ضياع حقه بسبب حفنة من المنافقين والمنتفعين يحيطون برؤساءه دونه هو ،

يكاد الدمع يطفر من عينيه الما وهو يذكر سنواته التى ضاعت فى العطاء لهذا المكان ، رغم ذلك ، تجاوزته الترقيات والحوافز والعلاوات ،  وظل فى القاع ، بينما قفز اخرون لا يستحقون على اكتافه ، وكان يقسم لى ، لو اصبح مسؤلا لن يظلم مرؤسا ،  ولفتح مكتبه امام كل محتاج  وصاحب شكوى كان هذا منذ زمن قريب ..

وهبت ثورتنا العظيمه ، لتغير الحياة المصرية ، وسبحانه تعالى مغير ولا يتغير ، بدأت لعبة الكراسى الموسيقية فى كل المصالح والشركات ، بما فيها المؤسسات الاعلاميه تحت شعارات الاصلاح والتطهير  ، انزاحت وجوه كرهناها ، وحلت محلها وجوه توسمنا الخير فيها والصلاح ، وكان صاحبنا ممن تغيرت احوالهم ، ففاز باحد المقاعد الرئاسية فى لعبة الكراسى الموسيقيه ، وتنفست له الصعداء ، فها هو ينال اخيرا موقعا يعتقد انه يستحقه بعد طول ظلم وانتظار .

وسبحانه مغير ولا يتغير ، انقلب حال صاحبنا بين ليلة وضحاها ، واعتقد ان اول ما فعله هو الذهاب الى " مكوجى " محترف ، لينشى له ياقات القمصان التى اشتراها من راتبه الجديد بعد الثورة  ، وتخلص من قمصانه القديمة الكالحة المهترئه ، وباتت رقبته لا تلتوى وعيناه لا تنظران لاسفل ، بل لاعلى فقط بفعل ياقة القميص " المنشى " ، وبات دخان سيجاره ينفثه فى وجه كل من يحادثه ، واقسم انى لم اره يدخن من قبل ، بل كان يقول ان السجائر اموال تحرق فى الهواء ، واسرة اى مدخن اولى بها ، بما فيها اسرته التى لا تزال تقطن حى شعبى متواضع كملايين المصريين البسطاء .

وثانى شئ فعله ، غير رقم هاتفه المحمول واصبح الرقم سريا  ، كما غير تليفون منزله ، واشترى محمول اضافى به رقم يمنحه " واشدد على كلمة يمنحه " منحا للمقربين فقط ، ولكنه رغم ذلك  لا يرد عليهم مباشرة ، بل عليهم ترك رسائلهم ، ليرد فيما بعد على من يراه مرغوبا به ممن دمهم خفيف على قلبه ، وهؤلا صاروا بالطبع قله بعد ان تقلد صاحبنا منصبه الجديد .

اما مكتبه ولا حسد وهو مكتب رئيسه سابقا ، فقد حشد فيه كل غال ونفيس من التحف المتنافره الاشكال والالوان للتدليل على الثراء ، فكان مكتبه اكبر معبر عن التداخل والتنافر الحادث فى شخصية صاحبنا قديمها وجديدها ، ناهيك عن السكرتاريه  ، والقنوات الفضائية التى بات ملتصقا على وجه شاشاتها كالطير اللزج فى ايام الصيف الخانق ، وبت اسمع له بطولات وصولات وجولات ضد النظام السابق ورؤس الفساد به ، وانا اقسم انى لم أقرأ له كلمة فى هذا الاطار من قبل ، لانه لم يكن يوما من كتاب الاعمده ، وحلا لبعض المتنمقين من مقدمى البرامج ان يصفوه بالبطل ، والثورجى ، والمناضل ، وغيرها من صف الالقاب التى باتت تخلع على كل وجه جديد اطل علينا بعد الثورة المجيده ، فى زمن باتت فيه الاوسمه تباع على الرصيف مع

اعلام الثورة وبات اصغر لقب هو " النشط السياسى " .

ووصلتنى اخباره من مرؤسيه بالمؤسسه ، بات صاحبنا نسخة اخرى من سابقه ، لا حق يؤخذ فى عهده الجديد ، ولا مظلمة تقبل ، كل الاخرين صاروا فى نظرة فشله متجمدى الفكر ليس لديهم اى ابداع ، ولا يستحقون حتى الرواتب التى يتقاضونها ، وفى المقابل ، رفع الى جانب مكتبه حفنة من منافقيه ومتملقيه ، الذين يجتمعون حول مكتبه كل مساء ، ليهللوا لافكاره الابداعيه ، وصولاته وجولاته الثوريه الوهميه ، حتى يكاد بعضهم يهلل " الله الله يا استاذ اعد والنبى الوصله " .

هكذا يا سادتى ، برز لنا وجه كريه جديد ، بل قل وجوه كثيره تشابهت مع صاحبنا ، نسيت اصلها وفصلها ، ونسيت نفسها ، وصارت ظاهرة حنجوريه فى زمن اختلطت فيه اصوات زنين الذهب برنين النحاس والصفيح ، ونسى هذا وهؤلاء ازمنة الذل والظلم التى عاشوها ، واذا بهم يسقون كأسها لمن تحت ايديهم انتقاما ، نسوا ان العظمة لله وحده ، وان اول من سيكبهم الله فى نار جهنهم من نازعوه العظمة فى الارض ، وان هؤلاء سيسقون من حميم ومن الصديد المتساقط من اهل النار ، نسى هؤلاء ان خادم القوم سيدهم ، وان قضاء حوائج الناس اعظم عند الله من الجهاد ومن الاعتكاف بالمساجد ، نسى هؤلاء ان المظالم ستقف يوم القيامة حاجزا بينهم وبين الجنة لتقذف بهم الى النيران ، وان الفقير من جاء يوم القيامة بجبال من الحسنات ، لكنه ظلم هذا وبخس هذا واكل حق هذا ، نعم انهم نسوا الله فانساهم انفسهم ، واقول لهم كلمة اخيره ، افيقوا ، تواضعوا يرحمكم الله ،  فالله معز ومذل لمن يشاء ، ولكم فى آل مبارك اسوة وعظه ، فلو دامت لمن سبقكم على كراسى السلطة لما جاءت تلك الكراسى اليكم ، افتحوا ابواب مكاتبكم ، افتحوا آذانكم وقلوبهم للمظالم ، ردوا على من يهاتفكم ، فدوام الحال من المحال ، الله وحده الباق وانتم راحلون .. راحلون ، اقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم ، عسى ان تفيقوا قبل فوات الاوان .