رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مطلوب 87 مليون «كارت توصية» من «السيسى»

فرحانة قوى اليومين دول، وعندى شوية فرحة كده من أحداث فاتت، فرحانة لفرحة الست الغلبانة العجوزة ليلى صالح، لأن الصدفة، أو قل رحمة «القدر» دفعت الرئيس السيسى لأن يقرأ فى إحدى الصحف قصة نومها فى الشارع بين صناديق الزبالة من 8 سنين، و«الله يبارك له» الرئيس أصدر توصية بإيداع الست ليلى دار مسنين، وأنقذها من نهش الكلاب الضالة، وفرحانة قوى للست «كريمة على» بتاعة قرية العطيات فى أسيوط، اللى قرأ الرئيس حكاية نومها أكثر من 11 سنة فى بيت من غير سقف ومن غير أى حاجة خالص مع أولادها الستة، وأمر الرئيس «الله يبارك له» أنهم يبنوا لها سقف ويخلوا بيتها «لائق» آدميا.

وما أنساش أبدا موقفه مع ضحية التحرش العلنى والاغتصاب في التحرير ساعة الاحتفال الكبير بتنصيبه كـ«رئيس» لما اتلم عشرات الذئاب واعتدوا على السيدة وابنتها في الميدان، الرئيس زارها في المستشفى، واعتذر لها قائلا: «حقك علينا، لا تغضبي حمدا لله على السلامة، وأنا تحت أمرك»، ساعتها خاطب الرئيس وزيرى الداخلية والعدل، وكل جندي في مصر، شرطة مدنية أو جيش بأن يمنعوا تكرار هذه الجريمة ولا يسمحوا لها بأن تستمر، وساعتها والشهادة لله، نشطت الشرطة ونزلت الشارع، والله رأيتهم رأي العين.. جماعات جماعات فى الشوارع الكبيرة والميادين، بيتصدوا للتحرش، بس العملية «ولا حول ولا قوة الا بالله» بعد كام أسبوع هديت، وراحت الهوجة، ورجعوا الضباط وجنودهم مكاتبهم بسلامة الله، وطلعوا الذئاب فى الشوارع تانى وهات يا تحرش.
وما أنساش كمان لقاء الرئيس مع الطفل المصاب بالسرطان، وكان سبب الإصابة المياه الملوثة بقريته اللى الناس بتشربها من سنين والمسئولين ودن من طين والتانية من عجين، وساعتها أمر الرئيس بإدخال مياه نظيفة للقرية، بس مش عارفة هو الأمر اتنفذ ولا لأ، وهو الرئيس هتيابع إيه ولا إيه، بره ولا جوه، سياسة ولا اقتصاد ولا أحوال المصريين اللى بقت تحت الصفر فى الخدمة والمعاملة بسبب طناش المسئولين.
طيب هو محافظ الاسكندرية ولا مسئول المجلس المحلى، أو أى مسئول أو حتى أمين شرطة، ما شافش الست ليلى وهى 8 سنين نايمة فى الشارع، طيب ما حدش ابن حلال غنى كده وعنده قرشين شافها صدفة، وحن قلبه، ومد ليها ايد المساعدة، والست كريمة هى وقريتها تحت سفح الجبل، ماحدش من المسئولين فى أسيوط عرف أو سمع بحالهم، واتحرك عشان يحميهم من بيوت بلا سقف، طيب بلاش المسئولين اللى نايمين فى العسل ومشغولين بكراسيهم، أو مشغولين بتسيير مناصبهم لحسابهم، ما حدش من رجال الأعمال حط فى عينه «ذرة ملح»، وقال أعمل مشروع كده انسانى فى القرى دى، وغيرها من قرى مصر، انطلاقا من شعوره بالوطنية، أو زكاة لماله، أو حتى تكفير عن ذنوبه، اللى اكيد معظمهم ارتكبها» فى حق المصريين وهم يجمعون ملايينهم من هنا وهناك.
طيب وزارة التضامن الاجتماعى، ألا يوجد لديها لجنة من الشباب.. من المتطوعين، من أى نوع تجوب شوارع مصر، وتبحث مثل هذه الحالات من سكان الشوارع، ممن ليس لهم سقف يحميهم، ممن لا يجدون قوت يومهم، أو دواء لأمراضهم، ليقوموا بعمل بحث حالات عاجلة لهم لمساعدتهم، أليسوا هؤلاء جزءا أساسيا من عمل هذه الوزارة؟
هو يعنى الرئيس لازم يوزع كروت توصية لحل مشكلة كل مواطن مطحون.. مظلوم.. مهمش .. حقه ضايع فى البلد، وهو ما سيعنى أن السيسى مطالب الآن بأن يصدر 87 مليون كارت توصية، لأن تعداد سكان مصر الآن وصل الى 94 مليونا، منهم 7 ملايين خارج مصر، نجوا مما نحن فيه من ويلات وإهمال فى كل الخدمات وعذاب وتجاهل وروتين وتعقيدات وغطرسة المسئولين - وإن كانوا يشعرون بكل هذا بين حين وآخر فى إجازاتهم السنوية الى مصر - أما المليون التى

