رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا تنحنى .. وستمر حتما العاصفة

" انحنى امام الريح حتى تمر العاصفة " مثل مصرى شائع علمتنى امى رحمها الله ان ارفضه وألا أعمل به ، علمتنى اذا ما صادفتنى مشكلة لا استسلم بل أواجهها حتى تنتهى  تبعاتها ، وإذا اشتدت عواصف الحياة وأمواجها ،  لا أترك الامواج تتقاذفنى ، بل اقاومها متجهة نحو شاطئ الامان حتى آخر نفس ، طالما كنت على حق.

و كانت "رحمها الله " اذا ما قامت رياح صفراء بمصر ، أو تساقطت أمطار غزيرة ، تحصننا بنظارات الاطفال الصغيرة وملابس حامية ، وتتركنا نخرج الى الشارع او سطح المنزل ، لنراقب ما يحدث ، حتى وإن تسبب ذلك فى اصابتنا بالبرد أو السعال ، لذا تعلمت منها ان اشتداد الامواج لا يعنى الاستسلام ، وهبوب العواصف لا يعنى اغلاق العينين ، بل يعنى ان أحصن عينى وهى لا تزال مفتوحة ،  لأرى ما يحدث حولى ، فاعرف ما يمكن ان يهاجمنى من اعداء وسط اشتداد الرياح ، فالانحناء امام العاصفة لا يعنى ابدا انها ستمر وتنتهى أسرع ، بل إن ضررى من الانحناء سيكون أوجع .

هذه الذكرى التى لم أعف القارئ من مشاركتى فيها وانا استرجعها ، اقولها لكل مسئول مصرى فى الحكومة الحالية وعلى رأسهم الدكتورشرف والمجلس العسكرى ، وأطالبهم بعدم الانحناء امام الرياح والعواصف التى هبت فجأة مع ثورة 25 يناير ، فقط أن يحصنوا انفسهم بأداء واجبهم الوطنى كاملا بصورة لا غبار عليها ، تجنبا لثغرات النقص ومواطن الضعف ، وأن يفتحوا اعينهم جيدا لأن ما يحدث بمصرالآن جد خطير ، وان يحذروا من المواطن الديكتاتور .

اطالبهم بعدم الانصياع لفوضى المطالب الشخصية التى تثيرها فئات هنا أو هناك ، بغرض تهدئة هؤلاء حتى تمر العاصفه بسلام ، فقد أصبح من الواضح ان فئات كثيرة باتت تبتز مصر وثورتها ، وباتت تخيرنا بين فشل الثورة  أو تحقيق مطالبهم الشخصية  بسرعة ، من مال وترق وظيفى ومكاسب ذاتية تتسم بالأنانية  ، أو فرض سطوة دينية بنوعيها الاسلامى والمسيحى ، وعلى رأسها التوسع الكنسى ، مع رفع عصا التهديد  بالغرب فى وجه مصر ، وغيرها من أنواع الابتزاز ، التى يعتقد هؤلاء ان مصر والمسؤلين بها الان سينحنون امامها حتى تمر العاصفه بسلام .

وإلا فما معنى الا يتم فض الاعتصامات التى تنتشر هنا وهناك بقوة القانون ، وألا يتم القبض على من يخربون اقتصاد البلد تحت صور ومسميات شتى ، وماذا يريد المسيحيون من استمرار اعتصامهم امام ماسبيرو ، ان يتم إعلان مصر دولة مسيحية ، او يستقلوا بدولة لهم فى الجنوب كما ينادى العميل القبطى بأمريكا  ، ام ماذا ، والله بتنا لا نعرف ماذا يريدون بالضبط ، وما هو هدف اعتصامهم بصورة واضحة ، بعد أن بادرت  الحكومة بدفع ملايين الجنيهات لترميم الكنائس التى خربتها الفئات المندسة ، ترميمها  بصورة عاجلة لارضائهم وسد افواههم الصارخة بعد الثورة بمناسبة وبلا مناسبة .

