رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كثير من الحب.. ومن العذاب

بقدر الحب، بقدر ما نحاول اسعاد من نحب.. نتفانى فيه، نتلاشى، نذوب ليكون، نمنح ونضحى.. ليسعد، وبقدر الحب بقدر الألم من طعنة الخيانة، فعندما يكون الحب كبيراً، تكون طعنة الخيانة أيضا كبيرة والجرح عميقا، وأنت يا بلدى صرت منذ أزمان معشوقى الأوحد، كورت مساحات مشاعرى

عبر سنواتى ومنحتها إليك، عندما عشت بعيدا عنك عشرين عاما، كنت فى روحى وعقلى ودمى، كانت جل مدخراتى تروح بين تذاكر أسفارى وعودى إليك ما بين شهر وشهر، لألتمس بعضا من دفئك، قبسا من روحك، عبقا من ترابك، لم أبال قط بلوم اللائمين وأنا أحشو حقائبى بشرائط أم كلثوم وعبد الوهاب، وأنا أتلمس لقطات هرمك ونيلك بين الفضائيات، لم أبال قط بلوم اللائمين حين عدت إليك وودعت مهجرى الهادئ الجميل المنظم المرفه للأبد، لألقى بنفسى وأولادى فى خضم بحرك الهائج وأنت فى أوج ثورتك فى 25 يناير، وساعات خطرك، وعشت مع أبنائك وأولادى كل تفاصيل المرحلة بدقة من الانكسار.. الفوضى.. الانتصار..الاهتزاز.. الارتداد.. الصحوة من جديد 30 يونية وما تلاها.
يا بلدى بقدر حبى لك، بقدر عذابى بك، بقدر صدمتى فيمن خانوك وصدمتى فيك وأنت تبدو وكأنك فى لحظات تتخلى عن أحلامنا وطموحاتنا وتتخلى حتى عن ذاتك فى لحظات التأرجح، يا بلدى أغار عليك وأنت فى وضع المقارنة بين ما أنت عليه وبين ما يجب أن تصير إليه.. كما صارت بلدانا أخرى أقل منك عراقة..أقل عظمة.. أقل ثروات طبيعية، وأصل إلى نتيجة واحدة، كل ما ينقصك.. مزيدا من الحب مزيدا من العطاء، وكثيرا كثيرا من الضمير، ضمير أبنائك بدءا ممن هم على قمة هرم المسئولية ووصولا للقاع، ضمير يحافظ على أموالك من الإهدار، ضمير يعمل أولا ثم ينتظر الثمار، ضمير يخطط لأجلك بصورة استراتيجية صحيحة، وضمير ينفذ، وضمير يراقب التنفيذ، لو وجدت أو استيقظت هذه الضمائر، لأنقذناك مما أنت عليه من فوضى وخراب وبطالة وتردٍ اقتصادى.
وسأبدأ بشىء قد يبدو للبعض بسيطا، لكنه يمثل شريان الحياة ويمثل مشكلة تؤرق حياتنا منذ طلعة الصباح وحتى تخلو شوارعنا من البشر، وهى مشكلة الطرق، التى اشتركت فى إيجادها عدة وزارات وهيئات وإدارات، التخطيط، الإسكان والمرافق والتنمية، الكهرباء، الأشغال والنقل والطرق، المياه والصرف الصحى، الاتصالات، فمعروف أن أى حى أو منطقة قبل إنشائها، يكون لها ما يشبه شهادة الميلاد، هذه الشهادة تشمل كل ما يتعلق بالمنطقة أو الحى من طرق، منشآت، مبانٍ، خدمات المياه والكهرباء والاتصالات، ومفترض أن دور المحليات دمج وتوفيق كل هذه المعطيات وصياغتها بصورة جيدة والإشراف على تنفيذها بأعلى جودة وأقل التكلفة.
لكن ما يحدث فى بلدى من عشوائية فى هذا الإطار يخالف كل القواعد والأصول التى تتبعها أى دولة فى العالم ولا حتى ما يعرف بالدول المتخلفة، إذ يتم فى بلدنا رصف الطريق بملايين الجنيهات، وبعد أسابيع يتم حفر الأسفلت وهدم الطريق

لمد خطوط أو شبكات إضافية للمياه أو كابلات الكهرباء، أو الغاز، ويعاد رصف الطريق، وبعد أسابيع تنفجر ماسورة مياه وتغرق الطريق وتدمر جزءا منه مجددا، وأقسم أن ماسورة مياه فى منطقة المعادى الجديدة تنفجر بمعدل مرتين كل شهر ومنذ 3 سنوات، وهكذا.. نظل ندور فى نفس الدائرة وينتج عن ذلك حفر ومطبات لا صناعية ولا طبيعية بكل طرق مصر، وحوادث فى كل مكان تكلف مصر سنويا أكثر من 12 مليار جنيه، ناهيك عن تلف السيارات قبل أعمارها الافتراضية.
وكأن هناك اتفاقات سرية بين المسئولين وشركات صيانة السيارات واستيراد قطع الغيار فهى المستفيد الأول من سوء الطرق، وكان من المفترض أن يتم وضع كل شبكات ومواسير وكابلات المنطقة وزرعها بباطن الأرض مرة واحدة، على أن يتم فقط إيصال الخدمات بها كلما تم الاحتياج إلى التوسع فى الخدمات عبر نقاط محددة دون الحاجة لحفر كل الشارع، يضاف إلى ذلك اختناق الطرق والشوارع على الجانبين بسبب السيارات التى تقف صف ثانى وثالث، لأن المنشآت والمبانى يتم الموافقة على بنائها دون اشتراط وجود جراج خاص بها فى أغلب الاوقات، وهو ما ادى الى تكدس السيارات صفوفاً فى الشوارع لتزيد من الاختناق، وفى الدول المتقدمة لا يسمح لأى شركة أو منشأة بالبناء بدون جراج يستوعب سيارات جميع العاملين بها، وفى المناطق السكنية تترك مساحات واسعة بالشوارع لتستوعب السيارات بصورة لا تعيق الطريق ولا يسمح أبدا بصف ثانى.
وفى الدول المتقدمة، لا يسمح أبداً بإنشاء أى طريق وحيد دون أن يكون له طريق موازٍ، أى هناك طريق رئيسى، وآخر موازٍ له ثانوى لتخفيف الضغط على الطرق الرئيسية خاصة الطويلة، وهناك الطرق منتجة أى تنفق على نفسها ولا تكلف الدولة أى أعباء و.. وهكذا يا بلدى أبكى لأجلك غيره من غيرك ولن يغرينى ضيقى لهجرك لكنى أتمناك مكاناً أجمل من أى مكان وللحديث بقية.