رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الحقنا .. خيانة يا ريس

فى ذكراها الأولى عام 2012 كانت أيادى الإخوان بدأت تمتد اليها فى شراسة لاختطافها، وكأنها لقيطة ليس لها أب شرعى، اعتقادا منهم أن الشعب الذى صنعها عاد مغلوبا على امره كأم اللقيطة، يومها كتبت فى غضب احذر، بأن الثورة تهرب منا كالعروس التى تهرب فى ليلة زفافها، قلت إنى أراها وقد  تركت الحفل الصاخب وصوت الهتاف، تركت دق الدفوف ورفرفة الرايات.. وهربت، رفضت ان تغتصب عذريتها ممن لا تعرفه، أن يباع شرفها بحفنة دولارات أو بضعة شعارات، وهى ابنة الشرف الرفيع وليالي الصبر والكرامة التى أريقت على جوانبها الدماء، فلم تكن من السبايا ولا البغايا، ولم تأت من رحم لقيط، إنها ابنة هذا الشعب الذى حمل على اكتافه «حجارة» الاهرام وبنى المجد خلدا كى يكون، ابنة الشعب الذى زرع الحضارة على ضفاف النيل  فوهب الحياة لأوزريس بعد الموات، الشعب الذى استلهم من الصبر ملحمة طويلة، وهب فى لحظة كالمارد.

أراها الثورة العروس تهرب وقد تركت الجمع يتقاسمون مهراً.. لم تره، ويتنازعون السكنى فى دارها.. ولم تسكنه، ويمزقون ثوب العرس فى سوق الغنائم للتبرك.. للتمسح فى شرف لم يدفعوا ثمنه، هربت وتركت خلفها الكاميرات والاضواء، والخيل المبارك وفرسان الظلام وابطال الكلام، وأصحاب الديباجة والياقات والجلابيب البيض والعباءات السود، وصقور الحرب وحمائم السلام، ها هى مختبئة فى الحنايا فى حشايا الازقة والحوارى، فى قلوب البسطاء والناس الطيبين، فى غرف المقابر التى ينازع فيها الأحياء سر البقاء مع الأموات، ها هى تنهنه القرآن ترتيلا والانجيل تبتيلا، تبكى.. أبكى.. ويبكى الحيارى حلم السنين.
وها هو الشعب يبحث عنك يا هبة السماء، يبحث عن الثمار اليانعات التى من اجلها بذل الولدان الخضر.. زهرات العمر والدماء، فلا يجد سوى أوراق جفت فى الربيع قبل الخريف، ولا يجد سوى السراب بدلا عن ماء الرواء، فلا يزال الفساد يعشش فى الأرجاء، وأذناب النظام البائد ينفخون النيران فى الرماد، لتسود الفتن ويعم الخراب، لا يزال الفقر والجوع يسكن عشش الايواء، وابناء البطالة يتسكعون على المقاهى وفى الطرقات.
كتبت كلماتى وبكيت، وهانذا اكتب الان نفس الكلام ولا رغبة لدى فى البكاء، ولكن لدى صرخة أوجهها «الحقنا.. خيانة يا ريس» هناك خيانة تحدث لثورة 25 يناير، ولا نعرف لمصلحة من، صرخة أطلقها مع  الإصرار على إنقاذ وانفاذ مطالب ثورة 25 يناير، وإزاحة كل وجوه النظام القديم، ووجوه نظام الإخوان، لتحل بدلا عنها  وجوه نظيفة، بضمائر حية وطنية طاهرة، وأحذر وغيرى، الأهداف التى من أجلها قامت ثورة  25 يناير يتم اغتيالها بقوة من رموز النظام الذى من اجل اسقاطه قامت الثورة، الثورة يتم خيانتها يا ريس، من قاموا بها تاهوا، ضاعوا، وبعضهم الآن خلف القضبان، أما من أفسدوا مصر من رموز نظام مبارك صاروا خارج السجون لعدم كفاية الأدلة ضدهم.. يا للعجب، عادوا الى قصورهم يتمتعون بأموالهم، تلك المليارات التى اغترفوها من اموال الوطن  وامتصوها من دماء الفقراء، تجهزت رؤوس منهم فى وقاحة وفجاجة وترشحت للانتخابات البرلمانية، متقنعة فى أحزاب أو غير أحزاب، وليعودوا مجددا تحت قبة برلمان خربوه، وافسدوا تشريعاته .
الشعب الحر الذى ثار على الفساد، وطالب بفك الارتباط بين زواج السلطة بالمال، الشعب يتساءل فى غضب، أين قانون 131 الذى صدر فى نوفمبر 2011 إبان الفترة الانتقالية لحكم  المجلس العسكرى عن إفساد الحياة السياسية، والذى جاء تعديلا لقانون الغدر رقم 344 لسنة 1952، بمعاقبة كل شخص عمل ما من

