رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

وزارة الإسكان .. ومدن الأشباح

أن يقرأ مسئول ما تبح به أصوات الإعلاميين ويزعجون به مساحات البث، أو تنتجه أقلام الصحفيين وتسود به أوراق الصحف، شيء يسعدنا كإعلاميين وأيضا كمواطنين، بعد عهود مازلنا نعيش بقاياها، سد فيها كل مسئول بالبلد أذنا بالطين والأخرى بالعجين، ونام هادئا وراء مكتبه فى غفوة الظهيرة، بعد أن أعيته و«زغللت عينه» الكلمات المتقاطعة، وطنت أذنيه من المكالمات الهاتفية الشخصية للمدام وغير المدام، أما أن يستجيب مسئول لما نكتبه من نقد ونداءات، وكشف للفساد وعوار المستور، فيبادر مشكورا بحل المشكلة، أو علاج الخلل وصلاح ما فسد، فهذا هو بعينه يوم السعد لنا ولكل مواطن مصرى مطحون، لأن هناك مسئولا يزال يقظا خلف مكتبه، يقرأ الصحف بعين متفحصة، أو يهتم بما يقدمه له المسئول الاعلامى من قصاصات الصحف بما يخص سيادته أو مسئولياته الإدارية والوظيفية.

وكلما رأيت ردود أفعال المسئولين الإيجابية لما نكتبه، أقول «الحمد لله، مصر بخير» حتى وإن جاءت هذه الردود متأخرة، وفى 10 ديسمبر من العام الماضى كتبت مقالا تحت عنوان «جامعة سوهاج وطريق الأشواك» وطرحت فيه المأساة التى يعانيها طلاب الجامعة، سواء فى الطريق الوعر غير الممهد، والحوادث المميتة عليه، وعدم إنشاء مخرات للسيول قرب الجامعة الجديد، أو إنشاء محطة تنقية لمياه الشرب.
وبالأمس القريب جاءنى الرد من مكتب الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لعل سبب تأخر الرد، هو انشغال الوزارة وإداراتها المعنية والتنفيذية بآلاف الأشياء الأخرى، وبالتحقيق فيما شكوت منه ومحاولة تنفيذ ما طالبت به، وقال الوزير فى رده إنه طالع باهتمام ما ورد فى المقال، وأن هناك حقائق وأيضا متغيرات جدت على أرض الواقع، منها أن جامعة سوهاج الجديدة تم تخصيص أراضيها قبل صدور القرار الجمهورى رقم 196 لسنة 2000، والخاص بإنشاء مدينة سوهاج الجديدة، حيث اشتمل كردون المدينة على المساحات المخصصة للجامعة، وأن جميع أعمال البناء الأساسية والمنشآت كانت تتم بمعرفة الجامعة وتحت اشرافها، قبل البدء فى تنفيذ المدينة، ويتم حاليا تغذية الجامعة عن طريق خط مستقل ليس تابعا للمدينة، حيث يتم تغذية مدينة سوهاج الجديدة عن طريق توفير ألف كيلو متر مكعب يوميا من محطة شرب مياه الهجارسة بالتنسيق مع شركة مياه الشرب والصرف الصحى.
وقال رد الوزير أيضا إنه سيتم تنفيذ خط طرد ناقل لمياه الصرف الصحى من محطة رفع المدينة الى محطة معالجة الصرف الصحى بسوهاج غرب، وقد تم ربط الجامعة على محطة رفع المدينة، أما الطريق الجارى تنفيذه والذى يربط سوهاج القديمة بالجديدة، فقد تم الانتهاء من أعمال الرصف لهذا الطريق فى الاتجاهين، كما تم الانتهاء من تنفيذ الكوبرى العلوى على مصرف سوهاج، وتم رصفه وفتحه للمرور، كما بدأ العمل فى تنفيذ الكوبرى على مصرف جرجا، ومن المتوقع الانتهاء منه خلال شهرين، أما محطة مياه تنقية مياه الشرب، فجارٍ تنفيذ المأخذ المشترك لمشروعى توسعات محطة مياه شرب سوهاج غرب ومحطة الشرب بمدينة سوهاج الجديدة، وجارٍ استكمال الأعمال، ومن المتوقع إنهاء وتشغيل المحطة مرحليا ودخولها الخدمة فى 30 أبريل القادم.
أرد الشكر لوزير الإسكان على الاهتمام والتوضيح، وأتمنى سرعة استكمال هذه المشروعات، ليس فقط فى سوهاج، بل فى كل محافظات مصر، حتى نعيد هذه المناطق لذاكرة واهتمام الوطن.
وبهذه المناسبة وتماشيا مع استجابة الوزير، أطالب وزارة الاسكان بإنقاذ المدن الجديدة فى القاهرة الجديدة، التجمع الخامس، الشيخ زايد، العبور، وغيرها، والتى تحولت الى مدن للاشباح، مبانيها مظلمة، لا كهرباء فيها ولا مياه، وبالتالى

