رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من العسكرى الاسود للجلباب الابيض .. يا شعبى لا تحزن

 

خطوات ثقيلة فى جنح الظلام ، طرقات عنيفة على الابواب ، الرعب يملأ القلوب ، تخرس صرخات النسوة خشية ان يطولهن سوط العذاب ، يقفن مرتعشات الابدان نازفات الدمع ، يرقبن الاب او الابن وهو ينتزع من حضن العائلة  بايدى المجهولين ، زبانية السلطة ، رجال امن الدولة ، بينما ينطلق بكاء الاطفال العفوى ، هذا المشهد الدرامى ما من شارع او حارة مصرية الا وشهدته وعايشته عن قرب ، الضحية المواطن المصرى ، والجلاد هو العسكرى الاسود ، اما التهم متعددة ، ابرزها العبادة جهرا وذكر الله ، والصلاة فجرا بالمساجد ..الخ .

ذات المشهد بعد ثورة 25 يناير يلوح لنا مع تحركات الطوائف والشيع الدينية للبروز بقوة على الساحة السياسة والاجتماعية على نحو تصادمى عنيف ، ذات المشهد ولكن منقلبا على الوجه الاخر للعملة المصرية  ، خطوات ثقيلة فى جنح الظلام ، طرقات عنيفة على الابواب ، تخرس صرخات النسوة ، و....و الخ حتى  لا اطيل على القارئ واكون مثيرة لملل التكرار ، الضحية هو ذات المواطن المصرى ، اما الجلاد هذه المرة هم الاخوانجية ، السلفيين ، الجهاديين .. ومن على شاكلتهم دون مسميات ، فى جلبابهم الابيض وعيونهم التى تتقد غضبا كالجمرات بلا مناسبة ، لتشعر الاخرين انهم خوارج او مرتدين  ، تتوسع دائرة الاتهام فى هذا الوجه الاخر للعملة ،  من عدم الصلاة ، مقاطعة المساجد ،  عدم اطلاق اللحية او ارتداء الجلباب ، عدم ارتداء النقاب او الخمار ، تهمة زيارة الاضرحة ، السكنى بجوار سافرات او متهمات بالسقوط  او حتى تسكينهم بالديار ، وغيرها من تهم اللادينية او اللاتدين الظاهرى من تكفير ووجوب تطهير وتهجير للمتهمين بعصيان الله " طبعا من وجهة نظر اصحاب الجلابيب البيض " الذين يرون فى انفسهم دون غيرهم انهم المتطهرين فى الارض .

العسكرى الاسود خلعه الشعب المصرى بقدرة قادر بعد الثورة ، فعقد الامن صلح التحرير مع الشعب ، وهو صلح نتمنى الا يلعب فيه الامن دور اليهود فى صلح الحديبية فيخونون العهد من جديد ، وتوارت صورة العسكرى الاسود ، مع تفكيك اسطورة امن الدولة ، وتحويل دورها بعيدا عن رقبة المواطن المصرى ،  وحدث ذلك بعد اكثر من 30 عاما ذاق فيها المواطن المصرى الامرين من عدم احساسة بالامان فى بيته خاصة ان كان من عباد الله الصالحين ، فكان كل منهم يترقب فى لحظة ان يساق الى امن الدولة كالذبيحة ، لتمارس على انسانيته اشد انواع المهانة والعذاب .

والان يعيش المواطن المصرى فى بيته ذات احساس " اللا امان " ولكن هذه المرة خشية ان يتهم فى دينة بانه كافرا او منقوصا ، بعد ان استوحش فجأة اصحاب الجلابييب البيض ، فى عهد اطلاق الحريات المشبوه لهؤلاء ،  واعطائهم " الضؤ الاخضر المثير للريبة " لانه يعملوا وينتشروا فى حرية بكل امان لنشر افكارهم واتهاماتهم للشعب ، فهذا كافر ، وهذا صابئ ، وهذا زنديق ، وهذه فاجره ، وهذا وهذا..ّ.قائمة التهم هذه المرة اطول واخطر والعقاب اشد وابشع ..

وبعد ان كان هؤلاء قديما يختبئون من العسكرى الاسود ،  باتوا ينشرون الرعب فى الاحياء والحارات والازقة ، شاهرين سلاح التكفير والتنكيل والتهديد بالويل والثبور ، واهونها انتظار عذاب الاخرة ونار جهنم التى نحن فيها جميعا ملقون ، اذا لم نطع اوامرهم ، ونسير تحت اكمام جلابيبهم ، لنتنسم من رائحة عرقهم اطاييب رائحة الجنة ، ومن ترهاتهم وفتاويهم ذكر الله الحكيم .

وها هم اصحاب الجلابيب البيض بخطواتهم الثقيلة يخرجون فى جنح الظلام يخطفون القبطى فى قنا ويقطعون اذنه ويحرقون سيارته وشقته ، وها هم يخرجون ليلا فى قليوب ويهدمون الاضرحة لبعض المشايخ بالفؤوس والشوم بزعم ان الناس تزور الاضرحة وتتبرك بها تقربا الى الله  ، وان هذا شرك بالله ، رغم ان الدين الاسلامى يعتبر زيارة المقابر ان صح وكانت هذه الاضرحة مقابر لرجالات دين او مشايخ سابقين ، يعتبر الاسلام زيارة المقابر نوعا من العظة وسبيلا لترقيق القلوب ، فمن الذى اوحى لاصحاب الجلابييب البيض ان من يزور قبرا او ضريحا لشيخ ، انه يتخذ من هذا الضريح  قربة لله او واسطة للقضاء حاجة ، هل دخلوا بين قلب المرء وربه ليصدروا مثل هذه الاحكام ، كما ان مجمع البحوث الاسلامية نفسه ادان فعلة هؤلاء من هدم للاضرحة ، فهل مجمع البحوث الاسلامية ايضا كافر ومشرك بالله ،  اما ماذا افيدونا افادكم الله ..