استثنيتها من كروت توصية الرئيس، فهم بالطبع المحظيون من اصحاب السلطة والمال والنفوذ، وأقاربهم الذين يستظلون بظلهم، وحبذا لو اعطى الرئيس كل مصرى من الـ87 مليون أكثر من كارت للتوصية، لزوم البلاوى والتعقيدات والمشاكل التى تواجه كل مواطن يوميا، وأطالبه بأن «يتوصى» فى كروت التوصية بأهالى الصعيد والقرى والنجوع، والمهمشين من سكان القبور والعشوائيات.
أقول لكم الحقيقة أنا مش فرحانة ولا حاجة، أنا زعلانة جدا بسبب الزفة الإعلامية التى تتبع أى قرار إنسانى أو تصرف مفترض أنه طبيعى من رئيس جمهورية هو أحد أبناء هذا الشعب، من أسرة طبيعية عادية من الجمالية، يشعر ويعرف وعايش كل مشاكل المصريين ومعاناتهم فى كل الأوساط، حزينة لأن حالة الطبل والزمر، تشعرنا بأن شيئا غير عادى قد حدث، وننسى أن الرئيس راع، ومسئول عن رعيته، وأنه سيسأل أمام الله، وقبلها من الشعب عن كل كبيرة وصغيرة فى البلد طالما بقى رئيسا، لأنه تطوع لهذا المنصب وهو يعرف مسبقا ما سيقوده وما سيواجهه، وما يحدث على أرض مصر من أطنان الفساد المتجذر فى كل مكان.
حزينة لأن حالة الطبل والزمر لمواقف الرئيس الطبيعية الانسانية، حتى وإن كان المقصود بها إعطاء قدوة لكل مسئول، لكنها تشعرنا بأن رعاية المواطنين والاستجابة لمطالبهم الصغيرة، وحل مشاكلهم البديهية، إنما فرية، أى أمر عجيب وعظيم غير مسبوق وغير عادى يجب أن نهلل له.
وكنت أنتظر من زملائى الإعلاميين أن يطالبوا أول ما يطالبون مع تحركات الرئيس ولفتاته الإنسانية، بأن يطالبوا بمحاسبة المقصرين والمهملين والمتكاسلين من المسئولين، الذين يتجاهلون هؤلاء المحتاجين، حتى وصل حالهم الى هذه المرحلة اللاآدمية من الحياة، كنت أنتظر إصدار قرارات رئاسية أيضا بمعاقبة كل مسئول قصر من هؤلاء، أن يعزل.. ينقل.. يحال للتحقيق، أو حتى يخصم من راتبه كام يوم بسبب تقصيره، ولأنه لا يعرف ما يحدث فى دائرة مسئوليته إلا بعد تحرك الرئيس شخصيا، ولا يتحرك لإنقاذ المواطن إلا بتوصية من الرئيس، حتى بات كل مواطن لديه مشكلة، يصرخ بجملة «أطالب الرئيس بالتدخل».
يا بشر، يا مسئولون، أفيقوا، اعملوا، تحركوا، انقذوا المواطنين، وقبلها انقذوا أنفسكم من يوم الحساب، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، لا ينفع فيه إلا العمل ومن أتى الله بقلب سليم، لا تنتظروا تحركات الرئيس لتعملوا، فإن كنتم تتحركون لتنفيذ ما يطلبه خوفا منه واحتراما، فالله أولى بأن تنفذوا ما طلب منكم، أن تعملوا، وأن تتقنوا عملكم الذى سيراه الله ورسوله، ولا تنتظروا طبلا ولا زمرا.


[email protected]