عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البحر وراءكم والعدو أمامكم

«يا أيها الناس أين المفر، البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم فى هذه الجزيرة أضيع من الأيتام فى مأدبة اللئام»، قالها القائد المسلم طارق بن زياد لقواته وهو يقودهم لفتح بلاد الأندلس «أسبانيا حاليا»

ومواجهة «لذريق» ملك القوطيين الشرس، أذكر تلك المقولة وشعب مصر يواجه الآن خيارين لا يختلفان عما قاله بن زياد، أما التقدم والمواجه والتعايش مع واقع «الحرب السياسية والاجتماعية» التى ستكون برسو العطاء على أى من المرشحين المطروحين على الساحة الانتخابية الآن، أو التراجع للوراء حيث البحر والغرق فى بحر «اللاءات» والفوضى والرفض، حيث لن ينجو أحد «فلا عاصم لكم اليوم» كما قال سيدنا نوح.
نعم الشعب المصرى فى موقف لا يحسد عليه على كل المستويات، الداخلية، العربية، العالمية، لأنه لم يعد يعرف إلى أى منقلب منقلبون، نعم لكل مرشح مؤيديه المؤمنين بأفكاره وبرنامجه وشخصيته، لكن السؤال هو، أغلبية الشعب الآن مع من، ومن هو الرئيس الذى يناسب هذه الأغلبية الآن بكل طوائفها وتوجهاتها، ويناسب تلك المرحلة التى تعد تتويجا لثورة شعب بذل فيها دماء أبنائه الأبرار، من الرئيس الذى يناسب مصر على مستوى احتياجات البسطاء والفقراء، الذى يتمتع بخبرة وقدرة سياسية تمكنه من إعادة تدوير المعطيات المصرية المحدودة لتقديم أفضل النتائج فى أسرع وقت، الرجل المناسب لعلاقات مصر الخارجية العربية والغربية، علاقات نحتاج فيها إلى الدعم والتعامل بندية وليس من باب الاحتياج والخنوع والمذلة، من هو من الاثنين المتنافسين فى جولة الإعادة يتناسب مع كل هذا، وقد بدأت أولى الكوارث تضرب مصر عبر خسائر البورصة التى منيت يوم الأحد الماضى بأكبر خسارة 3.5% منذ شهرين مضيا نتيجة للمخاوف من نتائج الانتخابات الرئاسية، فيما يخشى المستثمرون من عدم الاستقرار فى الفترة القادمة بسبب حرب تكسير العظام المرتقبة بين متنافسين يقفان على طرفى نقيض.
إن ما وصلت إليه مصر الآن هو نتاج لأخطاء فئات من الشعب نفسه، تلك الفئات التى أحجمت عن الخروج للإدلاء بصوتها فقدانا للأمل بعد أن شعرت أن الثورة قد سرقت أو ضيعت، فنسبة التصويت لا تتناسب أبدا مع الطموح الذى علقناه جميعا على الثورة وعلى رهان التغيير السياسى وتحقيق الديمقراطية، ويجب الاعتراف أن فرحة الإطاحة بمبارك قد انتهت مع ما وصلنا له الآن، ولعل أكثر ما أذهل الشعب هو الصعود المفاجئ لشفيق وتقدمه مع مرسي، رغم أن كثيرين يرون فى شفيق نسخة من نظام مبارك، مما أعطى صعوده غير المتوقع فرصة للتأويلات والتفسيرات، كدعم الفلول له، أو وقوف العسكر وراءه، وأياً كانت الحقائق، فإن الأمر الواقع قد يفرض على فئات لا بأس بها من الشعب التعلق بشفيق لعمل موازنة مع هيمنة الإخوان على مجلسى الشعب والشورى، وأيضا المجالس

المحلية، على رأس هؤلاء الأقباط، العلمانيين والليبراليين، إذ سيجدون فى شفيق طوق نجاة من الإسلاميين، لذا فوز شفيق فى الجولة الثانية لن يكون من أجله هو شخصيا ولا من أجل أيديولوجيته أو أفكاره وانتماءاته، ولكن لأنه بديل وحيد عن رئيس إسلامى تتخوف فئات لا بأس بها من الشعب من قدومه، حتى لا يكرس هيمنة الإسلاميين على المشهد السياسى المصرى بكل جنباته، إذ يسود الاعتقاد أن شفيق شخص قوى سيتصدى للإسلاميين بكل شراسة.
الموازنة صعبة، والمرحلة المقبلة أخطر مما مضت، فكيف سيتعامل شفيق حال فوزه مع التيار الإسلامى، هل ستوافق أم يختلف، وهل سيدفع الشعب المصرى وحده ثمن تلك الخلافات المرتقبة حال فوزه، والشق الثانى، كيف سيكون حال مصر حال فوز مرسى، عندما يصبح الإخوان اللاعب الوحيد فى الساحة بلا منافس أو معارض قوى حقيقى.
كل ما يمكننى قوله إن شباب الثورة الذى خرج للتحرير، هو نفسه الذى تسبب بصورة كبيرة فى ضياع فرحة عرس الانتخابات لعدم تواجده بقوة لترجيح كفة مرشح آخر غير شفيق ومرسى، فلو تواجد شباب الثورة فى الساحة، وقاموا بعمليات التنوير للفئات البسيطة والأمية من الشعب المصرى لتبصيره ولا أقل توجيهه لاختيار المرشح الأنسب، لما وقفنا الآن هذا الموقف العصيب بين خيارين أحلى ما فيهما مر، وإن استمر شباب الثورة فى هذا العزوف عن المشهد الانتخابى فى جولة الإعادة، فسيتسبب للمرة الثانية فى ضرب الثورة، ولكن فى مقتل حقيقى هذه المرة، لن أطلب من أبناء مصر اختيار هذا أو ذاك، بل سأطلب منهم تحكيم عقولهم وتغليب مصلحة مصر أولا مع خروجهم للتصويت فى الجولة الثانية، كما أدعو من الله أن يهبط علينا بمعجزة لإنقاذ مصر مما هو قادم، لأن القادم أصعب واقسى، رحم الله طارق بن زياد، فحقا يا شعب مصر البحر وراءكم والعدو أمامكم.
[email protected]