مهجورة بلا سكان، وسبب ذلك هو التعقيدات التى تسوقها الأجهزة المعنية بالإشراف على البناء والتعمير بهذه المدن، وأسوق على سبيل المثال لا الحصر ما يحدث فى جهاز مدينة الشيخ زايد، والتى يعانى فيها اصحاب العقارات والڤيللات مع تراخيص الجهاز الأمرين، للحصول على الترخيص لإدخال الكهرباء والمياه، وبالتالى السكن بها والانتقال من القاهرة الخانقة المزدحمة الى بيوتهم الجديدة، فطاقم هندسة معاينة هذه العقارات يتوقف أمام كل صغيرة، باب أو شباك خالف الرسم المعمارى للعقار من الداخل، رغم أن هذه المخالفات الصغيرة بعيدة تماما عن الشكل الخارجى للبنايات، فلم يتم مثلا الاعتداء على أراضى الدولة، أو مساحات غير مستحقة، ولم يتم تغيير شكل البناية او الواجهة أو الردود أو غيرها من اشتراطات البناء الأساسية التى يمكن أن تضر بالشكل العام أو بالمساحات المسموح بها، رغم ذلك يقع أصحاب العقارات فى مشاكل لا حصر لها مع المهندسين ووحدة التراخيص بسبب هذه المخالفات التافهة، ويتم حجب التراخيص لحين ميسرة، فإما أن يقوم صاحب العقار بهدم أجزاء داخلية بالعقار تكلفة الآلاف لأن مهندس البناء أو المقاول نفذ أخطاء بسيطة دون علم صاحب العقار، وإما أن ينتظر المالك رفع قضايا أو دفع قيمة مخالفات تصل أيضا لعشرات الآلاف.
ويتساءل أصحاب العقارات بالمدن الجديدة، لماذا يتم التعامل معنا بهذا التعسف والتعقيد، رغم أن المخالفات داخلية جدا وبسيطة، ولا تعرض المبنى ولا السكان لأى خطر، ولا تتعارض مع الأمن أو مع الاشتراطات العامة لمواصفات البنايات بالخارج، ولا بمساحات البناء المفروضة، يتساءلون لأنهم دفعوا الآلاف من حر مالهم لبناء العقارات الخاصة، ولمساعدة الدولة فى حل مشكلة الاسكان وتفريغ القاهرة من الزحام وأعمار المدن الجديدة، يتساءلون لأنهم لم يسرقوا كغيرهم من المحظوظين أراضى الدولة، ولم يقيموا الأبراج على أراضى الدولة، بل الغريب والأبشع أن لصوص أراضى الدولة ومن بنوا على نيلها يحصلون على التراخيص، ولا نعلم كيف، أو كيف ينجحون فى توصيل المياه والكهرباء والإقامة بقصورهم وبعقاراتهم المسروقة الأراضى والمخالفة جملة وتفصيلا لكل اشتراطات البناء، فيما يعانى الشرفاء لأن شباكا انتقل من مكانه أو بابا تم إغلاقه، أو غرفة تبدلت مع مكان المطبخ، أوجه صرخة كل هؤلاء بالمدن الجديدة لوزير الاسكان، وأقول له يسر عليهم و«انقذهم» لإعمار مدن الأشباح، فى انتظار الرد مشكورا.

فكرية أحمد
[email protected]