عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يا إخواننا.. ثورتنا المصرية شعبية.. لا خامينية

المتأمل في المشهد السياسي الآن، لابد أن يصاب بالاحباط والأسي لما آل إليه وضعنا بعد الثورة، لأنه سيفاجأ بهذا الكم من الفراغ السياسي والحزبي غير المسبوق علي الساحة، فقد تضاءلت الأحزاب التي كانت في عهد مبارك تحاول الظهور والتصدي لهيمنة الحزب الواحد «الوطني»،

وتركت الساحة خالية دون سبب معلوم، وتفرغت هذه الأحزاب لصراعات حنجورية فضائية، أو لتأليب الجمهور هنا وهناك، للتظاهر وإطلاق مطالب غير مدروسة ولا تستند إلي أسس سياسية حقيقية، الأمر الذي جعل الملعب مباحاً للإخوان جماعة وحزباً، وظهرت معها محاولات فصيل من الإخوان يحاول فرض أفكاره علينا، والعودة بنا إلي زمن يذكرنا بعصور أوروبا الوسطي حيث تأليه الحاكم، واعتباره وسيط السماء، وهو العصر الذي نما فيه أخطر تحالف بين الإقطاع والكنيسة، وما يحاول بعض الإخوان فرضه علي المجتمع المصري لا يختلف كثيراً عما عانت منه أوروبا في عصر ما قبل النهضة.
الثورة كان لها فضل علي الإخوان، أخرجتهم من غياهب السجون وسراديب العذاب علي أيدي ضباط أمن الدولة، إلي جماعة تعمل فوق الأرض، انبثق عنها حزب، وهو حزب يجب أن تكون أهدافه سياسية وطنية في المقام الأول حتي وإن كان تحت عباءة دينية، والمؤسف ألا يدرك هؤلاء أن ثورة يناير ثورة شعبية، لا اسلامية خامينية علي غرار الثورة الايرانية «مع فارق الشيعة هناك والسنة هنا»، وأن ثورتنا الشعبية أحدثت نقلة نوعية في نسيج مجتمعنا، نقلة بمقتضاها يجب أن يكون الإنسان مركز الاهتمام الفكري، ومحوراً لخلق روح التغيير والابتكار والتجديد، لبروز إنسان مصري جديد في مجتمع جديد، إنسان ما بعد التغييب الفكري والآدمي والديمقراطي الذي كان سائداً علي مدي 3 عقود مضت.
عليهم أن يدركوا أن الثورة انتجت هذا الإنسان الجديد، وأنهم مطالبون بأن يواكبوا ويتأقلموا مع هذا الإنسان، لا أن يكفروه أو يتصدوا له ولا لمساعيه في التطور الحضاري والديمقراطي، عليهم التعاون مع كل فصائل الشعب بكل طوائفه وتوجهاته الدينية بلا صراع من أجل مصلحة هذا الوطن، أن يتواءموا مع هذا الإنسان المصري الجديد أولاً علي مستوي الأفكار ثم علي مستوي العمل، هذا إن أرادوا لأبناء هذا الوطن العيش معاً في سلام، وذلك بدلاً من سعيهم لفرض أنفسهم علي الواقع الاجتماعي مستغلين الفراغ السياسي والخلخلة الاجتماعية ما بعد الثورة، فلم يعد في حاضرنا المعاصر مكان للفكر الوسيط بين السماء والأرض، والذي يخضع خضوعا مطلقا للتصورات والمعتقدات الدينية دون إعمال الفكر المعتدل، ولم يعد هناك مكان للحاكم بأمر الله، ولا يمكن أن تتحول مصر إلي خامينية علي الطريقة الإخوانية، أي يكون لمصر المرشد الديني الأعلي الذي يأمر الرئيس بأمره، حتي التجربة الإيرانية نفسها أثبتت فشلاً سياسياً واجتماعياً رهيباً، يقودها الآن إلي مغامرة كبري مع العالم الغربي، قد يودي بها إلي نهاية وخيمة، فإيران نفسها تحاول الآن الخلاص من نظام المرشد الأعلي،

وظهرت بها أصوات إصلاحية قوية تهدد البلاد بالانقسام، كما أن النظام الخاميني أدي إلي عزل إيران عن العالم، حتي وإن حاولت التمسح بالقوي النووية، لإظهار قدرتها وقوتها.
علي إخواننا أن يدركوا أننا كشعب مصري متدينين بطبعنا، ولا ينقصنا من يفرض وصايته السياسية علينا باسم الدين، عليهم أن يعلموا أن ثورة 25 يناير، بمثابة العقد الاجتماعي الذي عرفته أوروبا في عصر النهضة، هذا العقد الذي نزع صفة الإجلال والتقديس عن الحاكم، وجعل من الدولة والسلطة مجرد مخلوق صناعي، يصنعه الشعب بإرادته، ليحكم باسم الشعب وليس باسم السماء، هذا العقد الذي عزز أفكار السيادة الشعبية وكفل الحقوق والحريات للشعب وكبح جماح الحكام واستبدادهم، وما أطالب به هو قمة الاحترام للدين الإسلامي وحمايته من التسييس أو المتاجرة به لخدمة الأغراض والمصالح، لأنني أربو بالدين أن يستخدم كمطية لتحقيق أي من هذه المصالح.
لذا علي الإخوان أن يستجيبوا للمطالب الديمقراطية للشعب، أن يعلنوا عن أنفسهم وعن نشاطهم وتمويلاتهم من خلال تحولهم لمنظمة أهلية كسائر منظمات المجتمع المدني، من يعمل في مصلحة هذا الوطن لا يجب أن يعمل في الخفاء دون أطر قانونية تنظم عمله وتراقبه وتخضعه للمساءلة إن أخطأ.. علي الإخوان أن يتركوا الرئيس يعمل من أجل كل المصريين، أن يحرروه من طوق رد الجميل، لأنهم وقفوا خلفه ودفعوه إلي كرسي الرئاسة، فأوباما المنتمي للديمقراطيين يعمل كرئيس لكل الأمريكان، وهولاند المنتمي للاشتراكيين، يعمل كرئيس لمصلحة كل الفرنسيين، ولا يحاول أحدهما فرض أفكار حزبه علي شعبه، ولا يحاول حزبه استقطاب سياسة الرئيس وعمله لمصلحة الحزب فقط علي حساب الشعب، علينا أن نتعلم أول دروس الديمقراطية، أن نقبل الآخر ونحترمه وأن نعمل جميعاً معاً رغم اختلاف أفكارنا وديانتنا ومذاهبنا وتوجهاتنا السياسية، نعمل معاً من أجل مصلحة هذا الوطن المسكين الذي أشبعناه تجريجاً وتمزيقاً، قبل أن يصبح مباحاً لأعدائه دون درع يحميه.
[email protected]