رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحل عطر الورد ..أخو البنات

ضن الربيع علينا ببهجته، وسرق فى احتفاله الأول روعته، ماكنا نعلم أن له يدا قاسية ستغتال فى الروض أجمل وردته ، فيسكت النبض الحانى  ويرحل تاركا بحرا من الدمع  وبراعم  بيتك تشتاق إليك .. لثغرك كى تزهر وتينع ، كنت أعلم أن الموت قريب إلينا ولكن ليس الى هذا الحد ، شعرت الآن أن فى موت مثلك خيانة للحياة ، لأنك كنت تمنح لكل من حولك ابتساما ومعنى للحياة .

أخى عادل، لا معنى أمام رحيلك لكلمات الرثاء ، تسقط الكلمات صرعى وتتوارى الأحرف،  فمن يجسد الآن قدرك الا المواقف و الذكريات مهما كانت بساطتها إلا أنها تأتى من أجمل الأيام، ذكريات أهديها إلى هالة رفيقة كفاحك وعمرك وإلى أولادك ، وغاليتك الشقيقة لبنى ولكل أسرتك المفجوعة الآن بصدمة رحيلك.

حين كنا بالمنيرة، كيف كنت تلقب بـ"اخو البنات" ، كنت تبدو كبيرا ناضجا رغم سنك ، نلجأ إليك بالشكوى من أحدهم،  فتواسى شكوانا وتختم كلماتك بجملتك الشهيرة: "ده كحول" كنا لا نعرف تماما ماذا تعنى تلك الكلمة هل هى من الأكحل أى الأسود أم لها مغزى آخر ولكننا نضحك لها ونعتبر أن تلك الكلمة نهاية لكل مشكلة، فنعاود انطلاقات العمل بنفس راضية وبالابتسام ،  كانت كلمة "كحول"  هى أقصى ما يمكن أن تقوله فى حق زميل تطاول أو تهاون، أو حاول استعراض مواهبه بالنفاق مع الرؤساء.

وكم أفسحت صدرك لمشكلاتنا الخاصة بكرم وأخلاق حميدة ضنت كثيرا بهذا الزمان،  كنا نلجأ إليك كأخ أمين فى النصح صدوق، كنت تنصحنا بالا نلهث وراء الصحافة فقط على حساب حياتنا الشخصية  وكنت دوما تقول: "مسكين من سيتزوج صحفية ستظل طوال الوقت تثرثر معه وتناطح بكل جدال، لذا لن أتزوج صحفية  "وقد فعلت واخترت أرق وردة من خارج المهنة وأنا يا أخى أقولها لك الآن: مسكينة هى من تتزوج صحفى مكافح مثلك وشريف، عليها ان

تنتظر الترمل فى منتصف العمر وأن تعد نفسها لإكمال مشوار الحياة بمفردها مع كم هائل من الآلام والأحزان .

لن أنسى لك هذا اليوم، حين سهرت للصباح بجانب زوجى وزميلى سعيد فى منزلنا  وكان بالهرم، كنا قد جئنا لمصر فى إجازة من هولندا وأصيب هو فجأة بانزلاق غضروفى اقعده فترة عن الحراك  وكنا نصدر حينئذ جريدة المغتربين "الجسر" وإذا بك بشهامة الأخ وابن البلد ، تقوم معى بإنهاء صفحات الجريدة فى يوم وليلة، لنطبعها بمصر ونعود بها مطبوعة لهولندا وقد تركت عليها بصمتك وقلمك الرائع، بل إنك رفضت تقاضى أى أجر على جهدك الصحفى إلا بالكاد وشيء يسير، رغم أنك مثلنا ، كنت لا تزال فى أول الطريق  وتحتاج مثلنا لأى دخل إضافى.

هكذا كنت، اخا وفيا ونعم الصديق فى وقت الضيق، متدينا فى بشاشة ، ودائم الابتسام رغم أعباء الحياة، يتقاسم حياتك اليومية ثلاثة أشياء: العمل والبيت والأصدقاء  وفى كل من الثلاثة كنت تضع  الله نصب عينيك، فوقك وأمامك وخلفك وفى كل مكان، لكل هذا، لرحيلك صدمة  ولفراقك لوعة وعليك ننزف الدمع الثخين، لست وحدى بل كل من عرفك ولو لبضع ساعات، لقد سرق الموت فرحتنا بأول ربيع للثورة، فوداعا يا أخى .. وداعا يا عطر الورد.