رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيدى الرئيس أريدك مثل «بائع الموز» هذا..!

اليوم صباح مختلف غير كل «الصباحات» صباح إما سيحمل لنا إشراقة انتظرناها طويلا، أو انتكاسة لحلم الديمقراطية، اليوم صباح سهرت ليلته مصر كلها ولم تنم، وسهر كل مع ليلاه، مرشحو الرئاسة باتوا على الخطط الاستراتيجية لتوزيع المندوبين والمراقبين فى أرجاء البلاد

لإحكام قبضتهم على أكبر كم من أصوات الشعب بكل الوسائل، المنتفعون من الدعاية الانتخابية باتوا متوترين فى انتظار نتائج ما تفتقت عنه أذهانهم من وسائل دعائية وقد قبضوا الثمن مسبقا وينتظرون الأكثر حال الفوز، الشرطة والجيش باتت فى انتظار ساعة الصفر للتأمين، الفلول باتت فى وضع «الرتوش» الأخيرة لخطط إثارة الفوضى وإفساد «لحظة» الديمقراطية، القضاة وأعضاء اللجان الانتخابية قضوها فى أرق خشية المفاجآت غير السارة داخل اللجان، الاحزاب والمشتغلون بالسياسة والمثقفون قضوها فى تكهنات حول شخصية الفائز، عامة الشعب قضاها منقسما موزعا بين مؤيد لهذا أو ذاك، الفقراء المهمشون، قضوها فى انتظار ما ستجود به أيادى المرشحين فى اللحظات الأخيرة من سمن وسكر وزيت، وفئة منهم قضت ليلتها على الطوى فلم ينلها من أهمية الحدث ولا ضجيجه حتى «الرذاذ».
اليوم صباح مختلف، سيختار الرئيس فيه الرئيس، والرئيس الأول أعنى به الشعب الذى بات أو هكذا اعتقد أنه أصبح  رئيس «جمهورية نفسه» بعد الثورة، وأن الكلمة صارت كلمته، وهذا ما ستتضح معالمه أو تتشوه للأبد مع نتائج الانتخابات، نتائج قد تكون مؤشرا لانتصار الثورة، أو تخيب الآمال وتشعرنا بأننا خدعنا خدعة كبرى، نعم أنا متوجسة، وأتمنى أن تنتهى الانتخابات على خير ويأتى رئيس اختاره أغلب الشعب بصورة فعلية بكامل الإرادة، بدون أى تزوير لهذه الإرادة، ومشفقة فى نفس الوقت على الرئيس المرتقب مما ينتظره، مشفقة عليه لأنه سيكون تحت مكبرات الصورة والصوت فى الداخل والخارج، سيسير على صفيح ساخن بل ملتهب، وعلى ظهره تركة مثقلة من رئيس سابق قام بهدم كل تفاصيل الحياة المصرية، وعلى الرئيس الذى اختاره القدر ليقودنا قبل اختيارنا فى أصعب مرحلة بتاريخنا، عليه أن يكون مثل بائع الموز هذا، وإلا ستكون فترة رئاسته وبالا عليه وعلينا.
وبائع الموز يا سادة هو الماليزى «مهاتير محمد»، فعندما تسلم مهاتير قيادة بلاده، كان أغلب سكانها حتى عام 1981 يعيشون بالغابات يزرعون المطاط والموز ويصطادون الأسماك، متوسط دخل الفرد أقل من مائة دولار سنوياً، تتنازع الشعب الصراعات دينية «18 ديانة»، وجاء مهاتير الذى نشأ فى بيئة فقيرة، فقد كان والده مدرس ابتدائي راتبه لا يكفي لشراء «دراجة» يذهب بها «مهاتير» للمدرسة، فاضطر الولد للعمل كبائع «موز» ليحقق حلمه، حتى دخل كلية الطب في سنغافورة، ومن طبيب إلى عضو مجلس الشعب إلى وزير للتعليم ثم مساعداً لرئيس الوزراء فرئيسا للوزراء، ومنذ اللحظة الأولى، رسم مهاتير خريطة لمستقبل بلاده  حدد فيها الأولويات والنتائج  التي عليه تحقيقها فى خطة عشرية «10 سنوات»  وكان التعليم والبحث العلمي على رأس الأجندة، فخصص أكبر

قسم في موازنة الدولة للتدريب وتأهيل الحرفيين، محو الأمية، تعليم الإنجليزية، البحوث العلمية، وأرسل الآلاف فى بعثات بأفضل الجامعات بالخارج، تقشف فى موازنة «الجيش» وألغى مظاهر الترف والإنفاق على  القصور ودواوين الحكومة وتكاليف الحفلات والتهاني والتعازي والهدايا، اطلع الشعب بشفافية على نظام المحاسبات فى الدولة وطبق بشدة مبدأ الثواب والعقاب على إنفاقات الدولة.
وزراعيا نفذ مع شعبه خطة غرس مليون شتلة «نخيل زيت» في أول عامين لتصبح ماليزيا أولى دول العالم في إنتاج وتصدير «زيت النخيل»، وسياحيا حول المناطق المهجورة كالمعسكرات اليابانية من مخلفات الحرب العالمية الثانية إلى مناطق سياحية وأنشطة ترفيهية ومدن رياضية ومراكز ثقافية وفنية، وفي الصناعة أرسى منظومة شاملة لتصنيع الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية، وفتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية، وأنشأ البورصة التي وصل حجم تعاملها اليومي إلى ألفي مليون دولار يومياً، وبنى أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض، أنشأ عاصمة إدارية ‏ بجانب العاصمة التجارية «كوالالمبور» ليخفف الضغط عن العاصمة، لم يتخوف مهاتير من إسرائيل التي لا تعترف بها ماليزيا للآن ولم يخضع للعولمة الغربية بمساؤها، ولم يعتمد على معونات أمريكية أو أوروبية، بل اعتمد على الله، ثم على إرادته وسواعد شعبه.
لقد استطاع من كان بائعا للموز أن يخلق بلده من جديد وقفز بها الى مصاف البلدان المتقدمة فوصل دخل الفرد إلى 16 ألف دولار سنوياً ولم يتعلل بأنه تسلم بلاده مفككة فقيرة مشتتة، وفي عام 2003 قرر أن يترك كرسى الحكم بإرادته بعد أن أرسى القواعد لمن خلفه، كخارطة طريق أطلق عليها «عشرين .. عشرين» والتى ستصبح بموجبها بلاده فى عام  2020 رابع قوة اقتصادية في آسيا بعد الصين، اليابان، والهند. المثير أن مهاتير محمد اعترف فى كلمة ألقاها بمكتبة الإسكندرية حين زار مصر ذات مرة، أنه استوحى النهضة الشاملة لبلده من أفكار النهضة المصرية على يد محمد علي.