عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجندى الجاهل .. عار وقنبلة موقوتة

أعتذر لهم جميعا مسبقا قبل أن أسرد، فلا يغضبوا منى لأن حالهم يحزننى ولا يرضى أى مصرى وطنى..!

انه نموذج فريد مسكين، مثير للشفقة لا الاحترام، لا يهش أو ينش يتم تحريكه يمينا ويسارا كقطع الشطرنج، لم أر مثله بين أجناد الأرض، ولا حتى فى دول افريقيا الفقيرة جدا، فأى شخص حامل لقب جندى فى أى مكان بالعالم، يختلف تماما شكلا وموضوعا عمن يحمل لقب جندى امن فى مصرنا المحروسة، الجندى هناك هيبة وقيمة، ولدينا يبدو كنكرة، كعلامة استفهام لم يسبقها أى جملة مفهومة، رغم أنه ضمن من قال الله عليهم إنهم خير أجناد الأرض.
إذا صادف وحادثته، يجب أن تصطدم معه من أول جملة، وأن تصدم أيضا من أسلوب كلامه ومن عقليته، إن سألته عن مكان أو عنوان، لا يجيب، لأنه لا يعرف، حتى وإن سألته عن البناية التى يقف أمامها ليحرسها، يهز رأسه فى جهل واضح، فهو أيضا لا يعرف، فقد حملوه بل شحنوه داخل السيارة المصفحة ضمن مجموعة أخرى من زملائه الذين جلبوهم من القرى والنجوع واطراف المدن المصرية، لا يختلفون عنه أبدا فى الجهل التعليمى والثقافى والسطحية، وزرعوهم أمام هذا المكان أو ذاك لحراسته، وكارثة الكوارث أنه مسلح، حيث يتم تسليحه لتأمين المكان وتأدية مهمته الصعبة، وإن كنت شخصيا لا أضمن هل تم تدريبه جيدا على استخدام هذا السلاح بأمان وقت اللزوم لحماية نفسه وحماية ما يحرسه، أم أن هذا السلاح أيضا مجرد «منظر» أو هيئة لا تختلف عن الزى أو البريه الذى يرتدونه على رؤوسهم، ليتحول بزيه وسلاحه  الى شيء اشبه بجنود أفلام زمان أبيض وأسود ، أو بالانسان الآلى، مصمت، لا يفكر أو يبرح مكانه، أو يستعمل عقله لحظة الخطر ليتلاشاه بذكاء وحنكة وتدريب.
للأسف يا سادة إننى أتحدث هنا عن جنودنا بالأمن المركزى، بصورتهم الحالية التى عليها قبل وبعد ثورتين شعبيتين، وصورته أيضا على مدى عقود مضت، منذ أنشئ جهاز الأمن المركزي في نهاية السبعينات بعد اشتعال انتفاضة الجياع فى يناير 1977، التي اندلعت عقب قرارات الحكومة برفع أسعار بعض السلع الأساسية، فصورة هذا الجندى المسكين تبدو مزرية ومثيرة للشفقة ولا تجبرك أبدا على احترامه، ولا تجبر أى مجرم أو إرهابى على الخوف منه أو حتى تلاشى المرور بجانبه أو الاحتكاك به، والاعتداء عليه أو قتله، لأنه يبدو مجرد رقم مجهول، يبدو ككمالة عدد وكأنه لا قيمة له، فهو جندى «إلا حتة»، رجل أمن مع ايقاف التنفيذ، حتى إنك قد لا تتردد فى اعطائه مبلغا من المال إن صادفته بعيدا عن أعين قادته لأن ملامحه منكسرة، ووجهه ذابل، ومظهره غير مهندم ولا يمكن ان تعتبره فرضا كجزء حقيقى من قوات تحمى امن مصر الداخلى.
فهل يصدق عاقل انه مع كل هذه المهام الجسيمة المسندة لقوات الأمن المركزى، فإن أغلب هؤلاء الجنود أميون

لا يقرأون ولا يكتبون، ناهيك عن الجهل العام وانعدام الثقافة، ولا أعرف كيف يتم التعامل معهم داخل معسكرات التدريب وتعليمهم كيفة استخدام السلاح أو التعامل مع أعمال الشغب أو فى المواقف الأمنية الحرجة بذكاء ومهارة، كيف يمكن ان يتم كل هذا وهم أميون «ألفا بت» وأميون «ثقافة»، هل يعقل هذا، ألم يخطر بذهن القائمين على استدعائهم تجنيدهم وتدريبهم أن يتم إخضاعهم لدورات تعليمية مكثفة لمحو اميتهم، وتثقيفهم ولو ثقافة طفيفة بغية تنويرهم وتوسيع آفاقهم، للتعامل مع فئات وأناس غير الذين اعتادوهم فى مجتمعاتهم القروية المحدودة.
هل تدرك وزارة الدفاع التى تجندهم، والداخلية المسئولة عنهم ان جهل وامية هؤلاء الجنود وصمة عار فى جبين مصر، ومصدر خطر على الأمن لا مصدر حماية، وانهم اصبحوا فرائس سهلة للإرهابيين والمجرمين وضحايا بلا دية لأخطاء الدولة، وانهم قد يتحولون فى لحظة الى قنابل موقوتة، على غرار تمردهم عام 86 بسبب توزيع منشورات كاذبة عن مد الخدمة لتكون ثلاث سنوات، فكان جنود الأمن المركزى مصدرا للانفلات الأمني، فاعتقل منهم وقتل العديد بعد قيامهم بإحراق فنادق ومحال تجارية، وتمرد الجنود مرة أخرى فى ديسمبر 2009 بمنطقة الدراسة، بعد تردد أنباء عن مصرع مجند أمن مركزي بنيران إسرائيلية وتكتم الوزارة، وهذه أحداث للتذكير وليست للتنفير أو التأليب، وانما للتأكيد على ان جنود الأمن المركزى لم تتغير أحوالهم أو تتبدل، ولم يتم الارتقاء بهم، ولا تحسين اوضاعهم، ولا محو أميتهم، ولا تحسين رواتبهم كما ينبغى، حتى فى ظل ظروفنا الأمنية الحالكة منذ ثورة 25 يناير، يتم التعامل معهم ككم مهمل لا كيف أمنى فعال له أهميته وخطورته، وكجزء هام من جهاز الأمنى المصرى على عاتقه مهام خطيرة وجسيمة تتطلب الثقافة والخبرة والحنكة، بالله عليكم انظرو لهم وحادثوهم، هل هؤلاء جنود، كأى جنود فى أى بلد يحترم أمنه ومواطنيه، ويقدر المهام التى يقومون بها من أجل خدمة الوطن.