وما أدرانا ان الاعتداء على الكنائس وتفجير المشكلات حولها سيصبح منهجا فى مصر ، لاستنزاف جزء لا يستهان به من موازنة الدولة المنهكة اساسا ، فتظهر لنا كل يوم وآخر جماعة لإحراق كنيسة او هدم جدار بأخرى ، فتهرول الحكومة امام البكائيات بالترميم وإعادة البناء ، وقد تكون الكنيسة قديمة ومتهالكة ، إلا أن الحكومة ستقوم بترميمها وتجميلها وتزيينها انحناء امام رغبة التهدئة .

وانطلاقا من نظرية المؤامرة التى سأتهم بها حتما ، بت اخشى وغيرى ان  تتحول عملية الاعتداء على الكنائس الى صرعة اوعمليات ممنهجة ، يتكاتف على صناعتها اعداء الوطن والثورة فى الداخل من بعض المسلمين والمسيحيين ،  كل وفقا لمصلحته  ، وبقدر ثمن الخيانة من أموال يتقاضاها من اعداء مصر بالداخل والخارج ، لضرب قلب مصر ووحدتها ، الاعداء المسلمين من خدام وسدنة النظام المخلوع بهدف انهاك اموال مصر واستنزافها ، وإشعال الفتنة وإضاعة مكتسبات الثورة ، والمسيحيين بهدف  تحقيق مكتسبات يرسمها لهم اعداء مصر بالخارج ، بجانب مكاسبهم لتجديد الكنائس القديمة المتهالكة وتجميلها على " قفا"  الموازنة ، و" قفا " مصر كلها ،  لأن مصر صارت رغم ما تعانيه الآن من تردى اقتصادى  " وليمة " الثورة ، يتقاسمها هؤلاء وهؤلاء كالثريد .

وما معنى أن يفكر فجأة المسيحى صاحب مصنع النسيج فى عين شمس ، بعد 3 سنوات من شرائه المصنع فى تحويله الى كنيسة ، فى هذا الوقت الذى تغلى فيه مصر بفتنة دينية ، تكاتف لصنعها أعداء مصر بالداخل والخارج ، لماذا الآن فقط ، من جعله يصبر 3 سنوات والمصنع مغلق ، لماذا لا يصبر عاما اخر، لتنفيذ حلمه فى تحويل المصنع لكنيسة حتى تهدأ الاوضاع فى مصر اذا كان قلبه على بلده ، أم أن الوحى السماوى أمره فجأة بأن يفعل ذلك الان ، فهل التوقيت مصادفة ، أم انه نوع من "لى ذراع الحكومة " لتنحنى ، وتوافق على ما سبق ورفضته من تحويل المصنع لكنيسة .

ومثال آخر ، ما معنى أن ينحنى محافظ جنوب سيناء أمام ابتزاز الصيادين وتهديداتهم ، فيسمح لهم بالصيد فى محمية طبيعية وهى رأس محمد ، رغم كونها من أروع محميات مصر البحرية الجاذبة للسياحة بما حباها الله من جمال بحرى ، كالشعب المرجانية ، والأسماك الملونة والأحياء المائية الاخرى النادرة التى باتت مهددة بالانقراض ، بسبب صيد السمك الذى يتم بأساليب مدمرة لثروات هذه المحمية ، مما يهددها بالفناء ، وبفقدان مصر

مصدر جذب سياحى هائل .

ماذ يعنى أن يرفض محافظ جنوب سيناء مطلب الدكتور فخرى عبد النور وزير السياحة بوقف عمليات الصيد بالمحمية ، بل ويرفض عرض وزارة السياحة بتسديد 410 آلاف جنيه كتعويضات للصيادين لوقف الصيد الجائر بالمحمية ، لا تفسير لذلك التصرف الخطير ، سوى أن محافظ سيناء يخشى المواطن " الديكتاتورى " الذى بات يرفع " السنجة " فى وجه الدولة ابتهاجا بثورة الحرية  ، وأن سيادته يخشى على نفسه من غضبة وبطش الصيادين ، وها هو ينحنى ليستجيب لمطالبهم على حساب الوطن الأم ، على حساب مصدر دخل قومى هام فى مجال السياحة .

