عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إقالة طنطاوي وتوحيد دول مصر الثلاث

رغم أن غالبية الشعب المصري كانت تطالب برحيل المشير حسين طنطاوي واستبداله بآخر ذي فكر وعقلية جديدة تلائم المرحلة، فقد أعطي الرجل كل ما لديه بما له وما عليه، واستوجب عليه الرحيل، إلا أن قرار إقالته علي هذا النحو جاء مفاجأة للجميع، لأنه جاء بعد أيام من تشكيل الحكومة الجديدة وكان يمكن أن يشمل التغيير الحكومي طنطاوي أيضاً، ليخرج الرجل من سلطته بصورة أفضل وأكثر كرامة، إلا إن إقالته علي هذا النحو يبدو أنها متعمدة من قبل الرئيس، لإيصال رسالة واضحة للجميع بأنه وحده صاحب السلطة والقرار،

ولإثبات قدرته الشرعية الدستورية، ومما لا شك فيه أن قرار الإقالة جاء في توقيت سيئ لطنطاوي ووضعه في موقف لا يحسد عليه، فإقالته جاءت في أعقاب جريمة رفح الشنعاء في حق 16 من خيرة ضباطنا وجنودنا، وفي أعقاب المخطط السري الذي تم تسريبه بتهاون الجيش بجانب الأمن في تأمين حضور الرئيس لجنازة شهداء رفح، الأمر الذي اضطر الرئيس إلي العودة من حيث أتي وعدم المشاركة في الجنازة، وهو أمر أحدث ربكة وانتقادات بين الشعب المصري، وقد ابتلع مرسي ردة فعل الشعب، لعلمه ان ما كان ينتظره في الجنازة أمر أخطر من موجة غضب أو استنكار شعبي.
وإقالة طنطاوي خطوة للرئيس مرسي في طريق توحيد دول مصر الثلاث، الدولة الأولي: هي دولة الجيش التي كان يرأسها طنطاوي، وحاول أن يتوج قوتها واستقلاليتها بالدستور المكمل الذي حصن أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة من العزل، وحظر إجراء أي تغيير في تشكيل هذا المجلس ومنحه سلطة التشريع في البلاد، الدولة الثانية: دولة الشرطة، التي عملت في اتجاه غير اتجاه الثورة ومن ثم غير اتجاه الرئيس، فلم تتحرك إلا وهي ومتثائبة متباطئة أمام هجمات الانفلات الأمني والفوضي والبلطجة، وذلك في صورة متعمدة لنلعن الثورة، ومن ثم نلعن اليوم الذي تولي فيه رئاسة مصر شخص آخر غير مبارك.
وتشكل كل من دولة الجيش ودولة الشرطة ضلعي الدولة العميقة، تلك التي ارتبطت بشبكة من المصالح علي مدي العقود الثلاثة الماضية مع النظام ومع الحزب الوطني، وتغلغلت جذورها في أرض مصر لتحقيق تلك المصالح في اتجاه مخالف ومتعارض مع مطالب الشعب وطموحاته، أما الدولة الثالثة فهي دولة الإخوان المسلمين، وهي دولة تحاول فرض نفوذها ووجودها الآن علي الساحة المصرية، وتحاول توجيه خطوات الرئيس أو التأثير عليه ولو من علي بعد، وإن لم يتحقق لها ذلك، فهي علي الاقل تتسبب في إثارة البلبلة والشكوك حول أداء الرئيس في شتي مجالات الحياة، حيث بات المتصيدون من الشعب والفصائل السياسية المتنوعة يرجعون أي قرار للرئيس أو أي إخفاق في تنفيذ القرارات، يرجعونه إلي تدخل الاخوان ومحاولة سيطرتهم علي السلطة في البلاد ولو من وراء الستار.
لذا فخطوة إقالة طنطاوي تعد خطوة جادة من مرسي للبدء في توحيد أو دمج دولة الجيش

داخل الدولة المصرية، وعدم تركها تعمل بمعزل عن الدولة أو بصورة انفصالية، خاصة أن طنطاوي يصنف بأنه رأس الدولة العميقة، كما أنها محاولة من الرئيس لإثبات أنه من حقه ممارسة كل صلاحياته استنادا علي الشرعية الدستورية، ولا يحق لأحد أي كان سحب هذا النفوذ أو تقليصه، ويأمل مرسي من إقالة طنطاوي أن يصبح الجيش ووزارة الدفاع تحت عباءته، ويسير وفقا لإرادته المستندة علي الشرعية الدستورية، وإذا تحقق له ذلك، فإن أمامه دولة الشرطة، التي عليه التعامل معها بنفس منطق «العين الحمراء» إما أن تنفذ قراراته، وتحقق المطالب الشعبية بعيداً عن المؤامرات وسياسة «هز الأكتاف» التي أدت إلي هز هيبة الدولة، والتخلي عن سياسة التغاضي عن كل ما يهدد أمن الشارع المصري التي تنفذها بعض أقطاب الشرطة ورجالاتها لإرضاء الفلول التي وتقف وراء ما نراه من خروج جموع البلطجية هنا وهنا وفي مدينة نصر مسلحين بالعصي، وعلي بعد خطوات يقف منهم رجال الشرطة في لامبالاة تامة، وكأنهم يشاهدون لقطات من فيلم سينمائي يتم تصويرها.
وإذا نجح مرسي في توحيد ضلعي الدولة العميقة، الجيش والشرطة وضمهما تحت جناحه للعمل معه في منظومة واحدة «وهو أمر أستبعد تحقيقه علي أرض الواقع» فإنه يبقي أمام الرئيس ضم دولة الإخوان، لتعمل تحت إمرته، لا أن يعمل هو وفقا لتوجيهاتها، وهي مهمة صعبة وأكثر استحالة من مهمة ضم دولتي الجيش والشرطة، علي أية حال قرار إقالة المشير بهذه الصورة، إنما إعلان جديد للقوة من قبل الرئيس، وأنه صاحب الأمر والقرار، إذ يأتي القرار أيضاً قبل خروج أصحاب الدولة العميقة  في24 الجاري بمليونية للمطالبة بإسقاط حكم الإخوان، ويبقي السؤال، هل هذه الإقالة ستكون بداية النهاية للدولة العميقة، أم ستكون بداية لعهد جديد من الصراعات والاضطرابات في مصر بجانب عهد تصفية الحسابات؟.. إنه سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة وأتمني ألا يدفع شعب مصر ثمن إجابته.
[email protected]