رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العيب فينا .. وفى حبايبينا ..!

هى عاشقة للوطن، تعيش منذ 20 عاما بدولة خليجية تعمل برفقة زوجها، تقضى كل إجازاتها بمصر دون اى بلد آخر، حيث الحنين للاهل ودفء الصحاب، غير ضجرة بفوارق العيش بمصر وهناك، فهى ابنة البلد بمرها قبل حلوها  ولم تخلع جذورها .

هذا العام زارت مصر مرتين، الاولى عند اندلاع الثورة، لتشارك عائلتها اهم لحظات لمصر، خرجت فى مظاهرات التحرير، وسهرت مع من سهروا لخدمة اللجان الشعبية، وغادرت بعد ان اعلن مبارك تنحيه، ساعتها اطمأنت ان مصر ستكون بخير .

عبر كل وسائل الاعلام كانت تتلقف اخبار الوطن، لا تصدق ان الثورة اثارت الغبار، وفجرت سوء الاخلاق، ولم تعبأ بتحذيرات من حذروها، ورفضت  ان تغير وجهة إجازتها الصيفية الى تركيا او حتى ماليزيا، فلا بديل عن مصر.

كان لديها قناعة لا اعرف مصدرها، ان الفساد انتهى من مصر ومن كل المصالح الحكومية، مدفوعة بالتفاؤل خاضت مغامرات وايام  مع تصاريح العمل والابتسامة لا تفارقها، دفعت الضرائب الهائلة فهذا حق الوطن، وتجاوبت مع طلبهم لجواز سفرها القديم، والذى اضطرت الى استدعائه من البلد الخليجى بالبريد المستعجل، وقضت فى ذلك اياما من إجازتها فى قلق الاتصالات والانتظار، ولم تبتئس، لكنها تمنت ان تنتهى الاجراءات البيروقراطية والتعقيدات التى لا لزوم لها فى عهد الثورة .

فى تجديد رخصة القيادة الخاصة، كان لها شأن آخر، حصلت من مركز طبى بالجيزة على شهادتين طبيتين، الاولى للعيون، والثانية باطنة، واقسم انى او اى مصرى لا يعرف اهمية شهادة الباطنة فى استخراج الرخصة الشخصية، العيون وقلنا طبيعى  عشان الحوادث وعمى الالوان، لكن الباطنة ليه، المنطقى ان تطلب شهادة للقلب مثلا، ما علينا، رغم ان شهادة الباطنة استخرجتها صوريا دون اجراء كشف ولا يحزنون .

وهرولت الى ادارة المرور بين السرايات، لاستخراج ورقة المخالفات، ولم تبال بالزحام والتدافع، اوبعدم وجود ولا مروحة واحدة، لتخفف عن المكدسين ساعات العذاب وراء شبابيك الانتظار، حتى تحن عليهم اجهزة الكمبيوتر المتهالكة، التى يسقط منها " الشيستم " بين دقيقة واخرى  دون ان يجد فنى يرفعه .

وبعد نهار كامل، تلقفت ورقة مخالصة المخالفات، وهرولت لشباك تجديد الرخصة، واذا بالموظفة تفاجئها: بطاقتك صادرة من الاسماعيلية، ورخصتك من الجيزة، لازم تجددى فى الاسماعيلية حسب البطاقة، واكدت لها الموظفة ان اوراقها مستوفية .

وسافرت للاسماعيلية، وقدمت كل ما بحوزتها للموظف المسئول،  قلب الاخير الاوراق فى امتعاض، وقال: ناقص ورقة بيانات، اسقط في يدها، اكدت له ما قالته الموظفة بأن الاوراق مستوفية، دفع اليها بالاوراق فى زهق لأن وراءها صف متصارع من البشر .

عادت للقاهرة فى اليوم التالى، عاتبت الموظفة التى كانت سببا فى هذه " العطلة " واستخرجت ورقة البيانات، وعادت للاسماعيلية، كانت خزانة المرور هناك قد اغلقت الساعة الثانية عشرة، ولا اعرف سر " الثانية عشرة " واغلاق خزائن المصالح فى هذا التوقيت، وهل لهذا علاقة بسندريلا مثلا واسطورتها ام ان هناك سببا آخر ؟.

وعادت فى اليوم التالى، بل الرابع على التوالى، واذا بذات الموظف

يفاجئها " الشهادات الطبيه غير معترف بها " هتفت فى ذعر، لماذا انها مختومة بختم المركز، ولماذا لم تخبرنى من قبل، إجازتى كادت تنتهى، قال ببرود : ماخدتش بالى لازم رقم قيد النقابة للطبيب الذى اجرى الكشف، سألته : ما علاقة رقم قيدالطبيب الشخصى وبهذه الشهادة، انها صادرة باسم المركز الطبى نفسه لا باسم طبيب خاص .

وعندما اصر على موقفه،  وشعرت هى بالخذلان والصدمة التامة، انتشلها بقوله " عندى شهادات طبية جاهزة ومختومة، ثمن الواحدة 35 جنيها، وكأنه ينقذها من الغرق، هتفت " ماشى " وناولته ورقة بمائة جنيه وداخلها يصرخ بالرفض، لان ما تفعله رشوة بيّنة، دس النقود بدرج مكتبه، واخرج الشهادات الجاهزة، ووقعها بسهولة،  وارسلها للبيه الضابط للحصول على توقيعه الكريم، ووقفت فى انتظار الرخصة .

وحين تلقفتها بعد طول الانتظار، فوجئت انها رخصة مؤقتة، سألت المسئول " لماذا مؤقتة " قال : الكمبيوتر عطلان، ولن يتم اصلاحه قبل شهرين، والرخصة المؤقتة سارية المفعول عادى، ولما تيجى الإجازة الجاية ابقى بدليها .

غادرت المرور مع تنهيدة طويلة، و دمعة ساخنة رغما تترقرق بمقلتيها على مصر، وحالها الذى لم يتغير، لان العيب فينا وفى حبايبينا وليس كما تتغنى ام كلثوم العيب فيكم يف حبابيكم، وادركت ان الثورة بريئة تماما من استمرار الفساد، وستكون بريئة من دماء الشهداء التى ستذهبت هدرا، ما لم يحدث التغيير والتطهير من هذا الفساد.

عادت شقيقتى فاتن الى دولة الخليج لتواصل مسيرة الاغتراب، وبقلبها حسرة ومرارة على استمرار الفساد والبيروقراطية وسوء الاداء والمعاملة بمصر،  ولكنها قالت لى فى اول رسالة " انها مصر، ولا يمكن ان اقضى اى إجازة بعيدا عنها، انها فى دمنا، ولكن علينا جميعا ان نتغير، ان نطهر انفسنا، التطهير لا يأتى بقرار فوقى او لائحة ولن يحدث بألف ثورة، التطهير ينبع من الضمير، ومن خوف الانسان من الله ، ومن رفض اكل السحت والمال الحرام، لو حدث هذا سنجنى جميعا ثمار الثورة .