وها هم قادة الصوفية يدخلون صراع المواجهة مع السلفيين للدفاع عن مساجدهم من العنف الذى يمارسه هؤلاء  بطابعهم السياسى الصارم ، ويعلم الله وحده اين ستقودنا هذه المواجهات الدينية التى لم يكن يعرفها المواطن المصرى ، وها هم الشيعة يصعدون من اصواتهم طلبا للحماية ، وفوق هذا وذاك ، يبرز علينا وزير الخارجية نبيل العربى ليعلن دون سابق انذار انه سيسعى لتوطيد العلاقات واعادتها مع ايران ورئيسها احمدى نجاد ، ومع حزب الله فى لبنان ، الامر الذى يعزز المخاوف بان صراع دينى طائفى قادم لمصر بقوة ، وسيغرقها فى مستنقعات من الدماء ، دماء الشعب المصرى الطاهر ناهيك على الفتنة بين المسلمين

والاقباط التى لا تزال تطل علينا كل يوم واخر بنذر الدمار .

والبشرى الذى تهز القلوب وتروع نفوس المصريين الان ، هو فتح الباب لعودة عناصر الجماعات الاسلامية الفارين للخارج منذ اعوام طويلة من العدالة واحكام القضاء الصادرة ضدهم ، ومنها احكام الاعدام والسجن المؤبد ، لتورطهم فى جرائم قتل وغير قتل ، والانباء تشير الى عودة ثلاثة  الاف من قيادات الجماعات الاسلامية ، ممن كانوا يعيشون فى افغانستان ، ايران ، الصومال ،  البوسنه ، وكل اسم دولة من هؤلاء كفيل بان يثير لدينا مخاوف الارهاب الاسلامى والذى يرتكب زورا وبهتانا باسم الاسلام ، فهى دول كان يتم خلالها استقبال هؤلاء واحتضانهم وتدريبهم على كافة انواع القتال والعنف بل الارهاب ، والمجتمع الدولى ومصر تعلم ذلك تماما ، تعلم الكثير عن معسكرات التدريب التى كانت تحتوى هؤلاء ، والذين سيعودون لمصر بتفكير اكثر تطرفا واكثر عنفا ودموية ، جراء ما عايشوه وتعلموه وتدربوا عليه فى معسكراتهم التى تعدهم للجهاد .. الجهاد .. الجهاد ، ولا اعنى بالطبع هنا جهاد التى ادت دورها الفنانة  لبنى عبد العزيز ، لانه لن يكون هناك " سلامه " فى عودة هؤلاء لمصر ، ولكن اعنى الجهاد بمفهومه المترسخ فى نفوس هؤلاء .

ولا اعراف السر وراء جرأة هؤلاء للعودة الان الى مصر ما بعد الثورة ، وما هى دوافعهم للعودة فى هذا التوقيت  ،  وعلى اى اساس او اى صفقة سرية سيعقدونها مع اولى الامن والعدل فى مصر ليعودوا ، وعلى اى سند قانونى سيتم التصالح مع القضاء واسقاط الاحكام ، وهل الاحكام سقطت بمضى المدد ، مع علمى ان الاحكام العسكرية لا تسقط بالتقادم ، ولماذا يعودون فى هذا التوقيت بالذات التى تشهد فيه مصر حراك مشبوه من السلفيين والجماعات المتشدده ، وما هو الطريق الذى تسير اليه مصر الان من تكتل هؤلاء وهؤلاء من اصحاب الجلابيب البيض مكفرى المجتمع المصرى .

اتمنى وغيرى الملايين ، الا نعود مجددا الى عهد الخوف ، عهد الخطوات الثقيلة وطرقات الرعب على ابواب بيوتنا ، وانتزاع الابناء والاباء من فراشهم ، ليس لسجنهم او تعذيبهم ، لا بل لقتلهم بتهم الكفر والصبؤ او غيرها من التهم العظام ، الا نعيش عهدا جديدا من الرعب والخوف بسبب اصحاب الجلباب الابيض كما عشناه فى عهد العسكرى الاسود ، فمن عسكرى اسود لجلباب ابيض يا قلبى بل قل يا شعبى لا تحزن ، لان عهد الجلباب الابيض سيلزمه الف ثورة كثورة التحرير للتخلص من هذا الرعب ، فاقسى واسوأ انواع الرعب يمكن ان يعيشها الانسان تحت ستار الدين ، خوفا ممن يحكمونه او يحاكمونه باسم الدين وفقا لشريعتهم لا شريعه الله .

وانا لا اعتقد ان الشعب المصرى الذى عرف بتدينه الفطرى المعتدل بين شعوب العالم كلها ، لا اعتقد انه كتب عليه ان يعيش متنقلا من رعب الى رعب ، من عهد عسكرى اسود الى عهد جلباب ابيض يشهر فى وجهه السيف او البندقية او حتى الشومة باسم الله ، اعتقد اننا تعلمنا كثيرا من اخطاء الماضى ، ولن ندع احدا يرعبنا او يخيفينا تحت اى اسم ولو كان باسم الدين ،  لاننا نعرف الله ، ولا نحتاج الى من يقودنا بحد السيف الى معرفته ، ولان الله امر رسوله ان يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنه ، وان يذكر لانه ليس على عباد الله بمسيطر ، اللهم بلغت اللهم فاشهد .