فبدلا من أن  يجتهد السيد المحافظ للبحث عن حلول بديلة للصيادين ، لاكتساب أرزاقهم ليس على حساب خراب السياحة ، إذا به يسمح لهم بالصيد فى المحمية ، ولتذهب هذه الثروة السياحية فى بطون آكلى السمك ، أو لتذهب للجحيم .

وقس على هذه الامثلة الكثير ، لذا ليس امام الحكومة والمجلس العسكرى الا الصمود كحد السيف فى وجه العاصفة لقطعها ، لا ان تتركها تقطعه ، واضعين مصلحة مصر اولا نصب اعينهم لا مصالح  قلة من الاشخاص ، والتصرف بحكمة وقوة وطنية .

فمما يؤسف له ان فئات من ابناء مصر باتوا ينفذون سياسة احراق الارض ، او مقولة انا ومن بعدى الطوفان ، فإما تحقيق مكاسب شخصية عاجلة ، وإما خراب مصر ، واذا كانت الحكومة ستوضع فى هذا الخيار ، فعليها ان تختار مصر ، مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد او الافراد ، خاصة اذا كان هؤلاء قلوبهم على انفسهم ولا يفكرون لحظة فى بلدهم الذى عليه النهوض من عثرته ، وإصلاح الفساد ، وإعادة الهياكل الادارية والتنظيمية للدولة فى كل القطاعات .

وعلى الحكومة مع رفض انحنائها لابتزاز المنتفعين فى عهد الثورة ، عليها اصدار قرارات اصلاحية واضحة وحقيقية ، مع بدء التنفيذ العملى لها ، حتى لا يكون عليها حجة ، فى مجالات العمل ، الأجور ، التوسع فى استصلاح الاراضى وتمليكها للشباب ، الاعلان عن مشروعات استثمارية جديدة مع حزمة تيسيرات للمستثمرين ، دعوة رجال الاعمال الشرفاء لعقد مؤتمر موسع ، لطرح الخطط العملية لإنقاذ الاقتصاد المصرى ، وإقامة المشروعات الخاصة ، وفتح مجالات وفرص جديدة لعمالة الشباب .

وانتهز هذه الفرصة لدعوة رجال الاعمال الشرفاء فى مصر لعقد مؤتمر موسع ، يتم خلاله دعوة مستثمرين عرب وأجانب ، لبحث الفرص الجديدة للاستثمار فى مصر وإقامة المشروعات التنموية ، وهذا دور رجال الاعمال العاشقين لتراب مصر ، لإثبات حبهم وولاءهم لمصر الان وفورا وليس غدا ، لإعطاء الأمل لشباب مصر ، أمل حقيقى وليس مجرد وعود وسراب .

المشكلة ايها المسئولون ، ان تأخر اجراء الاصلاحات سيعطى الفرصة للمزايدين لفرض مطالبهم الشخصية بالقوة والابتزاز ،  وستجد الحكومة نفسها مضطرة للانحناء امام مطالبهم ، والتغاضى عن تجاوزاتهم لتمر العاصفة ، وستنشغل الحكومة بالترقيع وسد الافواه بالمكاسب السريعة ، على حساب الحلول التنموية المستدامة التى ستعود بالخير على كل الشعب .

يا سادة من انحنى مرة سيعتاد على الانحناء الف مرة ، حتى يصبح الانحناء سمته ، لأنها لن تكون عاصفة واحدة ، بل ستشتد بعدها العواصف الاكثر جرأة وتخريبا  ، ونحن لا نريد أن نسير وراء حكومة أحنت هامتها لإرضاء قلة تنهش جسد مصر وتطحن عظامها ، لأن غالبية الشعب سيسير وراءحكومته حانى الرأس ايضا ، مستسلما لما تحاول هذه القلة الآن فرضه علينا ، وعلينا عندئذ أن نقول جميعا " عليه العوض " فى الثورة وفى دم شهداء الثورة ، ولتحيا القلة المنتفعة على أطلال مصر .