عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اذهبوا إليهم.. العدالة في انتظاركم


فاجأتني بوجهها الوردي الذي تميز بالكاد مصريته، ابنة السادسة عشرة نتاج الجيل الثالث من المهاجرين، حباها الله بالجمال والتدين، خرجت مع صويحباتها للسباحة في أحد الأماكن المشهورة، وقطعت تذاكر الدخول، اختارت ركنا هادئا مع صديقاتها للسباحة، وإذا بمسئول أمني يقف فوق رأسها فجأة، ويطالبها ومن معها من المحجبات بالخروج من حوض السباحة.

السبب أنها كانت ترتدي ما يطلق عليه "المايوه المحتشم"، فهو ذو إكمام وبنطال مع غطاء الرأس، وقال لها حرفيا: "أنت تلوثين المياه بهذا الملبس"، وفشلت في إقناعه بأن خامة ما ترتديه لا تختلف علي خامة المايوه "البكيني" لشبه العاريات من الهولنديات، وغطاء رأسها لا يختلف عن الغطاء المطاطي المعتاد للسباحة، لكنه أصر علي إخراجها لأنها تلوث المياه بلباسها، وهددها باللجوء للقوة، لأنه ينفذ الأوامر لديه.

خرجت مع صديقاتها مختنقة بالدمع وقد فسدت نزهتها، لم تنجح للآن في التخلص من شعور أنها مرفوضة، ومتهمة بتلويث المياه الهولندية، ولمحت وهي تغادر المكان شابا وفتاة يمارسان الحب في المياه أمام رجال الأمن وكاميرات المراقبة، وهتفت لصديقاتها: ملابسنا تلوث المياه، وما يفعله هؤلاء لا يلوثها.

كانت قبل ارتدائها الحجاب تشعر أنها ابنة هذا البلد الآخر، فقد ولدت وتربت بهولندا، ولكن عندما ارتدت الحجاب، تحولت نظرة كل من حولها لها من الهولنديين، ولم يعد يشفع لها وجهها ببشرته البيضاء، لأن من يراها صار يعرف من حجابها أنها مسلمة.

رغم ما قد يراه البعض من عدم أهمية القصة، وحرمان فتاة من رياضة بريئة تحبها مع صديقاتها، في بلد كانت تعتقد أنه وطنها الثاني، إلا أن القصة مجرد حلقة صغيرة في سلسلة من العنصرية والاضطهاد الديني، تمارسه هولندا والغرب عامة ضد المسلمين.

في الكليات التقنية ذات الصلة بالعلوم النووية، تم طرد المسلمين الإيرانيين، بزعم حماية المعلومات من سرقتها وتهريبها إلي دول إسلامية، في الأندية الرياضية التي تمارس بها العاب بدنية مثل الكاراتيه، الملاكمة، الفروسية وغيرها، يتم حرمان أبناء المسلمين من عضويتها حتي لا يتعلموا العنف، ويمارسوا الإرهاب.

في مكاتب العمل، والوظائف الحكومية أو الهامة، ترفض المحجبات والشباب المسلم، ويوزعون إلي أعمال رديئة بأجور زهيدة، إذا تم قبولهم أصلا، وقال بحث لإحدي مؤسساتهم لمكافحة العنصرية مؤخرا، إن كل من اسمه محمد مرفوض في وظائف العمل بأوروبا، بل تطرد البائعات المحجبات بزعم أن الجمهور يخشي التعامل معهن.

في معظم دول أوروبا تم حظر النقاب بالأماكن العامة وبالعمل، وفي بلجيكا وفرنسا يتم الآن توقيف المنتقبات أمنيا وتغريمهن، مع سجنهم حال كررت جريمة ارتداء النقاب، وفي معظم المدارس والكليات بأوروبا تم حظر الحجاب، وفي سويسرا تم حظر المآذن، وفي كل دول أوروبا لا يسمح برفع صوت الأذان.

في قبول اللاجئين، لا يتم قبول المسلمين غالبا، إلا إذا كانوا مرتدين عن الإسلام، ويقبل أصحاب الديانات الأخري حتي لو كانوا من عبدة البقر والنيران، بل يتم قبول الشواذ والسحاقيات، أما المسلمون فلا.

عندما تسير محجبة أو شاب ذو لحية في الشارع، لن يسلم من الاعتداء عليه ولو لفظا، ولا

يمر يوم إلا ويقع مسلم أو أكثر ضحية حادث عنصري في أي من دول أوروبا قتلا أو ضربا أو سبا حتي لو كان مسلما أوروبيا، ناهيك عن إحراق المساجد التي لا ينشر الإعلام عنها شيئا، وتدنيسها بالخنازير، وهدم مقابر المسلمين المحدودة.

هذه هي العدالة الغربية التي يستمسك بها بعض الإخوة الأقباط بمصر الآن ويستنصرون، ويصرخون علي أبواب السفارات الغربية بمصر مستنجدين بها، أو يصرخون علي أبواب الخارجية في تلك البلدان وداخل كنائسها، طالبين التدخل في مصر لحمايتهم من الاضطهاد الذي يذوقون ويلاته في وطنهم.

وأنا أطلب من هؤلاء أن يذهبوا هم إلي تلك الدول ويعيشوا بها، لأن عدالتها التي تكيل بمكيالين تناسبهم، أما مصر، ففي المقابل لم نسمع يوما عن صدور قرار رسمي أو قانون يميز مسلماً عن قبطي، ولا يحرم قبطياً من فرصة تعليم أو عمل أو وصول إلي أعلي منصب، أو يمنع جرس كنيسة، وكل ما يحدث أعمال فردية، مدفوعة أو مدسوسة يستغل فيها الجهلاء لتخريب مصر.

لذا أطلب من هؤلاء أن يذهبوا هم إلي دول الغرب بدلا من دعوتهم والاستنجاد بهم لدخول مصر، لأن مصر ستكون مقبرة لأي دخيل، كما ستكون مقبرة لأي عميل أو خائن، وعلي الحكومة المصرية أن تسقط الجنسية المصرية عن هؤلاء المستنصرين بالغرب، وأن يتم تغليظ العقوبات القانونية ضد من يهدد أو يلجأ للغرب للاستقواء بها علي مصر، وأن توجه له تهمة الخيانة.

مصر كفيلة أن يجلس أبناؤها الشرفاء أقباطاً ومسلمين معا لإيجاد الحلول والقضاء علي رؤوس الفتنة، قادرة حل مشاكلها الداخلية بنفسها، كفيلة بحماية المقدسات الدينية، بحماية كل أبنائها أقباطاً أو مسلمين، كفيلة بتغليظ عقوبات الاعتداء علي دور العبادة، وكفيلة بوأد الفتنة أو من يحاولون إشعال نيرانها لأسباب خبيثة في أنفسهم، مصر باقية مسلمين مع أقباط بمأمن من تدخل الغرباء، أما من يتوسم الخير في عدالة الغرب فليذهب إليهم، لأن عدالته ستناسبهم تماما، وسيجدون أنفسهم هناك مميزين علي حساب كل ما هو مسلم.