شأنه إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد، أو التهاون فيها، والعقاب وفقا للقانون يتمثل فى الحرمان والعزل من الوظائف العامة القيادية،سقوط العضوية فى مجلسى الشعب أو الشورى أو المجالس الشعبية المحلية، الحرمان من حق الانتخاب أو الترشيح لأى مجلس من المجالس لمدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ الحكم ضد بالفساد، والحرمان من تولى الوظائف العامة ومن الانتماء إلى أى حزب سياسى لنفس المدة من تاريخ الحكم ضده، وكذلك الحرمان  من عضوية مجالس إدارة الهيئات أو الشركات أو المؤسسات التى تخضع لإشراف السلطات العامة، ويحكم بالجزاءات ذاتها أو بإحداها على كل من اشترك بطريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة فى ارتكاب أى من الجرائم المنصوص عليها.
أين هذا القانون، ولماذا لم يتم تفعيله لإراحتنا من عودة الوجوه الشائهة القديمة بـ«نيولوك»، أين تفعيل القرارات الأخيرة الرئاسية والتى تمكن الجهاز المركزى للمحاسبات بموجب ما لديه من تقارير وأدلة أن يقدم البلاغات ويقيم الدعاوى ضد هؤلاء الفسدة من وجوه الحزب الوطنى المنحل، لعزلهم ومنعهم من العودة للحياة السياسية مجددا.
ترى أى شكل وأداء للبرلمان حال وجود اذناب نظام مبارك به مجددا، أو ذيول مقنعة من الإخوان، كيف سيثق الشعب فى الإرادة السياسية للنظام الحالى الذى وقف يتفرج على هؤلاء وهم يعودون الى نفس مقاعدهم القديمة، ويستغلون نفس النفوذ والسلطات التى سبق وسرقوا مصر ودمروا الشعب من خلال سطوتها.
ما يحدث الآن على ساحة الانتخابات، سيكرس اوضاعا سيئة، أسوأ ممن كانت عليه قبل الثورة، تسير بمصر الى منحدر سياسى واجتماعى واقتصادى خطير،نطالب بتحرك وإرادة سياسية حقيقية لتطهير الانتخابات قبل ان تضع النتائج أوزارها، مطلوب أحياء موات أهداف ثورة يناير، بعدم عودة الفسدة المفسدين مجددا للبرلمان  أو للحياة السياسية عامة.    
ويا عروس الفجر، يا حلم العمر وبواكير الحياة، لا ترحلى، ولا تنتحرى حزنا، لا تختبئى خلف جدران الصمت وتتركى الساحة لتجار دم الشعب والكلام، لا تنسحبى فى قاع الهزيمة، لتعلن ابواق النحاس انتصارها فى حرب لم يخوضوها، ونسجوا تفاصيلها من الأوهام، لا تنحنى لتتركى قامات الزيف ترتفع مجددا وتتاجر فى الأحلام، ستمتد السواعد النبيلة لتزيح عن وجه الحقيقة كل الغبار، وستهوى طيور الظلام مهما حلقت بالأوهام، وستعودى أنت لنزفك، سننسج من جديد ثوب عرسك، وسيكون هذا اليوم عرساً حقيقياً.


[email protected]